ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 05/03/2012/2012 Issue 14403

 14403 الأثنين 12 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

ضمن قائمة الدول الأقل والأكثر فسادا عالميا، حددت منظمة الشفافية الدولية نيوزيلندا أقل البلدان فساداً في العالم، بينما صنفت الصومال وكوريا الشمالية الأكثر فساداً على الإطلاق.

ولو تأملنا قائمة الأكثر فساداً، لوجدنا أن الدول الإسلامية في أسفل القائمة بمعدلات مخيفة، أفغانستان والعراق والسودان وتركمانستان وأوزباكستان.

كما أن الدول العربية يتراوح تصنيفها ما بين الوسط كالسعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة، وما بين ذيل القائمة كلبنان ومصر وسورية واليمن.

الآن وبعد هذه التصانيف المرعبة للفساد في الدول الإسلامية التي أحرى بها أن تكون الأقل فسادا في ظل نهج إسلامي «كامل» يضمن صلاح الحياة في جميع مجالاتها، حتى الاقتصادي منها. إنه أمر لا يدعو للأسف وحسب ولا للوقوف على الأطلال، ولا لاستدعاء الذاكرة إلى عهد النبي يوم كان الأمن في أوجه، للحد الذي كانت الأسواق تترك فيه بلا حراسة وقت الصلاة! ليس ذاك كله وحسب، إنما أيضاً قادتني - لا إرادياً - لتحليل الأمر تحليلاً نفسيا اجتماعياً، حيث إن الأمر له علاقة مباشرة بسلوك الفرد ونمط حياته، قناعاته وقراراته. وليس النظر إلى الأمر على أنه تقصير لمسؤول ما فقط!. لأن هذا سيدفعنا للبحث عن «المتهم» في أي قضية فساد قد تحصل، وهذا من شأنه أن يخفف عن كواهلنا الإحساس بالذنب فقط، لكنه لن يحل جذور المشكلة!. لذا سأتجاوز المسؤول المُقصر إلى الإنسان الفاسد! ما الذي فعله محمد - عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام - وما عجزنا عن فعله نحن المسلمين. ما الذي بَعثه في قلوب الناس حتى يخرج لنا أطفالا يقولون كلماتهم التاريخية كمثل: «إذا كان عمر لا يرانا فإن الله يرانا».

لقد اشتغل النبي الكريم على الذات، على أعمق نقطة في النفس، صَقلها، علَّمها النفور من الجريمة، وحب الحياة النقيّة والكرم والإيثار والنُصرة والصدق والعمل بوفاء!. إذن هل فقدنا الذات الصالحة؟ كيف يمكننا أن نحصل من جديد على نفوس سويّة وضمائر حية؟ ما الذي نحن بحاجة إليه، مساجد أكثر؟ دعويين أكثر، مشايخ أكثر، محتسبين أكثر، تشهير بالمحال المخالفة ووضع لافتة تشير إلى أن هذا المحل مخالف ومن ثم إغلاقه؟ هل نحن بحاجة إلى هيئة مكافحة فساد تشحذ اللوم، وتجهّز سبابتها للقبض على المتهمين؟ أعتقد أنه لا فائدة من معالجة الدخان إذا كانت النار مندلعة في الداخل، تعمُّد الإفساد مرده خطأ ما في التكوين الفكري والاعتقادي والتربوي!. الفعل يبدأ من فكرة، لذاك لدينا أفعال خيرة وأخرى سيئة. ومنها يصبح الإنسان إما صالحاً أو فاسداً؟!.. والأمر متروك لحِسبة غامضة، ما الذي يجعل أحدنا صالحاً والآخر فاسداً.

لا أتحدث هنا عن فساد إداري أو وظيفي، أتحدث عن فساد إنسان. فساد معتقداته ونواياه وقراراته التي ينتج عنها ردود فعله وقراراته.

أمر له علاقة بخَامةِ الإنسان ومعدنه، تماما مثلما نضع قطعتي خشب ونعرضهما للنار، تحترق إحداهما وتصدر دخاناً ساماً، وتحترق أخرى وتصدر رائحة العود!

لكنني الآن أتحدث على صعيد وطن!. لا يمكن لنا أن نترك الأمر منوطا بنوعية الإنسان ومعدنه!. لأن الخسائر ستكون أكبر من وصفنا إنسانا بالصلاح أو بالفساد.

إذن ما هو الأمر الذي يمكننا به أن نتحكم في صلاح الناس وفسادهم. إن حقيقة الثواب والعقاب الرباني لم تعد تردع الناس الآن للأسف، في ظل غياب الوازع الديني وشيوع المغريات، وطغيان المادة، وسهولة ارتكاب الجريمة، مقارنة بالسابق. وكما يقولون «من أمن العقوبة أساء الأدب».

ما الذي يجعل المسؤولين في اليابان يقدمون استقالاتهم بسبب الأضرار المترتبة على فيضان تسونامي، وفي المقابل يجعل المسؤولين المتهمين في قضية سيول جدة يبكون وينكرون أفعالهم في محاكمتهم الأسبوع الماضي؟ ما الذي يجعل بعض المسلمين ميّتي الضمائر؟ لماذا أصبحنا بحاجة إلى ضمائر المحتسبين المنفصلة عنا لتنعش رادعنا الداخلي المريض؟!

إلى أن نجد الجواب أو الطريق الصحيح لأن نُنُعش إنساننا الأفضل.. لابد لنا من جهة تهب شهادات جودة في كل شيء، حسب معايير صارمة. ليس فقط للسلع والمنتجات والخدمات! نريد وكالات تقيّم كل شيء، نحن بحاجة إلى مراقبة جودة الأطباق المقدمة في المطاعم، جودة خدمات الصالونات والأندية الرياضية، والمؤسسات الخيرية، وصناعة الأفلام والمسلسلات وكل شيء.. نحن بحاجة إلى جهات - ليست بالضرورة حكومية - تقدم جوائز مُجزية ومُحفزّة للتميّز في كل المجالات.

قبل أسبوع قامت لجنة التنمية الاجتماعية في القطيف بتقديم الجوائز للمتفوقين والمتميزين في المجالات العلمية والأدبية والفنية والرياضية، ضمن مهرجان جائزة القطيف للإنجاز. أطلق الفكرة رجل الأعمال الأستاذ سعيد الخباز، لهدف احتواء وتشجيع أي طاقة بناءة ومبدعة. بعدها بدأ تشكيل فريق من المتطوعين والرعاة الرسميين، وأقيم أول مهرجان لتقديم الجوائز عام 2009 في صالة الملك عبد الله في القديح. الجوائز المقدمة تخص مجالات متفرقة كالبحث العلمي والتقنية والاختراع والأدب وعلوم الإدارة والاقتصاد، وللصغار أيضاً جائزة الناشئ المُنجز. فلو تضافرت الجهود في هذا المجال - أعني تتجه الأنظار إلى الثواب والمكافأة والتحفيز - سنعود بمردود أكبر بكثير من أن نختبئ خلف صمتنا وننتظر المتهم لنطلق عليه رصاص التُهم ومن ثم جرّه مقيدا للسجن!. لأنه إذا اكتشفنا مُقصّراً واحداً هذا يعني أن هناك آلاف المجرمين - أحسن حظاً - لم يتم فضحهم بعد!.

kowther.ma.arbash@gmail.com
 

إني أرى
لسنا بحاجة إلى قَنّاصة!
كوثر الأربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة