ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 17/02/2012/2012 Issue 14386

 14386 الجمعة 25 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

عندما نتحدث عن شخصية مثل شخصية الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يتبادر إلى أذهاننا الدور البطولي والملحمة الكبرى التي قادها الملك المؤسس لتأسيس هذا الوطن المبارك تحت لواء وشعار واحد هو كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) هذه الوحدة الوطنية التي صاغها الملك عبدالعزيز إنما جاءت بعد جهد وعناء طويل امتد إلى ثلاثة عقود من الزمن عاش فيها المؤسس ويلات الحروب، ومعاناة من تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية في الجزيرة العربية، إذاً الملك عبدالعزيز ليس باني وحدتنا الوطنية فقط إنما هو صانع لتاريخنا الوطني.

ودائماً ومنذ بداية دراستنا عن الملك عبدالعزيز ونحن نسمع ونقرأ عن حروبه وضمه للمدن والبلدان، ولكن لم نقرأ عن الجوانب المهمة في حياته ألا وهي الجوانب الإنسانية التي كان يتحلى بها المؤسس داخل نفسه وتفيض على كل من يحيط به من الناس ومنها: التسامح، والمحبة والكرم، واحترام الناس، والحوار... إلخ.

وقد كتب المؤرخون عن حياة الملك عبدالعزيز السياسية ولكنهم غفلوا عن كشف جانب مهم من حياة المؤسس -رحمه الله- يتمثل في الجوانب الإنسانية والاجتماعية.

في السبت الماضي وبرعاية من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع نظم كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للدراسات التاريخية والحضارية لـ(الجزيرة) العربية بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز ندوة كبيرة بجامعة الملك سعود بعنوان (الجوانب الإنسانية والاجتماعية للملك عبدالعزيز).

لا غرابة أن يرعى الأمير سلمان مثل هذه الندوة فقد عرف عنه رعايته للتاريخ وأهله لاهتمامه بالتاريخ عامة وبتاريخ الجزيرة العربية خاصة، والكلمات التي ذكرها عن الملك عبدالعزيز في محاضرته التي ألقاها والردود التي رد بها على أسئلة بعض أعضاء هيئة التدريس وبعض طلبة الدراسات العليا بقسم التاريخ توضح مدى إدراكه وبعد نظره في قراءته للتاريخ، فالأمير سلمان عاصر والده وشاهد جوانب إنسانية واجتماعية كثيرة صدرت من والده ربما لم يسجلها التاريخ، فكانت هذه المحاضرة بمنزلة حلقة مكملة للجوانب المهمة في حياة الملك والتي لم يكشف عنها بعد.

نحن جميعاً ندرك أن تاريخ الملك عبدالعزيز حافل بالأحداث والشواهد التاريخية الكبيرة، حيث اشتهر عنه أنه بارع في الإنصات لمن يحاوره في مجلسه، وهو محاور ناجح أدهش من حاوروه وجالسوه، وقد استفاد الملك عبدالعزيز من تلك الجوانب كثيراً، حيث أحبه من قدم إليه من خارج المملكة سواء من المؤرخين والأدباء، والسياسيين؛ لأن تلك الجوانب كانت نابعة من داخل الملك عبدالعزيز لا تصنع فيها ولا تزلف.

وبمناسبة إقامة هذه الندوة عن الملك عبدالعزيز يتبادر إلى أذهاننا سؤال في غاية الأهمية ألا وهو: لماذا يتم تغييب التاريخ عن جامعاتنا في هذا الوقت تحديداً؟ وهل نحن فعلاً اكتفينا بدراسة التاريخ الإسلامي وتاريخنا الوطني؟

التاريخ هو الذي نستلهم منه العبر ونتعلم منه الدروس، ومن ماضينا المجيد نستفيد من تجارب أجدادنا لحاضرنا التليد، وكما يقول المثل: (من ليس له ماضٍ فليس له حاضر)، فالتاريخ من المواد الرئيسة التي يجب أن تهتم بها الجامعات في وقتنا الحاضر، ولكن للأسف الشديد بدأ تدريس التاريخ يتقلص بشدة في الجامعات وكذلك في مدارس التربية والتعليم بجميع مراحلها.

نحن نعلم أن التكنولوجيا والعلوم التقنية الأخرى هي المسيطرة والمتسيدة على عرش التعلم في وقتنا الحاضر، وأن الوطن يحتاج إلى مخرجات تقنية ومهنية تقوم بخدمة هذا الوطن، وهذا متفق عليه، ولكن هل يُتصور أن يتخرج طبيب دون أن يعلم عن التاريخ شيئاً؟ أو أن يتخرج مهندس أو مبرمج دون أن يعلم عن التاريخ شيئاً؟ الوضع القائم في جامعاتنا الجديدة أنه لا يوجد بها أقسام للتاريخ نهائياً، كذلك بدأت أقسام التاريخ في الجامعات الأخرى تتقلص وتتلاشى لماذا؟ لابد من إعادة إحياء التاريخ من جديد وخصوصاً تاريخنا الإسلامي وتاريخنا الوطني، ودراسة إمكانية وضع مواد تاريخية متنوعة وإجبارية لجميع الطلاب بالجامعات بمختلف تخصصاتهم ويكون بحث الرسالة القصيرة لكل طالب على باب التخرج عن تاريخنا الوطني، حتى نطمئن على أن أغلب الطلاب والطالبات درسوا التاريخ من عدة زوايا ونكون قد تمكنا من إيصال فوائد التاريخ للجميع.

وختاماً لايزال تاريخنا الاجتماعي بحاجة إلى الدراسة المكثفة، ولايزال بحاجة إلى البحث والدراسة، لابد أن تتقدم الأقسام المتخصصة في الجامعات بالتشجيع على مثل هذه البحوث التي سوف تكشف لنا جوانب مهمة عن تاريخنا الوطني فهو بمنزلة الوقود التي تدفع بعجلة التقدم والتطور نحو الأمام من خلال اقتفاء آثار أجدادنا الذين هم قدوة لنا ومرجع مهم لنا في حياتهم التي عاشوها فضلاً عن كون حياتهم وتحولاتهم مجال اعتبار ادكار نستطيع استثماره في ترشيد مسيرتنا نحو الأفضل والأرقى.

mshuwaier@hotmail.com
 

الجوانب الإنسانية والاجتماعية في حياة الملك عبدالعزيز
د.محمد عبدالله الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة