ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 11/03/2012/2012 Issue 14409

 14409 الأحد 18 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

من مقاطعة تشين خاي الواقعة شمال غرب الصين جاءتني لغة القرآن الكريم ترفل في ثوبها القشيب، وتنطق بلسانها الفصيح، وتعزف على مسامعي لحنها المبدع، أسعدتني لغة القرآن، وأشعرتني بجمالها وجلالها وهي تنساب على لسان الشاب الصيني (ماتشان وو)، الذي أصبح اسمه بعد إسلامه (عيسى بن حسين)، وعلى لساني صاحبيه (هان جيان شينغ) المعروف بعد إسلامه بـ(سليمان بن حسين) و(مايي تساي) المعروف باسم (إسماعيل).

زارني الثلاثة في مكتبي بالرياض؛ لأن (عيسى) يُعِدُّ بحثاً جامعياً عن شعري، وهو طالب في مرحلة الماجستير في قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي، وكان يريد معرفة بعض الجوانب المتعلقة بالقضايا الإسلامية في شعري. زاروني فأسعدوني؛ لأن لغتهم العربية الفصحى كانت جيدة متقنة، ولأن تذوقهم للشعر العربي كان ممتازاً، بل إن عيسى طرح عدداً من الأسئلة عن الأدب والشعر أوضحت لي المستوى الممتاز الذي وصل إليه في فَهْم وتذوق وحب لغة القرآن الكريم.

حدثني عن الأوضاع في مقاطعتهم الصينية (تشين خاي)، وعن اهتمام المسلمين فيها بالإسلام، وحرصهم على اللغة العربية وتعلمها، ومتابعتهم من خلال المثقفين من أبنائهم وبناتهم للأدب العربي شعراً ونثراً، انطلاقاً من عنايتهم الكبرى بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وأخبرني عن متابعتهم لمعظم قصائدي وحفظهم لها؛ لما فيها من التعبير عن قضايا المسلمين في أنحاء العالم، ولما لمسه هو فيها من جوانب فنية جعلته يختار بعضها لدراستها في بحثه الجامعي. وحينما سألته ماذا يعني بالجوانب الفنية؟ تحدَّث لي عن البلاغة والبيان وما يتعلق بها من التشبيه والاستعارة والصور البديعية، وتناسق الكلمات، وترابط المعاني، وجودة الأسلوب، واستخدام صور بيانية تعبِّر عن شعور المسلم في كل مكان.

وتحدث سليمان وإسماعيل عن مثل ذلك حديثاً أشعرني بمدى أهمية نشر لغتنا العربية المشرقة على مستوى العالم، وهو ما تحقق - ولله الحمد - من خلال جمعيات تحفيظ القرآن الكريم، لكنه ما زال ضيفاً إذا ما قيس بأعداد المسلمين المتشوقين إلى اللسان العربي الذي يربطهم بالقرآن الكريم.

أكد لي الإخوة الصينيون متانة علاقتهم بي من خلال الشعر منذ سنوات، وهو أمر برز في لقائي بهم؛ لما كان يكتنفه من المودة والألفة، والمحبة في الله؛ فهم يسمعون ويقرؤون وهم في الصين، ويتفاعلون، ويرتبطون بأمتهم في بلاد الحرمين الشريفين وغيرها من بلاد المسلمين في العالم العربي ارتباطاً روحياً عميقاً.

أعجبتني بعض اللفتات التي تدل على تعمق عيسى بن حسين (ماتشان وو) في قراءة شعري؛ فقد أشار إلى تحقُّق ما قلته في قصيدتي (عفواً بني قومي) بصورة جيدة في شعري، وذكرني بآخر بيت في القصيدة:

بيني وبين الشعر عهد صادق

أن نجعل الإسلام مبدأنا الأغرّ

قلت له: ادع لي وأدعو لك أن يرزقنا الله الثبات على الحق حتى نلقاه.

أقول لأدباء وشعراء المسلمين: لا عذر لكم في هذا العصر؛ فأبواب التواصل مفتوحة، وجسوره ممدودة، وما عليكم إلا أن تبدعوا وتربطوا إبداعكم بدينكم الحق، دين الفطرة السليمة، والعدل، والخير؛ حتى تنشروا الرؤية الإسلامية في الأدب في كل مكان.

إشارة:

إذا اشتكى مسلم في الهند أرَّقني

وإن بكى مسلم في الصين أبكاني

 

دفق قلم
الشعر العربي والصين
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة