ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 31/01/2012/2012 Issue 14369

 14369 الثلاثاء 08 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

كلمة ديناصور دائماً تثير الخيال والتشويق، ولعل السبب حجم هذه الكائنات بالغة الضخامة. وأعتقد أن كلمة «ديناصور» بمجرد أن تُذكَر فإنها تثير في الذهن صورة التيراناصور، وهو آكل اللحوم ذو اليدين الصغيرتين والفكين الكبيرين والماشي على قدمين، حتى صار هو رمز الديناصورات عند معظم الناس، والتيراناصور رغم أنه ليس أكبر ديناصور إلا أنه عملاق، فيصل ارتفاعه 12 متراً أي مبنى من 3 طوابق، ووزنه إلى قرابة 7 طن أي مثل 5 سيارات أكورد. وعندما تنظر إلى صور لرأس التيراناصور فإن أول ما يستوقفك هو حجم فكه الهائل، فترى فكين مليئين بأسنان حادة كبيرة وتنبهر لما تحاول تصور القوة الهائلة لعضة هذا الفك، خاصة عندما نقارنها بفكنا الصغير الذي يمكن أن يعض بقوة 9 كيلوغرامات في السنتمتر المربع، وسنشير لهذه الوحدة بالرمز كغ/سم مربع. ما معنى هذه الوحدة؟ إنها وحدة لقياس الضغط، ضغط جسم على مساحة معينة. للتقريب تخيل عموداً صغيراً وزنه 10 كغ ومساحة قاعدته 1سم في 1 سم. لو وضعتَ هذا العمود على إصبعك لشعرت بضغط كبير، ولكن تخيّل أننا صهرنا العمود وحوّلناه إلى صفيحة مساحتها 30 سم مربع ثم وضعناها على ظهرك، حينها ستشعر بضغط أخف بكثير، لأن الوزن توزع وصار كل سم مربع من جسمك يتحمّل وزناً أخف. لكن تخيّل أن كل سم مربع من الصفيحة وزنه 10 كغ، هذا يعني أن ظهرك سيئن تحت وطأة جسم وزنه 300 كغ!

لعل هذه المعلومات تقرّب الفكرة وتجعلنا نحاول تخيّل قوة عضة التيراناصور. لكن الحقيقة أننا لا نحتاج أن تتخيّل لأننا نعرف بالضبط قوة عضة هذا الوحش العملاق، ذلك أن فريقاً من المنقبين وجدوا آثار ديناصور كان فريسة للتيراناصور، وفي تجربة فريدة بثتها قناة ناشنل جيوغرافيك فحص العلماء العظم وعمق العضة داخله ووصلوا إلى مدى قوة عضة التيراناصور: 421 كغ/سم مربع! رقم فلكي. لو فرضنا أنه غرس أنيابه في رقبة فريسة في مساحة قدرها الإجمالي 16 سم مربع فهذا يعني أن رقبة الفريسة كأنها أصابتها قذيفة حادة وسريعة وزنها أكثر من 6 أطنان ونصف!

قوة خرافية لا يمكن أن نقترب منها، ولكن يجدر التنبيه إلى أنه رغم صغر حجم الفك البشري إلا أن العضة البشرية قوية جداً بالنسبة إلى هذا الحجم الصغير، وتستطيع إذا عضضت شخصاً أن تبتر إصبعه! لهذا تجد أن العض دائماً ممنوع في الرياضات القتالية حتى التي تسمح بضربات خطيرة مثل ركل ولكم الرأس والخنق، فعضتنا أقوى من عضة بعض القرود الكبيرة مثل إنسان الغاب. عضتك تقارب ثُلث عضة كلب الروتوايلر صاحب أقوى عضة من الكلاب الشائعة، وتصل قوة عضته إلى 25 كغ/سم مربع. حتى هو لا يقترب من قوة التيراناصور. هل يا ترى هناك أي كائن اليوم يوازي التيراناصور في قوة العض؟ هذا السؤال الذي حاول فريق من الباحثين إجابته، فركّبوا جهازاً وغلفوه بمادة ليّنة كي لا تنكسر أسنان الحيوانات وشرعوا في البحث عن كائن نفاخر به الديناصورات. اتجهوا صوب ثعبان البايثون الضخم وجعلوه يعض الجهاز فكانت قوة عضته 2 كغ/سم مربع فقط. فاجأهم هذا لأنه رقم متدن جداً، لكن قوة الثعابين الكبيرة تأتي من أجسادها الضخمة لا من العضة. بعدها جربوا عضة الأسد فكانت 42 كغ/سم مربع، والغريب عضة الضبع التي نعرف أنها من أقوى العضات لكن لم يتوقع أحد أن تصل إلى 70 كغ/سم مربع أي نفس قوة عضة النمر! كل هذه حتى الآن أقل من عضة التيراناصور بكثير، لذلك ذهب العلماء للبحر وقاسوا عضة أشد كائنات الماء إثارة للرعب: القرش الأبيض الكبير. ويبدو أنه يستحق سمعته المخيفة، فقد وصلت قوة عضته إلى 271 كغ/سم مربع!

هل انتهى البحث؟ هل القرش صاحب أقوى عضة كائن حي؟ لا، بقي كائن أخير عضته أقوى من عضة القرش وتنافس قوة التيراناصور. إنه حتى يشبه الديناصورات في شكله وهو قديم جداً كان أجداده يعيشون جنباً إلى جنب معها! هل حزرته؟ نعم، إنه التمساح. تحديداً، تمساح المياه المالحة، أضخم الزواحف اليوم، عندما يفقس فطوله لا يزيد عن 30 سم ولكن إذا بلغ فيصل حجمه بسهولة إلى 6 أمتار ووزنه إلى طن كامل! وأشهر ملامحه فكه الهائل، وهو بيت القصيد، فقد اتجه فريق العلماء إلى كهف يلجأ إليه أحد هذه الوحوش الضخمة ودخلوا متوترين وألصقوا جهازهم في طرف عصا طويلة وأدخلوه في فمه، ولما استفزته الحركة أطبق فكيه على الجهاز ثم هز يميناً ويساراً بعنف مما حطّم بعض الصخور في الكهف وأصدر الوحش صوت هديرٍ قاصفاً كاد أن يخلع قلوبهم. سحبوا الجهاز وانسحبوا للأمان ولما قرأوا الرقم الموجود وقفوا مبهورين: 351 كغ/سم مربع! العجيب أنها لم تكن حتى عضة قوية بالنسبة للتمساح، بل مجرد عضة سريعة ليتخلص من الجهاز الذي ضايقه، أي أنه لو عضَّ بأقوى ما عنده لربما وصل لقوة التيراناصور!

سبحان الله! إذا رأيتَ تمساح المياه المالحة فتذكَّر أنك لا تشاهد حيواناً ضخماً مهيباً فحسب، بل تشاهد سليل الديناصورات ومنافسها في القوة!

 

الحديقة
الديناصورات لم تنقرض تماماً!
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة