ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 19/02/2012/2012 Issue 14388

 14388 الأحد 27 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

حينما شاهدت صورة شاب سعودي يبيع شايا وقهوة على كورنيش جدة بطريقة محلية يقوم بإعدادها على الجمر، قلت في نفسي لعل هذا الشاب يرغب أن يبتدع فكرة جديدة من خلالها يبيع على زبائنه منتجا غير ما اعتادوا عليه. وهو بذلك يكافح من أجل أن يقتات لنفسه وأسرته. تمنيت له الخير وأن نشاهده في المستقبل يحقق طموحاته وما يصبو إليه. بعدها تذكرت قصة كفاح فتى ياباني اسمه هوندا والذي خلق من فشله وتعثره سلما صعد به إلى القمم فكان الفشل لديه دافعاً للتميز وخلق النجاح، وهو بالفعل ما حققه هوندا صاحب إحدى أهم إمبراطوريات صنع السيارات في اليابان.

في عام 1938 م، كان سوشيرو هوندا طالباً في المدرسة استثمر ما يملكه في ورشة صغيرة وبدأ يُطور فيها مفهوم حلقة الصمّام وكان يريد أن يبيع ما ينتجه لشركة تويوتا فأخذ يعمل بجد وهمة عالية. غير أنه حين استكمل حلقات الصمام أخبرته الشركة أنها لا تتوافق مع مقاييسها. عاد هوندا حينها للمدرسة لمدة عامين وسط سخرية مدرسيه وزملائه في الدراسة، فقد كان في نظر الآخرين فاشلاً لكنه قرر أن لا ييأس وأن يتابع ما يريد تحقيقه، أدرك بقرارة نفسه أن المحاولات الفاشلة إنما هي تجارب نتعلم منها ونقترب من خلالها إلى الأفضل، وإنما الفشل الحقيقي أن تستسلم وتلقي بأدواتك إلى الأرض؛ وبعد عامين من العمل وقعت شركة تويوتا معه العقد الذي طالما حلم به بعد أن حقق نجاحاً في التصاميم، وحينها عزم هوندا على بناء معمل خاص به لعمل تلك التصاميم لكن الحكومة اليابانية كانت تعد نفسها للحرب فرُفض طلب هوندا للحصول على الإسمنت اللازم لبناء المعمل، فقرر هوندا أن يحاول ولا يتوقف.

وتمكن مع فريقه من اختراع عملية لإنتاج الإسمنت اللازم لهم، وبعد مرور الأيام وبالعمل الدؤوب أصبح المعمل جاهزاً، وما أن بدأ العمل حتى قصف معمل هوندا أثناء الحرب، ودمرت أجزاء رئيسية من المصنع حينها أعاد هوندا ومعاونيه ترميم المصنع، وبدأ العمل من جديد، وبعد أيام معدودة نزلت على المعمل قنبلة أخرى دمّرت أجزاء كثيرة منه، لم يستسلم ذلك الفتى الياباني الطموح فأعاد بناء معمله وترميم أجزائه التالفة مرة أخرى، وجنّد فريقه على الفور فأخذوا يجمعون علب البنزين الفارغة التي كانت المقاتلات تتخلص منها، والتي وفّرت له المواد الأولية التي يحتاجها للعمليات الصناعية التي ينوي القيام بها، وهي مواد لم تكن متوافرة في اليابان آنذاك، لقد اقترب النجاح وفي هذه الأثناء من الترقب السعيد لمشاهدة أول باكورة إنتاج المصنع!! حدث زلزال دمّر معمل هوندا تدميراً كاملاً، قرر بعدها هوندا بيع عملية صنع الصمامات لشركة تويوتا.. لم يكن ذلك استسلاماً منه فلا زال ذلك الفتى يتّقد نشاطاً وهمة وعزماً، فبعد الحرب عانت اليابان ندرة مريعة في مؤونات البنزين بحيث إن هوندا لم يعد قادراً على قيادة سيارته لجلب الطعام لعائلته، فركّب محرّكاً صغيراً لدراجته وسرعان ما أخذ جيرانه يطلبون منه أن يصنع لهم دراجات تسير بقوّة محرّك، ولذا قرّر أن يبني مصنعاً لصنع المحركات وهكذا استمر هوندا على نشاطه ومثابرته حتى استطاع أن يصدر دراجاته النارية بالمحرك الجديد إلى أوروبا وأميركا حتى نال بذلك جائزة إمبراطور اليابان، ثم بعد ذلك بدأ يصنع سيارته التي حظيت برواج كبير. أتمنى أن نشاهد لدينا شبابا بحماس وطموح وكفاح هوندا شعارهم أن النجاح قد لا يتحقق إلا بعد تجارب فشل.

sulmalik@hotmail.com
smlhft2010@gmail.com
 

أفق
كفاح
سلطان بن محمد المالك

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة