ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 14/02/2012/2012 Issue 14383

 14383 الثلاثاء 22 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الوسط الثقافي السعودي في نظري لا يقوم على الشللية فحسب، بل إن لبعض الرموز الثقافية حاشية تخدمه ثقافياً، وتحاول أن تلمعه في الأوساط الشعبية، تسبح بحمده وتقدس له والعياذ بالله!!، الحق عندهم ما يراه، والقول الفصل فيما يجد من مسائل وحوادث وإشكاليات في نهجه وفكره دون سواه، يتلقفون ما يصدر عنه من تصاريح وأحاديث بشغف ونهم غريب، ويتسابقون في حجز مقاعدهم حوله حين تكون مناسبة ثقافية تجمعهم به، يبرمجون أوقاتهم حسب توقيته، ويضبطون ساعتهم بموعد لقياه، لا يقرؤون إلا ما كتبه أو باركه أو نصح به، ولا يستشهدون إلا بقوله، ولا يروون إلا عنه أو بعنعنة منتهية به، ولا يتحرك أحدهم ولا يشارك في مناسبة ثقافية داخلية أو خارجية إلا بعد موافقته ومباركته ودعمه، وهؤلاء الأتباع بمثابة الأذرعة الحركية والأطراف الحقيقية للقلب النابض والمفكر الواعي لطبيعة المرحلة والمدرك لعمق التحديات والعارف بمواصفات الأعداء ودلائل الأصدقاء!!، ولذا فهو المثقف القائد يتحرك حسب إستراتيجية واضحة في ذهنه، ويوظف هؤلاء الحاشية للوصول إلى أهدافه العقدية والفكرية وربما الشخصية أو حتى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمصيبة أن هناك من ينتظم إلى هذه الدائرة الخادمة التي تسمى في العرف المجتمعي بـ «الحاشية»، ويوظف لخدمة تيار أو فكرة أو شخص أو جماعة أو... وهو لا يعلم.

إن الطاعة العمياء والتسليم المطلق والخدمة للفكرة أياً كانت ومهما بلغت من السوء حين تصدر من بعض الرموز الثقافية، والدفاع المستميت عن هؤلاء الرموز، والقناعة بسلوكهم الذي قد يتعارض مع أبسط قيم الوطنية، ويتنافى مع مبادئ الحضارة العالمية ولا يتفق بأي شكل من الأشكال مع العناوين العريضة للثقافة بدلالاتها العالمية وثوابتها الإسلامية وثوبها المحلي الخاص، أقول إن هذا كله يجعل هؤلاء الأتباع مجرد «حاشية»، يكررون صباح مساء بلسان المقال أو الحال عبارات الولاء وعناوين التبجيل والوفاء، وينقلون لهذا الرمز ما يدور في الساحة الثقافية بشيء من الإسهاب وحسب رغبته وهواه، ويحصلون على أعطياتهم نظير هذا الصنيع في التلميع لهم على أنهم مشاريع ثقافية واعدة، والزج بهم في الملتقيات المحلي منها والعالمي، والتوصية الصريحة لإشراكهم خارجياً لتمثيل الوطن ونقل صوت المواطن السعودي في القرن الجديد، والتوسط عند معارفهم ومريديهم من أجل إجراء مقابلة مرئية ومسموعة ومقروءة معهم، والتسويق لكتاباتهم وربما ما هو أكثر من ذلك بكثير.

إن أبرز سمة من سمات المثقف الحقيقي «استقلالية التفكير» و «الحوار الحر حول الأفكار» و «التخلص من الأصفاد الثقافية» التي قد تعيق الذهنية المتطلعة للحق والباحثة عنه وجزماً الانضمام إلى منظومة الحاشية يتنافى مع كل ذلك، كما أن إحاطة الحاشية بالمثقف الرمز تكريس للسلطة القائمة على التسلط العقلي - كما هو ظاهر اللفظ- والمرتكزة على قرارات العطاء والمنع. وربما تكون اللبنة الأولى التي ترتكز عليها هذه التجمعات الثقافية «الحاشية» حول رموز الثقافة في المملكة هي الإعجاب والوعود في ظل غياب القاعدة الصلبة للتعامل مع الأفكار والحذر من الألفاظ ذات البعد العقدي الخطير والجهل بالدلالات والمفاهيم والمصطلحات والتغذي على المحرم من الثقافة وشرب حليبها في الصغار «وكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به».

لقد تولد عن هذه الهرمية في بنائها الثقافي ولاءات وتصرفات عصفت بمسلمات فطرية فضلاً عن أنها دينية «قطعية الدلالة والثبوت» لدى بعض صغارنا وللأسف الشديد فأوردتهم المهالك، كما أنها سعت جاهدة ومن خلال عمل منظم إلى هز مؤسسات حقها الدعم والتشجيع والمؤزرة، وفي ذات الوقت كان من وكد هذه الهرميات النشاز التأثير على مساراتنا التنموية المبنية على مرتكزات الوطن الكبرى المنبثقة عن النص المقدس سواء أكان هذا النص في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة، ولعل من أخطر الظواهر المؤذية والمنذرة بعذاب أليم النيل من المقدس والتعريض بالرب سبحانه وتعالى أو الاستهزاء بأفضل خلق الله على الإطلاق وخير البرية بامتياز محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

لقد كتب الكثير عن هذا الموضوع الذي يعد أقسى وأشد شناعة وأعظم جرماً على الإطلاق جراء ما حدث من لدن المدعو «حمزة كشغري»، ولذا لن أكرر ما قيل، ولكنني أشير هنا إلى أن من المؤسف جداً أن تجد من المثقفين من يهون من الأمر أو يحاول أن يلتمس الأعذار الواهية أو ينقل لنا أنه علم من المقربين لهذا المراهق أنه تاب!!، وهذه كلها محاولات فاشلة لصرف الموضوع من دائرة التفكير العقلي المحاسب عليه كل منا أمام الله أولاً ثم أمام رسولنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام وثالثاً أمام أنفسنا وأمتنا ومستقبل الأجيال إلى التوظيف المشين للعاطفة الإنسانية إزاء الكيان الأسري لهذا الشاب الصغير المراهق الذي قد لا يعي ما يقول!!.

أين هذا من قولنا بأبي أنت وأمي، ودونك نفسي ومالي ووالدي يا رسول الله!!.

إنني شخصياً أعتقد أن هذا المراهق كان إلى وقت قريب كان من الحاشية التي تغذت على الحليب الثقافي الحرام، وأراد حين شب على الطوق أن يصير رمزاً وله حاشية وأتباع فصدع بما عجز عنه سيده فكان ما كان!!،، ولذا.. لابد من تفكيك البناء الهرمي لهذه التجمعات الثقافية والتخلص من الحواشي المؤسسة على الولاء، القائمة على الوفاء المتبادل سواء بطريقة شخصية أو رسمية.. طبعاً بعد التأكد والمسألة ومن ثم المحاسبة، وفي ذات الوقت لا بد من الحرص على تشجيع ممارسة العمل الثقافي الوطني تحت الأضواء بعيداً عن الغرف المظلمة والطرق الملتوية.

إنني أدعو في هذا المقام لكل مثقف ومفكر بأن يبعد الله عنه حاشية السوء ويرزقه بطانة صالحة تعرفه على النهج القويم وتدله على الخير وتعينه عليه، «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه» اللهم آمين،، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
حاشية المثقف
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة