ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 24/01/2012/2012 Issue 14362

 14362 الثلاثاء 01 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

دوليات

 

كوريا الشمالية: المخاطر أَم الوعود؟
خافيير سولانا

رجوع

 

بعد يومين من وفاة زعيم كوريا الشمالية كيم يونج إل في قطار داخل بلاده، لم تكن السلطات في كوريا الجنوبية على علم بوفاته بعد.

وفي الوقت نفسه بدا المسؤولون الأمريكيون في حيرة من أمرهم، حيث اكتفت وزارة الخارجية في مستهل الأمر بالإقرار بأن تقارير صحافية تحدثت عن وفاته.

والواقع أن عجز أجهزة الاستخبارات في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة عن التقاط أي إشارة إلى ما حدث يدلل على الطابع المبهم الذي يتسم به النظام في كوريا الشمالية، ولكنه يشير أيضًا إلى وجود أوجه قصور في هذه الأجهزة.

إن الطائرات والأقمار الصناعية الأمريكية تراقب كوريا الشمالية ليل نهار، هذا فضلاً عن معدات جمع المعلومات البالغة الحساسية التي تغطي الحدود بين الكوريتين.

وبالرغم من هذا فإننا لا نعرف إلا أقل القليل عن هذه الدولة، لأنَّ كل المعلومات الحيوية مقصورة على مجموعة صغيرة من القادة المهووسين بالسرية.

إن تغيير الزعامة في كوريا الشمالية يحدث في أسوأ وقت ممكن. فمن المعروف أن قادة الصين كانوا يأملون أن يظل كيم يونج إل على قيد الحياة فترة كافية لحشد الدعم بين الفصائل المختلفة في البلاد لخلافة ابنه كيم يونج أون.

والواقع أن كل ملامح السلطة الرمزية انتقلت إلى كيم يونج أون بسرعة ملحوظة - الأمر الذي انعكس في موضعه الرسمي في مراسم الجِنازة، ورئاسته للجنة العسكرية، وتوليه أعلى رتبة في الحزب الحاكم.

ولكن مثل هذه المظاهر لن تعمل على تيسير عملية انتقال السلطة بالنسبة لهذا الشاب الذي لم يتجاوز الثلاثين ربيعًا بعد في مجتمع، حيث يتمتع القادة العسكريون المخضرمون بقدر عظيم من القوة والسلطة.

ويشكل الوضع الاقتصادي الذي لا يزال بالغ الهشاشة تحديًا رئيسًا آخر، حيث يعيش العديد من الناس على مقربة من الموت جوعًا. ويكفي أن نذكر مثالين لتوضيح مدى سوء الوضع: فقد ارتفع سعر الأرز إلى ثلاثة أضعاف، في حين انخفض استهلاك الطاقة الكهربائية بمقدار الثلثين عمّا كان عليه قبل عقدين من الزمان.

تتلخص ذكرياتي الشخصية عن كوريا الشمالية، التي ترجع إلى عشرة أعوام، في كونها دولة فقيرة ومحبطة. فكانت بيونج يانج العاصمة مظلمة وموحشة، ولا يضيء شوارعها سوى أنوار الموكب الذي يحملنا من السكن الرسمي إلى دار الأوبرا، لكي تعود إلى سابق ظلمتها مِن خلفنا.

ولقد استقبِل كيم يونج إل بنفس الحماس عندما دخل دار الأوبرا الذي يحمل اليوم علامة الحداد العام على وفاته.

كانت رحلتي هذه في أبريل - نيسان من عام 2002م، وكان ذلك الوقت مشربًا ببعض التفاؤل، حيث انضم الاتحاد الأوروبي آنذاك إلى الاتفاق الذي أبرم بمبادرة من الكوريتين والولايات المتحدة في إطار برنامج منظمة تنمية الطاقة الكورية، وكان الهدف منه إقناع كوريا الشمالية بتجميد ثم تفكيك برنامجها النووي.

وفي المقابل كان من المفترض أن يتم بناء مفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف لتوليد الطاقة الكهربائية، هذا فضلاً عن توريد 500 ألف طن متري من النفط سنويًا لكوريا الشمالية إلى أن يبدأ تشغيل المفاعل الأول.

والحق أن الاتحاد الأوروبي بدأ في ذلك الوقت برنامجًا واسع النطاق للمساعدات الإِنسانية.

وبدت المحادثات مع كيم يونج إل ومعاونيه واعدة. ولكن من المؤسف أن الاتفاق لم يدم طويلاً.

ففي عام 2003م، انسحبت كوريا الشمالية من معاهدة منع الانتشار النووي. ومنذ تلك اللحظة ضاع كل التفاؤل، إلى أن استؤنفت الاتصالات في وقت لاحق في إطار المحادثات السداسية المعقدة (بمشاركة الصين وروسيا والولايات المتحدة واليابان والكوريتين) التي استمرت صعودًا وهبوطًا حتى نهاية عام 2007م.

ومنذ الحادثتين البحريتين في عام 2009 ثم في عام 2010م، حيث شنت قوات كورية شمالية هجومًا على أصول كورية جنوبية، انقطعت الاتصالات تمامًا بين الجانبين.

ونظرًا لسلوك كوريا الشمالية على مدى العقد الماضي، فإن التغيير المفاجئ للقيادة من شأنه أن يزيد من خطر وقوع حوادث غير متوقعة.

ومن أجل الحد من المخاطر فمن الأهمية بمكان الحفاظ على علاقات شفافة مع الصين قدر الإمكان. فالصين هي الدولة الأقدر على إقامة اتصال مباشر مع الكوريين الشماليين، وهذا من شأنه أن يحفز استئناف المحادثات السداسية.

إن الصين تدرك أن كوريا الشمالية من غير الممكن أن تستمر على هيئتها الحالية، ولا شك أنها تود لو ترى حكامها وقد حوّلوا الاقتصاد من دون التعهد بأي تغيير سياسي كبير. ولكن هل هذا في الإمكان حقًا؟ وهل من الممكن أن يتم هذا بالسرعة الكافية لتعزيز ثقة اللاعبين الإقليميين الآخرين في القدرة على التنبؤ بالتطورات التي قد تطرأ على البلاد؟

إذا تحدثنا عن الصين، فإن المشكلات يتم الحكم عليها وفقًا لتاريخ الصين ذاته ومن منظور السياسة المحلية - ويصدق هذا بشكل خاص كلما اقتربت المشكلة من حدودها.

أما بالنسبة للغرب، وخصوصًا الولايات المتحدة، فإن كل مشكلة لا بد وأن تُحَل في غضون فترة زمنية محددة.

وفي حين تعمل الولايات المتحدة على تحليل المشكلات وتحاول إيجاد الحلول لكل جزء على حِدة، فإن الصين تنظر في المشكلات بروّية، وباعتبارها عملية مطولة قد لا يكون لها حل. وإذا ذهبنا إلى ما هو أبعد من المحادثات السداسية فمن الضروري أن نخلق الإطار الذي قد ينشأ عنه حوار تعاوني بين الولايات المتحدة والصين.

وفي حالة كوريا - كما يذكرنا كريستوفر هِل، وهو واحد من أكثر المفاوضين الأمريكيين مقدرة في مثل هذه الأمور - فيتعين على الولايات المتحدة أن توضح بما لا يدع مجالاً للشك أن أي حل لشبه الجزيرة المقسمة لن ينطوي على أية خسارة إستراتيجية بالنسبة للصين.

فبعد الهدنة التي أنهت الحرب الكورية في عام 1953، تم تحديد خط العرض 38 باعتباره الحد الأقصى لوجود القوات الأمريكية؛ ولا ينبغي أن ننسى أهمية هذه الحرب بالنسبة للصين.

ولعل هذا النهج يمثل أحد السبل لتعزيز الاستقرار في المنطقة أثناء هذه الفترة التي تتسم بقدر هائل من عدم اليقين. وقد تتفتح سبل أخرى.

والواقع أن الانفتاح الذي نشهده الآن في ميانمار (بورما) يدل على أن أي تغيير سياسي كبير محتمل لا ينطوي بالضرورة على إحداث حالة من عدم الاستقرار في المنطقة.

وفي حالة كوريا الشمالية، حيث يشتمل الأمر على أسلحة نووية، فلا أحد بوسعه أن يتحمل تكاليف عدم الاستقرار.

خاص بـ(الجزيرة)

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة