ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 19/02/2012/2012 Issue 14388

 14388 الأحد 27 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

ذات صيف جميل مضى التقيت الشاعر السعودي المبدع جاسم الصحيح، وكان كل منا قد جاء تلبية لدعوة ثقافية في مهرجان حمص الثقافي. وفي بدء اللقاء أخذ كل منا يعاتب الآخر على عدم اللقاء؛ لأننا لم نلتقِ سابقاً على أرض الوطن؛ وبالتالي وكما يفعل العرب دوماً حاول كل منا أن يلصق التهمة بالآخر، ولكي لا يشتد العتاب وعلى طريقة عقدة (المؤامرة) التي لم تزل (فوبيا) تخص العرب بالذات قلنا إن اللوم على الأندية الأدبية في المملكة؛ لأنها لم تفكر في أن تتيح اللقاءات بين شعراء المملكة لضعف في نشاطها الثقافي. وبعد أن تخلصنا من تبادل التهم التي ظلمنا بها الأندية جزافاً وتأنيباً للضمير الشعري اتفقنا على أن نلوم أنفسنا أولاً على التقصير الذاتي. بعد ذلك أخذنا نتغزل بجمال المدينة «حمص» التي اعتبرها أحدنا (وردة العرب)، وكنا مأخوذين بنسيمها ووردها ونهرها (العاصي) وجمال روح المواطن فيها، ثم شرعت ألقي قصيدة كنت قد كتبتها عن «حمص» أقول فيها:

(يا نهر العاصي

أقبل أقدامك يا هذا النهر المتمرد

عكس التيار

أجثو أسمع رجع زئيرك يجتاح المرتفعات العظمى

أتساءل كيف استعصى سلوكك يا هذا النهر على الإدراك؟!

أغسل وجهي من كوثرك العذب

وأطهر روحي في مجراك.

فيما تتقدم أشجار الحور لتنهل من رقراق الماء، وتقفل عائدة أضعان الغيم

ولتسري الشهب الأولى مع مسراك، تبترد الأنجم بقمراء الليل على صفحتك الفضية.

تغدوا أزهاراً من نور

تنفث عطر الكون الأبهى

عبر نسيم الليل

وتلبس ثوباً ماسياً

تمنح نهر العاصي

لآلئ الأنجم من (ماك)

وعلى ضفتك المسكونة بالهدأة

(ميساء) تخرج تلبس ثوب حرير

هفهاف، تلك حمص مليكة الأرياف.

حمص التي تلتقي فيها الجبال والأنهار، والسهول والصحراء. حمص الجمال. حمص تعايش البدو والشركس والحضر والمسيحيين والشيشان. حمص جميلة المدن وأميرة القرى.

ونفحة الريحان.

حمص وردة الرمان، حمص (أم الخطّي).. والمواطن الإنسان.

حمص (الزباء) يقصفها بمدافعه (اورليان) فيشرق وجه (سيف الله) المشهر منذ الفتح ويطهرها من كل الأدران. أسمع وقع حوافر خيل الأسلاف تقدح في صوان (الوعر) شراراً يتطاير عبر الأطراف.

ألمح (ديك الجن) يهيم بحبك ويهتف أي هتاف:

(ما كان قتاليها لأني لم أكن

أبكي إذا سقط الغبار عليها

لكن بخلت على سواي بحبها

وآنفت من نظر الأنام إليها)

أبكي إذا سقط الغبار على حمص

عطر الخليقة وأنفاس الجبال ومأوى الأطيار ثدي العسل ونهر اللبن، ووردة الأرياف، مزهرية الفاكهة وسلة الورد والبراءة المطلقة والقلب الشفاف.

تذكرت هذه القصيدة بصعوبة كبرى، وقد ذكرني بها الصديق جاسم الصحيح حينما سألني في ملتقى المثقفين الأخير:

أترى ما يفعلون بـ(وردة العرب)؟ قلت طبعاً ولكن ما يحزنني حقاً أن تلك الجميلة (التي تبكي إذ نزل الغبار عليها) أصبح اليوم ينزل عليها مطر من الرصاص بل يقصفون تلك الوردة بالمدفعية الثقيلة. أتعرف لماذا يا جاسم؟ لأنها فقط جميلة ومن لا يعرف الحرية لا يعرف الجمال.

 

هذرلوجيا
بصواريخهم يقصفون وردة العرب
سليمان الفليح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة