ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 05/03/2012/2012 Issue 14403

 14403 الأثنين 12 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

نعيش تجربُتنا التربوية في هذا العهد الزاهر الزاخر بالخير مخاضاً تطويرياً طموحاً، وسيلةً ومُراداً، يسانده، إرادةً وتوجيهاً، سيّدُ هذا الكيان العملاق ومهندس أحلامه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله، ويقوده بحماس سمو وزير التربية والتعليم ورفاقه الكرام، ويتوقع أن تفرز هذه الجهود بإذن الله نتائجَ تضعُ حدَّاً للعديد من السلبياتِ التي شكلتها مدْخلاتُ ومخْرجاتُ ممارساتنا التعليمية السابقة والمعاصرة، وأبرزُ شَواهِدها ظاهرة (التلقين) المباشِر وغير المباشِر في كثيرٍ من الزوايا التربوية، واعتبار ذلك مؤشَّراً (محموداً) لطلبِ العُلا وسهرِ الليالي! لتصبحُ الذاكرةُ (ضيف الشرف) الأثير، ويحتل العقلُ (مقعد المتفرج).

وإذا جاز الأخذُ بفرضية الترادفِ في المعنىَ بين التعليم والتَّلقينِ، جاز القولُ، بَقدْرٍ من اليقين، أنّ هُويةِ تجربتِنا التعليمية، قديمِها وحديثها، هي أقربُ إلى التلقينِ من التربية! وآيةُ ذلك حرصُ الكثير من الطلاب والطالبات، وخاصة في مرحلةِ التعليم العام (ما قبل الجامعي) وجزء من المرحلة الجامعية، على (استِظْهارِ) معظم الموادِ المكتوبةِ استظْهاراً حرفياً يَغْرقُ صاحبُه في لجّة الحرفِ دونِ (الاسْتغْراقِ) في المعنى، لا حبّاً في تلك المواد، ولكن خَوفاً من سْطوة المعلم أو ما بقَي له منها، أو طَمَعاً في رضاه! وإذا كان هذا المعلمُ في التَّحليلِ الأخير هو نفسُه أحدَ (مخْرجَات) آليةِ التعليم ذاتها، فماذَا عسَاه أن يْفعلَ خِلافاً لذلك؟!

والأهمُّ من ذلك كله أنَّ عقلَ الطالب أو الطالبة يتحوَّلُ نتيجةَ تلك الآلية إلى (وعاءٍ) لتخزينِ المعْرفةِ، وهنا أشبَّه المعرفةَ بالغِذَاءِ المخزَّنِ في عبوات، لكنه لا يبقىَ على حالٍ واحد، بل يتَغيّر بمرُور الزمن، لوناً وطعماً ورائحةً، حين يتجاوزُ (عمرَه الافتراضيَّ) ويَصبحُ نتيجةً لذلك غيرَ ملائمٍ (للاستهلاك) الآدمي، لعَدِم توافُقِه مع الشُّروطِ والضَّوابطِ الصحيةِ المقنّنةِ لفَائدتهِ.

كذلك المعرفةُ، بعضُها (يُعَلَّبُ) في العقُول شهوراً أو سنيناً، ثم (يتغيّر) بفعل ديناميّة الزمن، وإبداعِ الإنسان المتجدَّد الذي لا يصبر على (طعام) واحد، ولا يزالُ يُجرَّب، ويكتشفُ ويُحلَّل ويُنظَّر، ويربُط ويقارنُ، قبلن يَستنتجَ، ليأتَيَ في كل زمانٍ بجديد! هنَا، تغدُو فرضيّةُ الأمس حقيقةَ اليوم، وقد تفْقدُ وهجَها غداً أو بعدَ غدٍ أو بعدَ حين، بفعلِ ما يَطرأُ عليها من تَغُّيراتٍ، تَحْديِثاً أو تصْويِباً أو إضافةً ونحو ذلك.

من هنا، تبرزُ أهميةُ بل وحتميّةُ المخَاضِ المبَاركِ للحَراكِ التربويّ في بلادنا، الذي أشرتُ إليه في مْطلع هذا الحديث، طَمَعاً في إحْداثِ (نَقْلاتٍ) نوعيةٍ في العمليةِ التربوية، مادةً وآلياتٍ وأسلوبَ أدَاء، مما يَتَّفقُ مع لوَازم العقْل المعاصر، وفي الوقت نفسه، يَجْعلُ التربيةَ وسيلةً لاستثمارِ العقُولَ وتَنْميةَ المواهبِ، وخَلْقِ (تَحالُفٍ) سويَّ، سلوكيَّ وفكريَّ، مع طموحاتِ مستقبلِ الجِيلِ الجَدِيد، ليخْرجَ إلى الحياة متأَهّباً للمَواجَهةِ مع تحدَّياتِها ومطَالبِها، والرابحُ الأولُ والأخيرُ لهذه المواجَهةِ هو الوطنُ وأهلهُ، تنميةً وبناءً! ولِمَ لا، فالإنسانُ أولاً وأخيراً.. هو وسيلةُ التنمية وهو غايتُها.

قبل الوداع:

نعيشُ في عصر عَصيَّ وعصيبٍ معاً، اختلطتْ فيه كثيرٌ من المعاييرِ والقيمِ والعلاقاتِ بين البشر، فلم يعُدْ البعضُ منُّا قادراً على التَّمييزِ بين صَداقةٍ (أصيلة) وأخرى (مزَيَّفة)، بين صَدَاقةٍ (دائمة) وأخرى (موسمية)! وهناك نمطٌ آخر من الصداقات يسيّره (شراع المصلحة)، يبْقَى ما بقِيَتْ، فإذا انْقضَى الأربُ، ذابَتْ الصَّداقةُ، كما تَذْوي النَّار إذا لامسَها الماءُ.. أو كَمَا تَذْبلُ الشمعةُ إذا مسَّها الريحُ.

والله المستعان في كل حال،،،

 

الرئة الثالثة
مخاضنا التربوي الطموح.. إلى أين؟!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة