ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 19/02/2012/2012 Issue 14388

 14388 الأحد 27 ربيع الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

هذا من الأسئلة التي تمر على أي طفل، وهناك بعض الإجابات التي يتشارك فيها الكثير من الصغار، مثل طبيب أو شرطي أو مهندس وغير ذلك، لكن هذه أراها عند الأطفال العرب، أما الأطفال الأمريكان والغربيون عموماً فإحدى الإجابات التي تَرِد على ألسنتهم هي «رائد فضاء»، ولأن ريادة الفضاء ليست من تخصصاتنا كمسلمين -مع الأسف!- فلا عجب أن لا يفكر أطفالنا في هذه الإجابة. والطفل الذي يعطي هذه الإجابة لا يلام، فرائد الفضاء حوله هالة من التقديس في المجتمعات الغربية لما في هذا المجال من تقنية وعلم واستكشاف لما خارج كوكبنا وللمجهول عموماً، والبعض يستطيع أن يسافر للفضاء حتى لو لم يكن هذا تخصصه، فرغم أن وكالة ناسا الأمريكية ليس لها ناقة ولا جمل في هذه الموضة الجديدة والتي تسمى «السياحة الفضائية» ولا تُرسل في العادة إلا روادها إلا أن روسيا تسمح بصعود متون مراكبها لمن يدفع، وهذه الفرصة استغلها بعض أثرياء العالم ممن يبحثون عن الإثارة ورافقوا الرواد الروس في الطواف حول كوكبنا وبعض الرحلات الأخرى، أما معظم الناس فلن يستطيعوا دفع 30 مليون دولار، وهو المبلغ المطلوب لمن يرغب أن يمتطي صهوة مركبة «سويوز» الفضائية الروسية!

لكن لن يمنعنا هذا من التخيل على الأقل. ومما يراه الكثير في البرامج الوثائقية هو مشهد الرواد وهم يسبحون في الهواء عندما تنعدم الجاذبية، وهذه أعتقد أن كل من رآها انبهر بها ورغب في تجربتها، ورغم أنها تبدو ممتعة إلا أني أنصح القارئ بالتريث قبل أن يقدّم طلباً لوكالة الفضاء الروسية، وذلك لأسباب وجيهة! إن الإنسان إذا صار في الفضاء فإن كل شيء يتغير عليه ويصير العقل في بيئة جديدة وغريبة، فتصل إشارات كثيرة متناقضة للأذن الداخلية مما يسبب الغثيان والصداع وعدم الإحساس بأماكن الأطراف. بسبب انعدام الجاذبية فإن سوائل الجسم ترتفع للأعلى وهذا يسبب انسداد الأنف وتورم الوجه وفقدان الكالسيوم من العظام، وهذا الأخير يسبب حصوات الكلى. أيضاً تضمر العضلات وهذا يبطئ الأمعاء مما يسبب الإمساك وكذلك يصغر حجم القلب. الشيء الإيجابي الوحيد من انعدام الجاذبية هو أن طولك يزداد 5 سم!

لن ترى وحوشاً هناك كما في أجواء روايات الخيال العلمي وإنما المخاطر أكثر واقعية مثل مشاكل في البدلة الفضائية. عندما تتعرض للفضاء الخارجي دون البدلة الواقية فلن تنفجر كما تُظهِر بعض الأفلام ولن تموت فوراً، وإنما تموت خلال دقيقتين بسبب نقص الأكسجين. ومن النصائح التي نعرفها في هذه الحالة: لا تحبس نفسك لأن هذا سيمزق الرئة! لحسن حظه كان أحد رواد الفضاء الأمريكان يعرف هذا لما تعرضت بدلته لمشكلة عام 1965م فلم يحبس أنفاسه، ولكنه تعرض لأعراض أفادتنا بما يحصل للشخص إذا تعرض للفضاء، فلما فشلت البدلة الواقية في العمل تبخرت المياه من أنفه وعينيه وأخذت تغلي على لسانه، وكان هذا آخر ما يتذكره قبل أن يفقد وعيه، وأصلحوا بدلته فوراً وضخوا الأكسجين فاستفاق وتعافى.

لطالما اعتمد الرواد على أطعمة شبه سائلة وأطعمة مجففة تحوي المواد المهمة التي يحتاجها الجسم، لكن مع تطور العلم صاروا الآن يستطيعون تبهير طعامهم بالملح والفلفل، لكن ليس كما نعرف، فالحبيبات تتناثر وتسبب دغدغة للجلد وتدخل فتحات التهوية. الملح والفلفل في الفضاء سائلان! وعندما يعود الرواد للأرض فإن أول مشكلة يواجهونها هي صعوبة تحريك الأطراف. أما الرواد الروس الذين قضوا أوقاتاً طويلة في الفضاء فقالوا إن أصعب ما اضطروا للتعود عليه من جديد هو أنهم عندما يفلتون شيئاً فإنه يسقط للأرض! من ظرائف هذا المجال أنه لم يمت حتى الآن أي شخص في الفضاء الخارجي، لكن قبل أن نذهب هناك بحثاً عن هذا المستوى العالي من الأمان يجدر أن نعرف أن الخطر في طريق الذهاب والعودة، فالرواد الذين قُتلوا في حوادث فضائية ماتوا في طريق الذهاب والإياب ليس في الفضاء نفسه!

الفضاء الشاسع طالما دغدغ المخيلة البشرية. ما رأي القارئ الكريم؟ هل أنت مستعد لتحمل هذه المخاطر من أجل سويعات في الفضاء؟

 

الحديقة
ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة