ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 18/02/2012/2012 Issue 14387

 14387 السبت 26 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

ربما من باب الصدفة المحضة أن تتزامن انطلاقة المعرض والمنتدى الدولي للتعليم الذي تنظّمه هذه الأيام وزارة التربية والتعليم مع إصدار سمو أمير المدينة المنورة توجيهاته بسرعة إخلاء مبنى مدرسة عبدالعزيز الربيع الثانوية بالمدينة, ونقل الطلاب إلى إحدى المدارس القريبة ريثما تتم معالجة وضع المبنى, أو توفير مبنى بديل وإيجاد حلول سريعة تكفل سلامة الطلاب مستقبلا.. وبالمناسبة فإن توجيهات سموه بنيت على تقرير قدَّمه الدفاع المدني يوضح وضع المبنى وتهالكه وخطورته على الطلاب والعاملين ولم يبن على أي تقارير من الجهة المعنية وهي إدارة التربية والتعليم بالمدينة المنورة ما يكشف النقاب عن الخلل الواضح في إدارة المشاريع والصيانة والجهات المسئولة عن المباني المدرسية.

هذه المفارقة الصارخة بين بذخ الوزارة في الصرف غير المحدود على المؤتمرات والمنتديات والمعارض والتقتير على الجوانب الرئيسية للعملية التعليمية ومنها المدرسة وبيئتها توضح انقلاب المفاهيم وعدم استيعاب المسيّرين لدفة التعليم للأولويات, وهي من المبادئ البديهية في التخطيط. لا ننكر أهمية اللقاءات والمعارض والمؤتمرات والانفتاح على العالم لاكتساب المعارف والخبرات الجديدة وإرسال الوفود للدول الأكثر تقدماً والمشاركة في المناسبات الدولية التي تبرز مكانة المملكة أمام الآخرين. لكن متى تركز الوزارة جهودها في هذا الاتجاه الهام وليس الأهم؟ الأمر ببساطة إذا تمكّنت من الارتقاء الكامل وليس الجزئي ببيئة المدرسة, وهي التي تمثّل الجانب الأهم والأولوية التي كثر الحديث عنها. البيئة في كثير من المدارس وبخاصة المستأجرة والحكومية القديمة والمتهالكة والتي يصل عمر بعضها إلى أكثر من ثلاثين سنة تنعدم فيها التهوية الجيدة والإضاءة الكافية والمياه الصالحة للشرب والملاعب والتي إن وجدت فهي ترابية تتسبب في إصابة الطلاب بضيق التنفس والربو, ناهيك عن تواضع قاعات التدريس وانعدام المختبرات، وأنا لا أبالغ فهذه النماذج موجودة في المدن الرئيسية مثل الرياض وجدة والدمام أما القرى ففيها نماذج لا تسر الخاطر.

هذا هو واقع البيئة المادية في معظم مدارسنا وهو واقع في أغلبه لا يسر ولا يحقق طموح قيادة هذه البلاد في تقديم تعليم نوعي ينقلنا لمجتمع المعرفة، ولا يرضي المواطنين. الغالبية من طلابنا لا يرغبون في الذهاب للمدارس إلا تحت ضغط أسرهم, وتتزايد نسب الغياب وتبلغ الذروة عند اقتراب مواعيد الاختبارات والإجازات، حتى إن المدارس تخلو من الطلاب والطالبات تماماً في الأسبوع الأخير. قم بزيارة لأي مدرسة ولو من الخارج في هذا التوقيت لن تجد أحداً, بل إن تباشير الغياب تلوح في الأفق عادة قبل النهاية بأسبوع. تحولت المدرسة إلى بيئة طاردة غير محفزة للطلاب بتجهيزاتها الفقيرة, وحتى الجو الإنساني هبط إلى أدنى مستوياته, وتوترت العلاقة بين المعلمين والطلاب، إذ لا يوجد أي تهيئة نفسية, وتناقص الاهتمام بالمعلم قائد عمليات التربية والتعليم حتى هذه المعارض والمنتديات لا يُدعى لها ألا أعداد محدودة من المعلمين, وتبقى الأكثرية مغيبة تماماً ما انعكس على نفسيات المعلمين وأدائهم، إذ ساد الإحباط واليأس أجواء المدرسة فكيف يعطي المعلم وهو لا يزال يرى أن حقوقه منقوصة، ثم كيف تطبّق الوزارة مناهج جديدة لم تدرب المعلمين عليها؟!

بيئة مدرسية مترنحة بتجهيزاتها ومعلميها ومناهجها لا بد أن يمر إصلاح التعليم عبرها لا عبر المعارض والمنتديات والسفريات السياحية, والصرف ببذخ على جوانب هامشية لا تمس المدرسة مباشرة.

shlash2010@hotmail.com
تويتر abdulrahman_15
 

مسارات
معارض باذخة وبيئات مدرسية طاردة
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة