ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 29/01/2012/2012 Issue 14367

 14367 الأحد 06 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

* انتقل إلى رحمة الله تعالى؛ السيد (حسين بن علي بن مصطفى المحضار)، عن عمر ناهز الخامسة والسبعين عاماً، ودفن في مكة المكرمة يوم الجمعة الموافق للسادس والعشرين من شهر صفر المنصرم. غفر الله له ولكافة أموات المسلمين.

* ومن كان قد ولد وعاش في الطائف، أو كان يرتادها ويصطاف فيها من الأدباء والمثقفين والإعلاميين من عموم المملكة، فهو يعرف السيد حسين المحضار جيداً، لأنه جزء أساس من ثقافة الطائف وتاريخها، ولأنه علم من أعلامها طيلة خمسين عاماً مضت، فقد ازداد رحمه الله في عام 1939م في دوعن قارة المحضار بحضرموت، ثم انتقل في صباه وعاش سنوات في إندونيسيا، ووصل بعد ذلك إلى الطائف في عام 1372هـ، ليستقر فيها بقية حياته، إذ ما لبث أن تسلم إدارة مكتبة الثقافة من مسئولها بالطائف المرحوم (عبد الرزاق بن محمد سعيد كمال)، ثم ظل يديرها لأكثر من أربعة عقود، فكان السيد حسين المحضار رحمه الله، بمثابة المرجعية المعرفية- ثقافية وأدبية وإعلامية- لجيل كامل في الطائف، يوم كانت مكتبة الثقافة- التي هي فرع وامتداد لمكتبة الثقافة الذي أسسها المرحوم الشيخ صالح بن محمد جمال بمكة- قبلة للأدباء والمفكرين ومحرري الصحف، فقد كانت هي الوكيل الإعلاني الوحيد، والموزع الوحيد لكافة صحف ومجلات المملكة ولبنان ومصر والكويت وغيرها، وكان السيد رحمه الله، يتولى توزيع الصحف والمجلات مبيعات واشتراكات بسيارة ونيت صغير يقودها بنفسه، وظلت الثقافة والمحضار، الوجه المشرق للطائف، حتى إذا ما جاء الصيف، اكتضت مكتبة الثقافة بالأدباء والكتاب والإعلاميين من مكة المكرمة وجدة والرياض وغيرها، ويتحلق الجميع على كراسي خشبية حول مكتب السيد المتواضع في نهاية المكتبة في باب الريع بطرف سوق الخضار من جهته الجنوبية.

* وجوه كثيرة، وقامات كبيرة تعرف مكتبة الثقافة بالطائف، وتعرف السيد المحضار: الأخوان صالح وأحمد جمال، وعبد السلام الساسي، وأحمد السباعي، وعبد القدوس الأنصاري، والسيد علوي مالكي، ثم محمد علوي مالكي، وعبد الله بن خميس، وحمد الجاسر، وغيرهم كثير، أسماء لا تحضرني الآن؛ كانت تنتظم في هذه المكتبة بشكل شبه يومي صائفة كل عام، فيما يشبه الندوات الثقافية التي لا يشبهها إلا ملتقيات مكتبة الشيخ محمد سعيد كمال، ومكتبة السيد محمد المؤيد. رحم الله الأموات منهم، وأطال في عمر الباقين.

المرء ما دام حياً يستهان به

ويعظم الرزء فيه حين يُفتقد

* إذا ذُكرت الطائف، تُذكر معها مكتبة الثقافة ومديرها الخلوق السيد حسين المحضار، وإذا ذكرت حركة الكتب والنشر والأدب والثقافة في سنوات خلت، فتذكر مكتبة الثقافة، ثم تذكر مكتبة المعارف لصاحبها المؤرخ والناشر الشيخ محمد سعيد كمال رحمه الله، ثم مكتبة المؤيد وصاحبها الشيخ محمد المؤيد رحمه الله، ومكتبة المعرفة وصاحبها علي مالك، ومكتبة الجيل وصاحبها المرحوم حمدان بن حمود، ومكتبة الأديب محمد الزايدي، ثم ذلك الكتبي العجيب الفريد السيد علي، الذي كان يعرض مبيعاته من الكتب المستعملة على الأرض في غالب الأحيان. كان ذلك في عمارة السبيعي بجوار سوق الملطاني، ثم انتقل بكتبه المستعملة إلى دكان بحي الشرقية حتى توفاه الله. رحمه الله رحمة واسعة، فالسيد المحضار؛ كان من أشهر هؤلاء الكتبيين الكبار الذين عرفتهم الطائف في النصف الثاني من القرن الميلادي الفارط.

* امتاز السيد حسين المحضار؛ بدماثة الخلق وطيب المعشر، وكان يعطف علينا نحن صغار المحررين في الصحف في تلك الفترة، فهو أب روحي ومهني لعدد كبير من الذين كتبوا في صحف مثل الندوة، وعكاظ، والمدينة، والرياض، والجزيرة، والبلاد، ومجلة المنهل، وغيرها. كنا نبعث بموادنا عن طريقه، ونستخدم هاتف المكتبة الآلي، ونأخذ نسخنا من عنده، وكذلك مكافآتنا وما يصل إلينا من رسائل، والصحف والمجلات، وكذلك الكتب التي نقتنيها من مكتبته. وكان رحمه الله قمة في تعامله وتعاونه وحتى توجيهاته، وأزعم أن جيلاً من الأدباء والمثقفين اليوم، يدينون لأبي صالح بالفضل، ويحزنون لفقده، ويدعون له بالقبول عند رب العزة والجلال.

موت التَّقي حياة لا نفاد لها

قد مات قوم وهم في الناس أحياء

* ينتسب الفقيد رحمه الله، إلى بيت أدب وعلم وفضل وزهد، وأثناء وجوده في إندونيسيا، أتقن اللغة هناك، فكنت أسمعه وهو يمازحنا ويتحدث معنا على الطريقة الجاوية، وعاش حياته كتبياً من الطراز الأول، بل كان أديباً حتى لو لم يكتب في الأدب، فكثيراً ما كان يرشدني – كما يفعل مع غيري- إلى كتاب جيد، أو دورية مناسبة، أو يهديني من بعض ما يصله من كتب ودواوين شعرية، أذكر منها ديوان الشاعر الكبير (حسين أبو بكر المحضار)، صاحب الكلمة الرقيقة، والأشعار العاطفية المغناة، الذي صدح بها عدد كبير من الفنانين، مثل الفنان محمد عبده، والفنان أبو بكر سالم بالفقيه، وشعراء كثر من المملكة واليمن.

لقد فقدنا بموت أبي صالح؛ أباً حنوناً، ورجلاً شهماً نبيلاً، محباً لكل الناس، ومحبوباً من كل الناس.

وقد فارق الناس الأحبة قبلنا

وأعيا دواء الموت كل طبيب

سبقنا إلى الدنيا، فلو عاش أهلها

منعنا بها من جيئة وذهوب

تملكها الآتي تملك سالب

وفارقها الماضي فراق سليب

* لا نملك اليوم سوى الدعاء للفقيد بالرحمة والغفران، ثم نعزي أنفسنا، ونعزي كافة أسرته وذويه، ونقول لابنه صالح ولكافة أفراد الأسرة:

إنا نعزيك لا أنَّا على ثقة

من الحياة، ولكن سنة الدين

فما المعزَّى بباق بعد ميِّته

ولا المعزِّي، ولو عاش إلى حين

* إنا لله وإنا إليه راجعون.

assahm@maktoob.com - Assahm1900@hotmail.com
 

رحيل (المِحضَار) أشهر (الكُتبِيّين الكِبار)..
حمّاد بن حامد السالمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة