ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 03/03/2012/2012 Issue 14401

 14401 السبت 10 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

رجعية الخليج وقوميات الثائرين العرب
ماجد بن بندر الدويش

رجوع

 

لن يرضى العرب بقيادة دول الخليج لهم مهما كانت الظروف الدولية ومتغيراتها ومهما تقدمت دول الخليج في صناعتها للإنسان وتسخير المال للتنمية المستدامة، فهو صراع أزلي بين الأخ الأكبر الجامد ونظرته الدونية للأصغر المتطور وحتى وإن كانت قيادة مؤقتة أفرزتها مخرجات ما يسمى الربيع العربي، وإنشغال بعض الدول العربية التي تعتد بتاريخها وحضارتها بترتيباتها الداخلية وصياغة دساتيرها، ومما يلفت الانتباه ويثير اهتمام أي متابع، أن تلك الدول العربية التي طالها التغيير وخرجت جماهيرها إلى الميادين مطالبة بالحرية والعدالة والمساواة وتداول السلطة وسيادة الدستور، ترفض حكوماتها الآن التغيير في سوريا، ليس الحكومات فحسب بل حتى الكتاب والمفكرون والنخب الثقافية في تلك الدول، مما يجعل المتابع حائراً أمام هول المشهد وتناقضاته، بل هو تناقض صارخ يخرجنا من سياق التاريخ في إطار صناعة الشعوب والأمم لخياراتها، بل إن دراسة التاريخ الفكري للحركات السياسية سواء أكان في جانبها السياسي أو الايديولوجي عالمياً يثبت دائماً أن الإستراتيجية واحدة، بينما محيطنا العربي وثوراتنا العربية تختلف وتحلل لنفسها ما تحرمه للغير، وهذا ما لمسناه مؤخراً في مؤتمر أصدقاء سوريا، حيث شاهدنا يساريو العرب الذين قضوا سنوات طويلة في المهجر مطاردين من مخابرات تلك الأنظمة الدكتاتورية ويعانون الويل والثبور في فنادق الغرب، وعندما أتيحت لهم الظروف في استلام زمام السلطات، أصبح تفكيرهم تفكير أسلافهم، وأي قارئ للمشهد السوري خلال عام كامل من ثورة الشعب ضد النظام النصيري الطائفي يلمس وبشكل واضح جداً تقدم مواقف دول الخليج خاصة المملكة العربية السعودية ودولة قطر في دعم مطالب الشعب السوري المحاصر في حمص وحماة ودرعا وإدلب وريف دمشق وغيرها من المناطق الأخرى، مع ارتفاع أرقام القتل يومياً ترتفع في المقابل نبرة الخطاب الخليجي والتحرك في كل الاتجاهات من أجل إيجاد حل سريع يحقن دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وفي الطرف الآخر نجد القوميين العرب ممن ثاروا على حكامهم يرفضون وبشكل علني وسافر التدخل الخارجي في سوريا، بل هناك من يقترح منح حصانة قضائية للقاتل بشار الأسد وزمرته، وهناك من يتآمر مع النظام ويبعث إليه ضابطاً مطلوباً للعدالة الجنائية الدولية ليترأس وفد المراقبين العرب ويقدم تقريراً مزوراً يساوي فيه بين الجلاد والضحية، ويقدم تبريراً للدول الكبرىالمتعاطفة والداعمة للنظام السوري لتتخذ مواقف متشددة في مجلس الأمن وهو ما أدركته حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسحبت مراقبيها مبكراً، معلنة أنها ترفض أن تكون شاهد زور على قتل وتصفية الأبرياء، واستشعار سيدي خادم الحرمين الشريفين لمسؤولياته التاريخية جميعها تنطلق من مرجعيات دينية وأخلاقية وهو ما أوضحه- حفظه الله- أثناء الاتصال مع الرئيس الروسي، فليس هناك مصالح سياسية لموقف بلادنا، فالتاريخ غداً سيحكم على ماذا فعل حكام المملكة العربية السعودية، والأطفال والنساء والشيوخ يقتلون على الهوية في سوريا، (ولقد أخرج البيهقي عن السائب بن يزيد رضي الله عنه أن رجلا قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأن أخاف في الله لومة لائم خير لي أم أقبل على نفسي؟ أي أهتم بنفسي وأشغلها بالعبادة، فقال عمر: من ولي من أمر المسلمين شيئاً فلا يخاف في الله لومة لائم، ومن كان خلواً فليقبل على نفسه، ولينصح لولي أمره). وهذا ما ترجمه مليكنا ووزير خارجيتنا الدبلوماسي الذي خرج عن طوره ولا يلام وهو يشاهد المواقف العربية والإقليمية والدولية المتخاذلة التي ما فتئت تمنح الفرص لقتلة الأطفال وتحاول أن تصفي حركة الشعب الأعزل الثائر ضد الظلم والطغيان.

فلا مجاملة، أو طأطأة رؤوس حتى وإن لم يقبل الروس، فالغالب على المسيرات الوصول بها إلى الغايات، ولا سيما إذا كان أهلها ذوي نفوس كبيرة والشاعر يقول:

إذا كانت النفوس كبــاراً تعبت في مـرادها الأجسام

وأتذكر وغيري لا ينسى موقف الملك فهد عام 1990م عندما قال مقولته الشهيرة اتخذت قراراً بعودة الكويت سلماً ما أمكن السلم وحرباً حينما لا يبقى خيار.

وبتوفيق الله تحققت الغاية، وإن كانت الظروف آنذاك غير معقدة بهذا الشكل الذي نعيشه الآن من استقطابات وسياسة محاور وضعف قوى عظمى بسبب ما يسمى بالحرب على الإرهاب، وخروج العراق من معادلة التوازنات الاستراتيجية وتسليمه لإيران تلهو وتلعب فيه وفي مقدراته كيفما تريد، وأدلل هنا على تصريح مستشار الأمن القومي العراقي الذي قال بالحرف (إن سقوط نظام الأسد أكبر خطر يهدد استقرار العراق ومستقبله) طائفية علنية ودون أي استحياء، بل ما يثير الضحك أن من قدموا على دبابات الغرب وأسقطوا نظام صدام حسين البعثي يرفضون الآن التدخل الخارجي في سوريا ويدعمون نظام بشار العنصري بالمال والعتاد، وهناك تقارير تلمح لوجود مقاتلين من العراق تساعد جيش الاحتلال السوري، هذه مواقف الدول الطائفية، أما مواقف الدول القومية أو التي لا تزال تعيش على ذكريات ستينيات القرن الماضي فهم يرفضون علناً التعامل مع نظام سوريا العنصري وفي السر هم يرفضون أن تقود المملكة أو قطر أو أي من دول الخليج التحركات ضد الأسد وجيشه البعثي ويسوقون اتهامات المخططات الامبريالية والتقسيم وووو.. الخ، فدويلات الخليج على حد وصفهم رجعية ومتخلفة ولا تستحق البقاء وتنفذ أجندات الغرب، بينما اتضح أنهم أكبر المتعاملين والمتآمرين على الأمة، واتضح أن نظام المقاومة والممانعة هو أكبر صديق لإسرائيل والحامي لحدودها الشمالية منذ أربعين عاماً، كما اتضح أن حركتي حماس وحزب الله هما من ينفذ أجندات خامئني بالحرف الواحد وتبين ذلك من تقارير المخابرات المصرية التي نشرت عن أحداث 28 يناير 2011م من فتح السجون وخلافها، وخرج تقرير حديث جداً يؤكد أن إسرائيل تمارس ضغطاً قوياً عن طريق لوبي لها في روسيا لدعم بشار الأسد بالعتاد والمعلومات لإنهاء ثورة الشعب وتوفير الغطاء الأممي له عن طريق استخدام الفيتو الروسي في مجلس الأمن، لست من أنصار نظرية المؤامرة، ولكن المقاصد كالمطايا تكون بقدر النوايا، والمقاصد والخطط أمامنا واضحة لكل قارئ، فاستخدام القوة في ليبيا كان عاجلاً وفي سوريا آجلاً، بل لم يتحدث أحد عن القوة سوى المملكة.

أخيراً.. صياغة السلام في سوريا المستباحة تحتاج لشجاعة المواجهة كما قال سمو الأمير سعود الفيصل يجب أن يرحل النظام طوعاً أو كرهاً، قال الشاعر:

الناس وإن ظلموا البرهان واعتسفوا

فالحرب أجدى على الدنيا من السلم

والشر إن تلقه بالخير ضقت به

ذرعاً وإن تلقه بالشر ينحسم

عاشت بلادي المملكة العربية السعودية وعاش قائدها اليعربي الأصيل الذي لا يساوم بمواقفه، عاش خادم الحرمين الشريفين الذي يحارب من أجل الدين والأخلاق في البحرين ونجح وفي اليمن ونجح، وفي سوريا وسينجح رغماً عن أنف أنظمة المقاومة والممانعة التي سقطت أقنعتها وقتلت أطفالها وانتهكت أعراض حرائرها.

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة