ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 01/03/2012/2012 Issue 14399

 14399 الخميس 08 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

دول الخليج وأوهام الضربة الإسرائيلية لإيران
د. تركي فيصل الرشيد

رجوع

 

فيما تدور أحاديث لا يكف الجميع عن ترديدها عن ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، ويؤيد ذلك كل العقلاء يطرح تساؤل نفسه: هل نحن بحاجة إلى امتلاك سلاح نووي؟

أخشى أن الإجابة للأسف نعم مع حقيقة أن إسرائيل لن تتنازل عن ترسانتها النووية مهما حدث ولا إيران ستتراجع عن حلمها بامتلاك نفس السلاح.

أضف إلى ذلك أن الطموح الإيراني في دول الخليج سيظل لا حدود له، خاصة في ظل الأوهام الإيرانية بحكم التاريخ باستحقاقهم موقعاً بارزاً في المنطقة، حيث ترى إيران أن امتلاكها منظومة نووية شاملة قوية هو سبيلها لهذه الهيمنة، لذا فقد حظي إكمال البرنامج النووي الإيراني بنصيبه من الحماسة القومية، وقام النظام هناك بدوره في تعزيز أهمية تصنيع سلاح نووي كطريق لتحقيق الإنجازات العلمية والتفوق القومي.

وفيما تواصل إيران مساعيها دون كلل ويزداد ملفها النووي سخونةً يوماً بعد آخر بالقول فقط لا الفعل نستشعر أننا نمر بحرب نفسية عبر تصريحات نارية ومجرد فرقعات وقنابل دخانية يطلقها جميع الأطراف، تسعى لتوريطنا في حروب بالإنابة تشفط أرصدتنا المالية مثلما تم شفطها في الحرب الإيرانية الأولى دون عائد أو جدوى.

فالمتطلع للوضع والتهديدات الأمريكية - الإسرائيلية لإيران لا يمكن له أخذها على محمل الجد، فلا الولايات المتحدة الأمريكية ولا إسرائيل يمكنهما فعلاً اتخاذ خطوة حازمة من شأنها القضاء على التهديد الإيراني، فأمريكا على أبواب انتخابات وحالة الاقتصاد تعاني ركوداً لا مثيل له ولن يجازف أوباما بخطوة كهذه من شأنها أن تنسف طموحه في ولاية ثانية ويكفيه ما لديه من مشكلات وأزمات داخلية.

أما إسرائيل التي تخرج علينا كل يوم بتصريح عن نيتها في هجوم منفرد وضربات متتالية لإيران فأصبحت تصريحاتها تثير السخرية حتى أن الإيرانيين أنفسهم لا يأخذونها على محمل الجد، ففي حين تهدد حكومة نتنياهو بغزو إيران فليس واضحاً لها كيف ستنتهي تلك المغامرة، فحكومة إسرائيل غير قادرة على إيقاف الطموح الإيراني، من الممكن أن تعيقه لفترة ولكن في المقابل سيجعل هذا إسرائيل هدفاً لانتقام إيراني لفترة طويلة.

الحكومة الاسرائيلية عليها أولاً الإجابة على عدة أسئلة: أولاً هل تستطيع فعلياً أن توقف برنامج إيران الذري بصورة مطلقة كما فُعل في العراق بقصف المفاعل الذري قبل أن يتم استكماله؟ والجواب بالطبع لا، فإيران تعلمت الدرس ووزّعت منشآتها النووية في باطن أرض صخرية في أنحاء الدولة، وقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها لا تملك قنابل تخترق الأرض إلى هذا العمق.

أيضاً مع التسليم بأن هجوماً إسرائيلياً على إيران قد يؤخر فقط تطوير قنبلتها الذرية، هل تستطيع إسرائيل الدخول في حرب طويلة الأمد مع إيران؟ الجواب كذلك بالطبع لا، خاصةً مع تحول المصالح والمنشآت اليهودية ومفوضيات إسرائيل حول العالم كله أهدافاً للانتقام وإمكانية إطلاق عشرات الصواريخ على إسرائيل، إضافة إلى ما سيلحقه هذا من ضرر بالاقتصاد العالمي وكذلك الثمن الذي يمكن أن تدفعه إسرائيل في علاقتهامع الولايات المتحدة على إثر هجوم لا توافق عليه الإدارة الأمريكية أو لا يتم التنسيق معها عليه.

وبحسب تقدير مسؤولين ومحللين عسكريين على مقربة من وزارة الدفاع الأمريكية فلكي تشن إسرائيل هجوماً على إيران تحتاج طائراتها أن تطير أكثر من 1000 كيلو متر في المجال الجوي لدول غير صديقة والتزود بالوقود في الجو ومحاربة الدفاعات الجوية الإيرانية ومهاجمة مواقع متعددة تحت الأرض، وفي نفس الوقت تحتاج إلى استخدام ما لا يقل عن 100 طائرة، كما يؤكدون أن هجوماً إسرائيلياً يهدف إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني سيكون عملية ضخمة ومعقدة للغاية، حيث لدى إسرائيل قدرات للقيام بمعارك صغيرة فقط، وإسرائيل تعلم أنه قبل أن تبدأ الحرب يجب أن تتفحص مصادرها جيداً وأن تتفحص نفسها أكثر من ذلك، لذا فالهجوم على إيران سيكون أكبر من قدراتها، وحينئذ قد يطول بكاؤها لمدد طويلة.

أما إيران فقد حققت مكاسب لم تكن تحلم بها بسبب الغباء الأمريكي وأدارت الصراع في العراق وأفغانستان بكفاءة عالية وكبدت الولايات المتحدة وحلفاءها خسائر فادحة فيما كانت المخططات الأمريكية تحلم بغنائم بالجملة من وراء حروبها هذه، والعقوبات الاقتصادية بحسب تصريح رئيس الاستخبارات القومية الأمريكية جيمس كلابر لم تجعل الإيرانيين يغيرون سلوكهم أو سياستهم، ومما لا شك فيه أن أحد العوامل المؤثرة في اتخاذ القرارات في إيران هو حقيقة أنه لا يوجد تأييد شامل في المجتمع الدولي لفرض عقوبات اقتصادية الآن على إيران بخلاف العقوبات الاقتصادية مثلاً من جانب الأمم المتحدة على العراق في التسعينيات.

كما أن إيران تبدو في هذه المرحلة أقل استعداداً لتقديم أية تنازلات، وأعضاء برلمانها لا يبدون قلقين على نحو خاص من هجوم إسرائيلي، وقد بدأ بإيران السباق نحو الانتخابات التي ستجرى الشهر القادم، ومع الإجماع الشعبي من جميع الأطياف على تطوير التكنولوجيا النووية يجتهد كل طرف في حملته الانتخابية في أن يعرض مفهوماً وطنياً أكثر تشدداً من غيره حتى يحوز أصوات الناخبين.

الخلاصة أننا نعيش في عالم كثير التعقيدات والمتغيرات حيث تُطرح الكثير من الأسئلة وتكون الإجابات عنها أشبه بالتكهنات، ولعلنا نذكر ما آلت إليه مخططات العراق وأفغانستان وليبيا، لذا لا يجب أن ننخدع بالضجة التي تثيرها إسرائيل في العالم على المشروع النووي الإيراني، فالتصريحات شيء والهجوم العسكري شيء آخر.

وفي ظل هذه الأجواء ينبغي لنا كأمة خليجية أن تستفيق من سباتنا العميق الذي دام طويلاً وأن نقرأ أحداث منطقتنا من الداخل وليس من خلال المفكرين والسياسيين الغربيين فلا تمنعنا بعض قناعتنا وأهوائنا من رؤية الحقائق فنحصن جبهاتنا الداخلية ولا ننجر إلى مواجهات تضرنا ولا تنفعنا وأن تكون لدينا الخطط والخطط البديلة لمواجهة التحديات.

tfrasheed@hotmail.com
 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة