ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 06/02/2012/2012 Issue 14375

 14375 الأثنين 14 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في كل صباح نشاهد منظرا مألوفاً في شوارع المدن السعودية، زحمة خانقة، ومسارات واقفة، وجوه عابسة مكفهرة وقلوب تغلّي غضباً من شدة الازدحام وفرص الوصول المتأخر للعمل مما يعني استلام ورقة تنبيه أو اتصال من سكرتير المدير يأمر باستدعائك ليقدم لك نصائح صباحية عن أهمية الالتزام وتأثيره على ترقيتك مستقبلا ً! «جميل جداً يومي يبدأ بمحاضرة حفظتها عن ظهر قلب» تردد في نفسك وأنت تلعن هذه الوظيفة ألف مرة، وتنتظر وأنت في أول أيام الأسبوع إجازة نهاية الأسبوع بفارغ الصبر.. تعود إلى مكتبك وأنت تفكر «هذا ليس مكاني» وح«هذا ليس ما تمنيته طوال عمري» عبارات ترددها كل يوم وسؤال يسكنك منذ مدة طويلة: لماذا لست سعيدا في عملي؟؟ أحمل أرجلي بتثاقل إلى المكتب وأجر خلفي أذيال خيبات وأحلام كبيرة عجزت عن تحقيقها، وانغمست في عمل لا يشبهني ولا أشبهه، أداوم منذ سنين طويلة في مؤسسة أعلم جيداً أنها لن تقدم لي سوى الملل والمرتب المتواضع والنصائح الصباحية! وفجأة، تتعوذ من الشيطان وتعود إلى عملك آملاً أن تمر الساعات بسرعة حتى تعود إلى بيتك، اعتقاداً منك أن شيئاً ما سيتحسن هناك، وأنت لا تدري بأن التعيس في عمله في الغالب تعيس في حياته، والسعيد المحب لما يقوم به، سعيد غالباً في حياته، لأن العمل هو منبع الإشباع والتقدير الذاتي فإن شعرت بأنك تقدم عملاً يرضي ذاتك ويسعد قلبك فإن تقديرك لنفسك وجهدك سيرتفع وبالتالي ستشعر بالرضا والسعادة والعكس صحيح.

لم أعرف في حياتي سعوديين محبين لأعمالهم شغوفين بما يقومون به إلا أشخاصاً أعدهم بأصابع يدي «الواحدة» كل من عدا هؤلاء يكرهون وظائفهم وروتينها اليومي، يطلقون النكات على بعضهم، على خيبة أملهم التي تتجلى في أحاديثهم المتذمرة المعجونة بالإحباط.. أرى الحزن جلياً في أعينهم وأعلم جيداً سوء الموقف الذي يمرون به لأنه يفتقد إلى الكلمة السحرية التي تستطيع أن تجعلك ناجحاً وسعيداً.. إنه «الشغف» وهو يعني حبك وعشقك لما تقوم به، واستعدادك لأن تعمل بلا توقف لأنك تشعر بأن عملك يكمّلك ويشعرك بالرضا.. وهذا يعني أنك يجب أن تبحث في داخلك عن ما أنت شغوف به.. فقد تكون شغوفا بالتنظيم بمفهومه الواسع «تنظيم المؤتمرات أو اللقاءات» حين شعرت بذلك من خلال تطوعك الدائم في حياتك بتنظيم حفلات الأصدقاء وسفراتهم، حاول أن تتطوع لتنظيم حدث في مقر عملك. وقد يكون الشغف معاكساً تماما لوظيفتك أي أنك تعمل محاسبا تقابل الأرقام والحسابات الرياضية وأنت تعشق الكتابة، جرّب أن تكتب واجعل هذه الهواية المنزلية مصدر سعادتك وإشباعك الذاتي.

وقد تكون شغوفاً بالسفر والاكتشاف واختياراتك بالسفر تنال إعجاب الأصدقاء، لا تعطل شغفك بل استثمره واجعله يعود عليك بنفع معنوي ومادي، حيث بإمكانك أن تؤسس موقعا الكترونيا مختصا بذلك أو مكتب صغير قد يكبر ويزدهر مع مرور الوقت.

أما أنا.. فقد كنت أدرس القانون وكنت أعلم جيداً أنه مجال راق ومهيب، ولكني كنت أعلم أنه ليس شغفي وما يثير رغبتي للإنتاج والإبداع، فآثرت السفر لدراسة (الصحافة) التي كانت ولازالت شغفي الأول، حيث عرفت وأنا أقرأ الصحف بلا توقف وأحلل الأخبار وأختلق العناوين الصحفية وأبحث وأنقب عن الكلمة كما يبحث الآخرون عن الذهب والألماس. إنها شغفي أو بمعنى آخر سعادتي؛ لذلك كان القرار حازماً ونهائيا بالنسبة لي.

لطالما شدني الإصرار في قصص العظماء والمبدعين الذين أناروا البشرية بإبداعاتهم، وتساءلت كثيراً ما سر هذه العزيمة التي لا تهزم على الرغم من كثرة المعوقات والإحباطات التي واجهوها؟ فاكتشفت مؤخراً أنهم اكتشفوا شغفهم وقرروا أن يقرنوه بالخبرة والممارسة والاطلاع على تجارب من سبقوهم، فنجحوا وتميزوا وخلّدت أسماءهم في ذاكرة التاريخ.. فشغف «ستيف جوبز» بالالكترونيات وتصميمها صنع منه نجما لا تزيده الأيام إلا بريقا، وشغف «أوبرا وينفري» بالإعلام والتقديم وإصرارها على أهدافها جعلها أيقونة الإعلام، والمرأة الأكثر تأثيرا ونفوذاً بالعالم، وشغف «نجيب محفوظ» بالكتابة واكتشاف حدوتة الحي جعله ينتج مئات الروايات العظيمة، وعشق مارادونا للساحرة المستديرة وموهبته التي قرنت بالشغف تخبرنا أنه عجز عن ترك الملاعب فعاد إليها مدرباً وحبيباً مخلصا.

ابحث في داخلك عن الشغف، وإن لم تجده ابحث عن نفسك.. واجعلها تخبرك بما تهوى ففي شغفك نجاحك وسعادتك وروعة حكايتك.

نبض الضمير:

(اختر عملاً تحبه، ولن تضطر لأن تعمل يوماً آخر في حياتك).

Twitter:@lubnaalkhamis
 

ربيع الكلمة
أيها المحبَطون.. ابحثوا عن الشغف!
لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة