ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 20/01/2012/2012 Issue 14358

 14358 الجمعة 26 صفر 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

هناك من الناس شخصيات تذوب في حب من تعشق، فتتقمّص أقوالهم وكتاباتهم وأحوالهم حتى وكأن الرائي والسامع لهؤلاء العُشاق يرى مكان المحبوب ويسمع له وقد تلاشت أمامه حُجب الزمان والمكان. ولكن يا ويح العُشاق، فالحقيقة ليست كالخيال.

إن من نشأ على كتب ورسائل إمام التوحيد وأئمة الدعوة النجدية من أمراء آل سعود ومن آل الشيخ ومن تبعهم بإحسان، لا بد أن يُدركه عشق لهم وهيام بهم. فلا ينفك المحب الواله إلا وقد خلق لنفسه بيئة ومحيطاً خارج الزمن الذي يعيش فيه. فتراه يطير بروحه وفكره إلى مساجد الدرعية، ليعيش عصر الدعوة المباركة الأولى، وقد اخترق حُجب الزمن في رحلة عودة عبر القرون السالفة. فإذا هو يجلس بعد صلاة الفجر إلى الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود وهو يُبحر - متكئاً على سارية المسجد- في علوم الشرع من عقيدة وفقه فكأنما هو جالس بين يدي ابن تيمية، وينصت إلى وعظه فكأنها رقائق وصوفيات ابن القيم، ويسمع أخبار غزو الإمام وانتصاراته فكأنه في المسجد النبوي يتلقى بشائر الفتح الأولى. فإذا به يجد نفسه مدفوعاً بهذا الحب والذوبان في شخصياتهم، لأن يتلبس لباسهم ويتبنى آراءهم ويحفظ أقوالهم، ويقلّد فقههم واجتهاداتهم. والتقليد والحفاظ على النفوذ هو داء حركات التجديد الذي إن لم يقتلها أصابها بالشلل.

الدعوة السلفية دعوة قوية صافية بسيطة تجديدية، ولذا بدأت الدول تتسابق عليها لاحتضانها في هذا الزمن المتجدد المتغيّر، فاليوم لا يحمي الدين إلا دعوة سلفية متجددة. حُضن الدعوة السلفية لا أرض له. فهي وإن بزغت من مكة، لكن المدينة احتضنتها. ثم تنقّلت عبر العصور بين ديار المسلمين، شاماً ويمناً وكنانةً وعراقاً. أكان ذلك احتضاناً لها من دول وممالك، أو كان في صورة جهاد في سبيلها من علماء، حتى استقرت في أحضان الديار السعودية. وليس من البر بها هجرانها بترك صيانتها وتجديدها. فهي إن لم نستدركها بالتجديد والتصحيح، ستغادرنا شئنا أو أبينا إلى غيرنا. وهي وإن كانت دين الله للعالم قاطبة، إلا أن الإمامة في الدين هي أعظم الشرف والمكانة فبها كرم الله الخليل إبراهيم وهي دعوة إبراهيم للذرية {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي} سورة البقرة (124).

جاء تعيين الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ أول بشارة من بشائر العزم على تجديد الدعوة السلفية. فالرجل غيور على الدعوة السلفية مثله مثل غيره من أبناء هذه الدعوة المباركة، ولكنه مدرك أن الغيرة الحق هي في إحياء روح الدعوة لا إماتته، فروح الدعوة السلفية هو التجديد. ابن الشيخ غيور كغيره من أبناء الدعوة السلفية ولكنه يعلم أن الحسبة في الأسواق زمن السلف كانت على منع الغش والظلم والتطفيف، وما كانت قط بمطاردة حركات النساء ومراقبتهن. وابن الشيخ يعلم أن الحسبة عند السلف كانت بالأخذ على يد من يقذف أعراض المسلمين، لا في اتهامهم وفي تعقّب عثرات المسلمين وملاحقة عوراتهم.

تصحيح مسار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المأمول على يد الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ هو من بشائر بدايات تجديد الدعوة السلفية التي جمدها التقليد، وحجر فكرها إبعاد المخالف وتقريب الموافق.

في أمريكا يُعظم الأمريكان أجدادهم المؤسسين. ولا تسمع هامساً منهم ينتقص منهم لاستعبادهم العبيد ولعنصريتهم ضد المرأة، أو لأمورهم التي أصبحت هي عندهم اليوم مستنكرة ومستقبحة، فلكل زمان رجاله وسياساته. وما كنا لنرى الأمريكان على حالهم من تعظيم أجدادهم المؤسسين، لو أنهم جمدوا على فروع آراء أجدادهم المؤسسين. واليوم نجد أن بعضنا قد خلط بين الدعوة السلفية وبين الجمود الذي طرأ عليها، فجعل من الأمريكان خيراً منه. فهم - أي الأمريكان- يُعظمون أجدادهم المؤسسين، وبعضُنا يعتُب على أجدادنا المؤسسين بخلطه لما يراه من جمود الدعوة السلفية، ولكن المسكوت عنه هو: خطأ من هذا الخلط؟

فيا ابن الشيخ: تجديد الدعوة السلفية يجب أن يكون من أولويات مهمات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتكون مثالاً يحكي جانباً من تجديد الدعوة السلفية دعوة الآباء والأجداد المؤسسين.

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem
 

المسكوت عنه
يا ابن الشيخ: واجب الهيئة تجديد السلفية
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة