ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 28/02/2012/2012 Issue 14397

 14397 الثلاثاء 06 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قال لي شقيق عربي أول ما وطئت قدماي أرض الرياض أبهرتني أمور كثيرة في هذه المدينة الحديثة أولها نظافتها اللافتة وشوارعها الفارهة واتساعها الكبير، مما أثار شهيتي للبحث عن نشأة هذه المدينة. وقد توصلت إلى معلومات من خلال الشبكة العنكبوتية ولكنني كنت أتمنى

أن يكون في متناول أي قادم للرياض كتيب مختصر يحكي قصة هذه المدينة، شكرته على شعوره الجميل أولاً وعلى أن حرك لدي شهية الكتابة عن مدينتي الكبيرة الرياض، كتابة مختصرة وافية قدر المستطاع، واليوم أسجل ما سجله التاريخ عن هذه المدينة العريقة مستفتحاً بقول عبيد بن ثعلبة بن يربوع الحنفي وهو كبير قومه (بنو حنيفة) حيث تعد هذه القبيلة أول من أنشأ هذه البلدة (الرياض) وكانت تسمى (حجر) يقول عبيد:

حللنا بدار كان فيها أنيسها

فبادوا وحلوا ذات شيد حصونها

فصاروا قطيناً للفلاة بغربة

رميماً وصرنا في الديار قطينها

فسوف يليها بعدنا من يحلها

ويسكن عرضاً سهلها وحزونها

قال ذلك قبل ظهور الإسلام بنحو قرنين من الزمان، مما يعني وجود الحضارة في هذا الجزء من الجزيرة العربية قبل أكثر من الف وستمائة عام ومما يدل على حضارة هذه المدينة ما رواه نفطويه عن امرأة تدعى أم موسى الكلابية تزوجها رجل من أهل (حجر) وأخذها من البادية إلى هذه البلدة ذات البناء والأسوار المشيدة فلم تعجبها الحال فقالت:

قد كنت أكرها حجراً أن ألم بها

وأن أعيش بأرض ذات حيطان

لا حبذا الغرف الأعلى وساكنها

وما يضمن من مال وعبدان

أبيت أرقب نجم الليل قاعدة

حتى الصباح وعند الباب علجان

لولا مخافة ربي أن يعاقبني

لقد دعوت على الشيخ ابن حيان

والشعر في ذكر هذا المكان أكثر من أن يحصى، فمنه قول جحدر العلكي الذي حبسه الحجاج بن يوسف في بلاد الشام وكان جحدر هذا قاطع طريق في منطقة اليمامة فتمكن منه رجال الحجاج وسجن فقال متوجداً على حجر:

لقد صدع الفؤاد وقد شجاني

بكاء حمامتين تجاوبان

تجاوبتا بصوت أعجمي

على غصنين من غرب وباني

فأسبلت الدموع بلا أحتشام

ولم أك بالئيم ولا الجبان

إلى أن يقول:

أيا أخويّ من جشم بن بكر

أقلا اللوم أن لا تنفعاني

إذا جاوزتما سعفان حجر

وأودية اليمامة فانعياني

توجّد باكٍ على أرض لم تكن ذات أنهار جارية ولا أشجار باسقة ولكنه الوطن، الوطن الذي توجد عليه خير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم يوم أخرج من مكة فقال: (إنك لأحب الأرض إلي، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن قومكِ أخرجوني ما خرجت) الوطن لا يعدله شيء مهما كان هذا الوطن مجدباً فقيراً، وإذا قلنا الوطن فإننا ايضاً نعني الوطن الأصغر وهو قرية الإنسان أو مدينته من وطنه الأكبر.

يقول الأديب والشاعر والمفكر الفلسطيني راضي صدوق (شافاه الله وعافاه ) عن مدينة الرياض في كتاب مخطوط غير مطبوع وقد عاش فيها ردحاً من الزمن قبل أن يثقله المرض ويستقر في عمّان يقول:

(تتبدّى مدينة الرياض العاصمة للناظر عروساً مجلوّة قد أجتمع في إيهابها ورحابها النماء والبهاء, على أكمل ما تكون عليه العواصم والحواضر المتميزة عبر التاريخ، قديمه وحديثه.

وبناء العواصم والحواضر غير بناء العادي من المدن, باعتبارها قصبة الدولة وممثلتها, ومركزها، ومرآتها،على كل مستوى وصعيد, وتلك هي مدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية . إنها مدينة تحضر في كيانها ومجتمعها ونهضتها ملامح الشخصية المتميزة المعروفة للمملكة، في سيرتها الرصينة، والواعية الحثيثة المباركة, نحو بناء الإنسان والعمران)

ومما اشتهرت به الرياض (حجر) منعتها ضد الغزاة بحصونها القوية فقد غزاها الكثير من القبائل والأقوام ولم ينالوا منها، منهم الفارس والشاعر المشهور عمرو بن كلثوم التغلبي فقد غزاها وهزم بل وأسر وحبس في أحد قصورها ثم أطلقه بنو حنيفة وزادوا أن أكرموه، وهذه مسجلة في شعره.

لقد كانت الرياض محط الكثير من المستشرقين والرحالة الغربيين مثل الدنماركي كارستن نيبور والأسباني باديا آي ليبليخ والسويسري بور كهاردت والضابط البريطاني سادلر، وغيرهم وذلك بدأ من عام 1762م وما بعده. وقد كتبوا عن هذه المدينة إنساناً وبناءً وزراعة وتجارة.

ولعلي أختم هذه المقالة الأحب إلى نفسي بما قاله الشاعر راضي صدوق عن الرياض شعراً حيث قال:

ما أرى؟ جنة ترى أم نعيما؟

أم خيالاً مجسداً مرسوما؟

تتراءى مع الشروق شموساً

وعلى ضفة الغروب نجوما

جال طرفي بها فضل خيالي

ليس يدري حدودها والتخوما

والنخيل الوريف يخصف فيها

ثمراً دانياً وظلاً رحيما

عربي الشموخ يخطر كبراً

ويسامي الجوزاء حراً كريما

قيل لي هذه الرياض تجلت

من ثنايا الأحلام صرحاً عظيما

طلعت درة وماست عروساً

وتهادت على الجزيرة ريما

جمعت في رحابها الأمس واليوم (م)

كأم تضم طفلاً فطيما

شرفٌ باذخٌ ومجدٌ أثيلٌ

لم يزل في ذرى الزمان مقيما

هي مهد العُلى وأم العوالي

بوركت موئلاً واُمّا رؤوما

تلك هي عاصمة العواصم الرياض يا سائلاً عنها عبقة التاريخ وضّاءة الحاضر, ثقافة وحضارة وإنسان.والله المستعان,,

almajd858@hotmail.com
تويتر: @almajed118
 

حديث المحبة
يا سائلاً عن الرياض
إبراهيم بن سعد الماجد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة