ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 02/03/2012/2012 Issue 14400

 14400 الجمعة 09 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يمثل العنصر البشري أهم مدخلات النظام الإنتاجي وأعظم القوى المؤثرة في تحديد هوية المنظمة الحديثة ورسم معالمها الحالية والمستقبلية، كما أنه يُعدُّ بمثابة الضابط لإيقاع حركة المجتمع والمحدد لمكانته بين الدول فالموارد البشرية تمثل الغاية من عملية التنمية وأداتها الرئيسة في ذات الوقت.

إن الأفراد هم حجر الزاوية في الجهود الرامية للحاق بركب التقدم في عالم يتسم بسرعة الإيقاع وتعدد المؤثرات وتعقد المكونات.

فقصور القدرات والموارد البشرية بمعناها الواسع إنما يُعدُّ السبب الرئيس لإخفاق برامج التنمية وعرقلة مسيرة التقدم، وهو ما يعني أن الاستثمار في العنصر البشري وتحقيق التوجيه السليم لأنشطته ورسم السياسات والنظم الإدارية اللازمة لتحقيق الفعالية المطلوبة لأدائها إنما يُعدُّ متطلبًا حاكمًا سواء بالنسبة للدول المتقدمة من أجل تدعيم برامج التقدم وضمان الاستمرارية في تحقيق الريادة أو بالنسبة للدول النامية لسد فجوة التخلف واللحاق بركب التقدم والقدرة على التعايش مع متطلبات وتحديات القرن الجديد.

إن تنمية الموارد البشرية تبدأ منذ مراحل التعليم المبكرة، بل لعلها تسبق ذلك إلى مرحلة ما قبل التعليم وهي تمثل بلا شك علامة فارقة في صنع التنمية الوطنية كمبدأ لا يمكن التخلي عنه، ولكن على الجانب الواقعي لا يمكن صناعتها والوصول إلى الأهداف المنشودة والمرجوة من خلال بقاء مفهوم التنمية البشرية طي التنظير حتَّى تتعالى الأصوات مطالبة بالتغيير، بل لا بد من مناقشتها ومناقشة واقعية الخطط الموضوعة وإمكانية تطبيقها، هذا إذا افترضنا جدلاً وجود خطط لتطوير الموارد البشرية، واستشعار الخطر المحدق بالمنظومات من خلال التقصير في وضع ما يكفل من خطط واقعية تؤدي إلى تحقيق التطور والتنمية المنشودتين.

فمعلوم أن النهضة التكنولوجية في القرن الواحد والعشرين تعتمد على الحقوق الفكرية والمعلوماتية واستخدام الحاسبات. فمثلاً من المتوقع ازدياد الطلب على تكنولوجيا الإلكترونيات والاتصالات والحاسبات وصناعة الماكينات الآلية وصناعة الأجهزة الطبية وأجهزة الاستشعار والزراعة والمزارع الآلية الضخمة (النباتية والحيوانية والسمكية)، والتكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية ونظم الإدارة الحديثة ونظم إدارة الجودة الشاملة وطرق التسويق العالمية ونظم وقوانين التجارة الدولية وإدارة الشركات العالمية وقوانين التجارة العالمية والحقوق الفكرية ونظم البنوك وإدارة المحافظ الاستثمارية وشركات إدارة الأملاك وشركات المخاطرة وشركات توظيف الأموال والأسواق المالية وطرق الإنشاءات والبنية التحتية المتقدمة التي تعتمد على المواصفات القياسية والوحدات سابقة التجهيز.

فما الذي تم إعداده لمواجهة هذا التطور المعلوماتي الهائل والطلب العالي على موارد بشرية متطورة تستطيع مواكبة ذلك التطور، هل قام التعليم العالي بإيجاد آليات تضمن توزيع مدروس في التخصصات المطلوبة والمناهج ونوعية المواد التي تدرس وتماشيها مع احتياجات المجتمع الحالية والمستقبلية.

إن من أهم آليات النهضة الشاملة العمل على إيجاد خطط ووسائل من أجلها إحداث التنمية البشرية التي هي عماد التنمية الشاملة. وتطوير التعليم لإعداد الأجيال القادمة ضرورة إستراتيجية باعتبار التعليم هو مصدر الطاقة الدافعة للتنمية الشاملة. ولكن يعاني التعليم العام والعالي والبحث العلمي من عدم وجود خطة واضحة للبحث العلمي ولا خطة مدروسة للاحتياجات المستقبلية من التعليم العالي.

هذا بالإضافة إلى ضعف مصادر التمويل المختلفة للأبحاث العلمية وعدم وجود ووضوح أهداف الخطة التعليمية، ومهمتها وإستراتيجيتها على المستوى الفردي والإداري والقومي وعدم وجود معايير جودة تأخذ بالحسبان متطلبات التكنولوجيا الحديثة وإنماء عدد من الثقافات الرامية لتطوير وتنمية روح الإنتاج والابتكار والاختراع واعتماد التعلم الذاتي عند الطلبة وما يتطلبه من مهارات تساعد على تمكين الطالب من الأخذ بالمعرفة بحسب التطورات الحديثة، والعمل على تنمية مهارة إنتاج المعرفة من خلال تعزيز مفهوم التعلم النشط والتوظيف المعرفي في اتخاذ القرار والمشاركة في صنعه وتطبيقه.

ومحاولة تغيير ثقافة ضرورة الانضمام للتعليم الجامعي إلى ثقافة ضرورة الحصول على التعليم التخصصي لمواكبة تطور السوق وارتباط وظائفها المستقبلية بالمؤهلات المتخصصة، فمن بديهيات اللحظة إدراك أن السوق لم تُعدُّ بحاجة للتخصصات النظرية كما كانت في الحقبة الزمنية التي برز فيها التكنوقراط، هي اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى أصحاب التخصصات العلمية المهنية أو الفنية.

يكابر من يعتقد أن مجرد الحصول على الشهادة الجامعية دون النظر إلى ما تحمله من تخصص كفيل بإيجاد جيل قادر على السير بالوطن للهدف المنشود، بل إن من ينافح دون إبقاء أقسام التخصصات النظرية في الجامعات التي تشبعت منها السوق اليوم هو كمن لا يرى أبعد من أرنبة أنفه.

نحن أحوج ما نكون اليوم لوجود جهة أو مركز لقياس متطلبات التنمية كما سبق وأن اقترحت في عدد من المقالات، تقوم أو يقوم بعمل وإجراء الدراسات ثم طرح توصيات وتفضيلات مستشرفين في ذلك احتياجات المستقبل وتعتمد على الأسس العلمية في الفكر الإداري وحسن إدارة دفة الموارد المالية والبشرية التي ننعم بها ولله الحمد والمنَّة، الأمر الذي سيؤدي إلى إيجاد طريق نيّرة فعَّالة قادرة على قيادة ومواكبة التغير، يحسن من يسلكها تحقيق مفهوم التطور والتقدم والرفاهية.

إلى لقاء قادم إن كتب الله.

dr.aobaid@gmail.com
 

إلى أين نخطو...؟
د.عبدالله بن سعد العبيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة