ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 26/02/2012/2012 Issue 14395

 14395 الأحد 04 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أن تحظى المرأة في جُلّ المجتمعات البشرية بمكانة سامية، ومنزلة كريمة، وتقدير خاص، فذاك أمر بدهي تستحقه المرأة لعلو شأنها في وجدان الرجل وعقله، إنها جديرة بكل تقدير وإجلال واحترام، لا منة فيه ولا فضل، كيف لا؟ والمرأة هي الأم والبنت والأخت والزوجة، هي محضن الحياة ومنبع نبضها، هي محور ارتكاز حياة الأسرة واستقرارها وسعادتها، هي من يكسب الحياة الحيوية والبهجة والتنامي والتسامي، تُكسب الحياة حيوية وهي تسهر على راحة أبنائها، ترعى شؤونهم وتسأل عنهم وتعطف عليهم، تُكسب الحياة بهجة وهي تحنو تخفف الآلام بلطف وشفقة ورحمة، تبدأ الحياة وتتنامى من بين أحشائها الدافئة، وتتسامى الحياة وتعلو بمقدار ما تحاط به المرأة من سمو في المكانة وإنصاف وعدل في التعامل.

من السنن المجتمعية المتواترة المعروفة المألوفة في كثير من المجتمعات البشرية أن الرجل هو من يتحمل مسؤولية الأسرة وأعباءها، خاصة الأشق منها والأصعب، هو من يقع على عاتقه الرعاية والعناية بصورها وأشكالها كافة، هو المسؤول عن حماية الأسرة وأمنها، هو المعني بتأمين المستلزمات والحاجيات. للرجل أدوار محددة معلومة لا يمكن أن يتخلى عنها، ولا يُعذر إن قصَّر في الوفاء بها أو تأخر، أدوار تتوافق مع طبيعته وقدراته وخصائصه الجسمية وسماته النفسية. كما أن للمرأة أدواراً محددة معلومة لا يمكن أن تتخلى عنها، ولا يُقبل منها بحال أن تتنازل عنها، ولا تُعذر إن قصرت في الوفاء بها أو تأخرت، أدواراً تتوافق مع طبيعتها وقدراتها الذاتية وخصائصها الجسمية وسماتها النفسية. أي تجاوز لهذا أو إغفال له، أو صناعة أدوار جديدة، أو تقليد للآخر، يُعَدّ بمنزلة خلط للأدوار؛ فأدوار الرجل المميزة له، وأدوار المرأة المميزة لها، المنسجمة مع قدرات كل واحد منهما، المتوافقة مع خصائصه، يجب احترامها والوقوف عند متطلبات ممارستها؛ فأي تجاوز أو خروج عن أُطر تلك الأدوار يحمّل الآخر ما لا يتوافق مع طبيعته البشرية، وخصائصه الإنسانية، ويخرجه إلى أُطر غريبة عنه في الشكل والمضمون، وهذا ما يفضي إلى فساد الحياة المجتمعية واختلال توازنها واضطراب أحوالها، ولهذا بطبيعة الحال تبعاته المرة، ومخاطره الجمة التي لا تخفى على ذي لب، سواء على مستوى الفرد أو الجماعة.

الذاكرة القريبة والبعيدة ـ إن كان هناك من يتذكر ـ مليئة بالشواهد الحية التي تثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام، وفي أحيان أخرى تثير العجب والاستغراب، كلها تدل على أن خلط أدوار الرجل وأدوار المرأة أفضى إلى فوضى عارمة، وصنع جملة من الأزمات الإدارية داخل بيئات العمل، والتوترات النفسية داخل محيط الأسرة، وتؤكد في الوقت نفسه أن المرأة هي المظلومة المقهورة في منظومة خلط المهمات والأدوار.

إلى الذين يدورون حول المرأة من منطلق الاهتمام بها، والحرص على مصالحها، والحماسة للدفاع عن حقوقها، أولئك الذين يعدون أنفسهم دعاة إصلاح واستثمار لطاقات المرأة المهملة المهدرة، دعونا نقف معهم عند التساؤلات الآتية:

هل الأدوار الموكلة للمرأة حالياً أقل من إمكاناتها؟

هل لدى المرأة متسع من الوقت لممارسة أدوار أخرى؟

أليس فيما تطالب به المرأة إلزام لها بما لا لزوم له؟

أليس الإنفاق على حاجات المرأة كافة من واجبات ولي أمرها، وإن تعذر فمن بيت المال العام؟

الإجابة عن التساؤلات السابقة أوضح من أن يُشار إليها، وأضحت الغاية من إثارة التعطيل المزعوم لأدوار المرأة الضغط على المجتمع لإخراج المرأة ودفعها لممارسة أدوار فوق طاقتها وطبيعة تكوينها، والتجربة البشرية تثبت أن الدول التي غرقت في أتون تلك الممارسات لم تجنِ منها سوى صور من المفاسد الأخلاقية التي خلفت ضياع الأسرة وتفككها.

 

أما بعد
دوران حول المرأة
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة