ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 17/02/2012/2012 Issue 14386

 14386 الجمعة 25 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أخطر ما تكون السلبية... حين نُعَطِل القدرات العقلية عن الاستفادة من التجارب التاريخية والإنسانية التي مرت بها الأمم السابقة.. ومن يُعيد تقليب صفحات التاريخ يقرأ جملة معطيات ثابتة تشير أن كثيراً من الأمم تعرضت خلال مسيرتها لجملة من النكبات والهزائم والانكسارات بسبب أنظمة حكم مستبدة هوت بها من القمة إلى قاع الهاوية.. فانتهى بعضها ودُفِن بين طيات صفحات التاريخ.. أما بعضها الآخر فكانت لحظة هزيمةِ أنظمتِها هي لحظة ميلادٍ ونموٍ ونضجٍ جديد.

نهضت من كبوتها وازدهرت وحلقت كطائر فينيقي يحترق ويصبح رماداً ومن الرماد يخرج ليحلق كما تروي ذلك مجمل الأساطير الخرافية عند بعض الشعوب.

التجارب تتكرر بتكرر وجود الأسباب.. وكأن التاريخ يتحرك باتجاه عقارب الساعة يُكرر ذاته لكن ليس تطابقاً بل تشابهاً والمقاربة الموضوعية بين الأمس واليوم.. بين الماضي والحاضر رغم اختلاف الظروف وَلدَ الوعي الشعبي ومفهوم الذات المبنية على الأنا الجماعية فكانت اللحظات المفصلية في تاريخ الشعوب العربية المحتقنة داخلياً نتيجة انسداد الأفق أمامها لعقودٍ من الزمن بسبب أنظمة تعمدت وببراعة لوي عنق الواقع فأتت ثورات الشعوب كمحصلةِ تراكمٍ كمي وبالتالي رغبة واضحة الغرض والهدف وقادت إلى تحولٍ نوعي بتشكيلٍ جديد ومختلف جَسّدَ حراكاً تصاعدياً تجلت فيه أبلغ وأنبل صور المساواة... ثورات بلا زعامة ولا سيادة أو قيادة فانتشى أبناؤها برياح النصر التي أسقطت أمامهم طغاة الظلم والاستبداد.

تسونامي التغيير.. لم يأتِ من فراغ بل جاء نتيجة إيمانٍ عميق نابعٍ من قلوب شعوب عانت ظلماً وجورا لكنها أصرت على استرداد الحق والكرامة والهوية المسلوبة تحت جبروت أنظمة عاثت في الأرض فسادا.. وحَرمت ابن الأرض والوطن من العيش بكرامة وعدالة... ولن تخمد حرارة الثورات ولن تهدأ ثورة البركان أبداً.. حتى يرى الثوار الشجعان أن ثورتهم حققت أهدافها وانعكست على واقعهم.

إن ما حدث وما يحدث الآن في ساحة الثورة الشعوبية لم يكن نتاج صراعٍ عسكري بين أقطاب قوى دولية لكنه كان مفتاحاً لأبواب الصراعات السياسية والاقتصادية بين الغرب والشرق ناهيك عن فقدان عامل الحصانة الداخلية الوطنية الذي شكل جسر عبور لقراصنة الثوار من الخارج فتحولت انتفاضة الشعوب العربية في المحيط العربي إلى هلامٍ سياسي واقتصادي تتجاذبه أطراف الأقطاب الدولية كل في اتجاهه يبلوره ويشكله ويرسم من خلاله سيناريو المستقبل حسب الحاجة واللحظة وبما يتناسب مع أهدافه في المنطقة.

إن المنظور الإستراتيجي للقوى العظمى نحو منطقة الشرق الأوسط لم يكن وليد اللحظة.... لكنه لحظة الفرصة المواتية لترجمتها على أرض الواقع... ولعل استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي يخفي وراءه رؤية إستراتيجية مبطنة توحي بصراع خفي مابين القوى العظمى في العالم (أمريكا روسيا الصين) صراع يعود بالذاكرة إلى الحرب الباردة التي استمرت لفترة بين القطبين ويبدو أن ملامح هذا الصراع بدأت تطفو على السطح مجدداً فالعلاقات ازدادت توتراً وبدأت تأخذ منعطفاً خطيراً يُنبئ بالأسوأ... ومع ذلك كله فأولويات روسيا هو الإصرار على مواجهة أية محاولة لعزلها سياسياً.... أو تحجيم نفوذها في الشرق الأوسط.... البراجماتية الروسية ليست على استعداد للتضحية بآخر قلاعها وحليفها الأساسي بل الأوحد سياسياً واقتصادياً في المنطقة العربية (سوريا) إضافة للقلق المتزايد الذي يؤرقها من حلف الناتو وتوجهاته وأهدافه الإستراتيجية.

حقيقة لقد أصبحت منطقة الشرق الأوسط ساحة تصفيةِ حسابات بين القوى العظمى... ولا يمكن التنبؤ بالمتغيرات السياسية التي ستتمخض جراء هذا الصراع الخفي.

عموماً فرغم التباين والخلاف القائم بين هذه القوى منذ الأزل... إلا أن الصراع الدائر بين واشنطن وموسكو هو صراع المصالح والنفوذ والمد الديموغرافي في منطقة الشرق الأوسط.. والمحصلة أن المنطقة ستبقى بين مطرقة الصراع وسندان المصالح.

 

عود على بدء
الشرق الأوسط... بين مطرقة الصراع وسندان المصالح
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة