ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 27/02/2012/2012 Issue 14396

 14396 الأثنين 05 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

وتعاقبت الأحداث المأساوية بعد خروج مصر العربية من ميدان المواجهة مع العدو الصهيوني باتفاقية كامب ديفيد المشؤومة، التي كان من نتائجها اجتياح الصهاينة للبنان، وارتكاب مذبحة صبرا وشاتيلا، واضطرار قوات جبهة التحرير الفلسطينية إلى النزوح مع قادتها إلى تونس،

حيث استطاعت، فيما بعد، فرقة صهيونية بقيادة مجرم الحرب باراك اغتيال أعظم أولئك القادة من حيث التنظيم العسكري. وفي عام 1990م تَحقَّق للصهاينة في فلسطين المحتلة وأعوانهم من المتصهينين في أمريكا وبريطانيا ما كانوا يَتمنَّونه، أو يُخطِّطون له، من إقدام الرئيس العراقي، صدام حسين، على غزو الكويت واحتلاله؛ الأمر الذي أعطى مُبرِّراً للمتصهينين كي يُدمِّروا قوة العراق العسكرية، التي كانت الخطر الإستراتيجي الحقيقي على الكيان الصهيوني كما اعترف بذلك وزير الخارجية الأمريكية حينذاك، جيمس بيكر. وكان من نتائج ذلك أن خضع قادة العرب، الذين كانوا يرفضون السلام مع الصهاينة المحتلين، فذهبوا إلى مؤتمر مدريد وجهاً لوجه مع أولئك الصهاينة. ثم كان ما كان من إقدام قادة فتح المتزعِّمين للفلسطينيين على اتفاقية أوسلو السيئة في طريقة الوصول إليها وفي نتائجها.

وفي عام 2000م عقد مؤتمر قمة لزعماء العرب. ولم تكن قراراته مختلفة عمّا سبق من قرارات قمم أخرى من حيث كونها مقتصرة على الإدانة والتنديد تجاه ما كان مستمراً من عدوان صهيوني على الفلسطينيين وتهويد لوطنهم. ولذلك كتبت قصيدة بعنوان «صدى لبيان القمة». وهي مُكوَّنة من ديباجة تَتضمَّن ذكر أولئك الزعماء بأن الله اختارهم ليكونوا قادة الأُمَّة الذين تلجأ إليهم لتحقيق أربها، وافتخارهم بتحمُّلهم الأمانة رأفة بها بحيث كفوها مشقة التفكير عنها، كما حموها من مخاطر العمل بالتجارة خشية أن تَتأذَّى بمرارات الخسارة، فأصبحوا هم التجار. وبعد الديباجة تأتي مقاطع؛ كل واحد منها ينتهي بعبارة « أولسنا نحن سادات العرب؟»، ويحكي ما تم في جلسة من جلسات المؤتمر. وكان التركيز في الجلسة الأولى على الحديث عن قادة الكيان الصهيوني من كتلة الليكود وحزب العمل. أما الجلسة الثانية فعمّا جاء من شرم الشيخ، حيث اجتمع الرئيس كلينتون ووزيرة خارجيته أولبرايت مع قادة عرب؛ موضحاً أن هؤلاء القادة رأوا أنه قَبسٌ خير أن يطاع دونما أَخذٍ وردٍّ ونزاع.

وأما نهاية الجلسة الختامية فكانت - بعد ذكر المجازر المرتكبة في فلسطين - كما يأتي:

وبيان المؤتمر

بكلامٍ مختصر:

أبشري يا أمة العُرْبِ اجتمعنا

وإلى ما ترتجي

منّا الجماهير ارتفعنا

فقضايانا جسيمه

وسجايانا كريمه

واحتراماً لشعور الأُمَّة الشمَّاء

حَطَّمنا القيودا

ورفضنا

كلّ أنواع المهانه

فتجرأنا وأصدرنا إدانه

لزعامات يهودا

وتَشجَّعنا فكدنا

نرفع الَّلوم لأمريكا الصديقه

من أَظلَّت بثياب العدل أركان الخليقه

إذ هي الراعي لأمر التسويه

وهي من يتقن فَنَّ الترضيه

ويجيد المدح والدعم

لمن خانوا العهودا

غير أنَّا قد فطنَّا

أن للقول حدودا

فتركنا الَّلوم

واخترنا، كما اعتدنا، المرونه

فعتاب الدولة العظمى رعونه

ربما أدَّى إلى قطع المعونه

وخشينا أنْ يقال:

إننا نسعى إلى رفض السلام

فاطمئني يا جماهير العروبه

نحن أدرى بالأساليب الذكيّه

لبلوغ الهدف السامي

وتحقيق الأرب

أولسنا نحن سادات العرب؟

وكان أساس المعونة المشار إليها من جملة أمور أخرى ثمناً بخساً للتوقيع على اتفاقية كامب ديفيد، التي نتج عنها ما نتج من سلبيات بالنسبة للقضية الفلسطينية بالذات. ومن المعروف أن مصر قادرة بكل جدارة على الاستغناء عن تلك المعونة.. الثمن البخس. ذلك أن إمكانياتها عظيمة لو توافر الإخلاص وحسن إدارتها. فلديها القوة البشرية المشتملة على القدرات العلمية والفنية، ولديها الطاقة المائية والأرض الخصبة، ولديها الغنى السياحي، كما أن لديها قناة السويس بدخلها الجيد؛ إضافة إلى البترول والغاز. وإنه لمن العجب العجاب أن تمد دولة تمتلك تلك الإمكانيات يدها إلى دولة أخرى ملتمسة معونتها المادية.

وتعاقبت الأحداث بعد ذلك المؤتمر مستفتحة القرن الحادي والعشرين. وكان من سمات عقده الأول ازدياد ارتكاب الصهاينة جرائمهم ضد أُمَّتنا، وازدياد تقبُّل بعض قادة هذه الأُمَّة الإهانة التي يوجهها إليهم أولئك الصهاينة. وكان من أَدلَّة ذلك التقبُّل أن يُرحِّب الرئيس المصري بمجرم الحرب الصهيوني اليعازر مبدياً له الود مع أن ذلك المجرم هو المسؤول عن جعل المجنزرات الصهيونية تمشي على أجساد أفراد الجيش المصري في حرب 1967م بعد أن أجبرهم على التمدَّد على الأرض. ومن تلك الأدلَّة أن وزيرة خارجية الصهاينة، أعلنت؛ متبجِّحة، بحضرته الذليلة وعلى تراب بلاده أن جيشهم سيهاجم غزة دون أن ينبس بشفة، بل إنه وعد ببناء سور من فولاذ بين مصر وتلك المدينة المعتدى عليها. وكان أن كتبت قصيدة عنوانها «عام من الذُّل»، ونُشِرت في الشهر الأول من عام 2010م. ومما أورد فيها؛ مشيراً إلى انخداع بعض كبار أُمَّتنا بكلام أوباما:

وبدا في القوم من انخدعوا

بجميل اللفظ هم الأكثرْ

فَغَدوا للغاصب خُدَّاما

أَو جُنداً من بين العسكر

يبدون الطاعة في خَوفٍ

ممن بالأمر قد استأثر

وإذا ما احتاج لِبَرهنةٍ

من جُملةِ طاعاتٍ تُذكَر

فَحصارٌ يكتم أَنفاساً

وجِدارٌ من دون المَعْبر

ومنها:

يا عاماً مَرَّ وكاتبه

سَطَّر عن وضعيَ ما سَطَّر

عن شَعبٍ دُجِّن مقهوراً

وزعيمٍ أَخرس من يُقهَر

عند المُحتلِّ له نَفَسٌ

أَطيبُ من رائحةِ العنبر

وحَديثٌ سبكُ عبارتِه

أَحلى في الطعم من السكر

وعلى محكومٍ مُضطَهدٍ

أَمضى في السطوة من عنتر

ومُولًّى ينكر مَعروفاً

ويمارس في النادي المنكر

وعصابة سوء فاسدة

في نهب المال هي الأشطر

* * *

يا عاماً مَرَّ و طابعه

ذلٌّ في المَظهر والمَخبر

داست صهيون كرامتنا

وبقينا بالشكوى نجأر

أَوَ ما في الأفق سنا أملٍ

بربيع مُخضلٍّ أخضر؟

وأباةٌ سيف عزائمهم

يجلو أَدران من استكبر؟

سيفٌ للأُمَّة مسلولٌ

يَستأصل شأنئها الأَبتر؟

وبعد عام من كتابة تلك القصيدة ونشرها حدث ما سُمِّي بالربيع العربي، الذي يرجو كاتب هذه السطور أن تكون عاقبته خيراً لأُمَّتنا.

 

تداعي البوح مع تعاقب الأحداث - 3 -
د.عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة