ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 11/03/2012/2012 Issue 14409

 14409 الأحد 18 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

سلمان سرادق المجد عليك ممدود.. السدارى مهالبة الدولة السعودية إنها البيوتات
محمد بن عبدالله بن عمر آل الشيخ

رجوع

 

التاريخ لا يوهب ولكن يصنع، والمجد لا يأتي عفواً بلا تعب وليس أقوالاً دون فعال فهو غاية ما يسعى له أفذاذ الرجال ويجد في طلبه السادة الكرام تنافساً في نيله وسباقاً في مضاميره وتشميراً نحوه وطلباً للمعالي فهو ليس مناصب تمنح أو وظائف تعطى فيكون بلوغها ونيلها بوابة عبور ودخول إليه بغض النظر عن مدى الأهلية والاستحقاق والقدرة على النهوض بواجباته أو الكفاءة في تأدية مسؤولياته التاريخ بناء تتعاقب على بنائه أجيال تتلاقى هممهم وتتحد جهودهم على صنعه والنهوض به وبناء أركانه ورفع بنيانه فتصل الماضي بالحاضر وتدرك أهمية رسالتها في الحياة فتحيا له وتعمل تأصيلاً لمعانيه وترجمته لواقع يتمثل في صفات سامية وطبائع كريمة وأخلاق شريفة فتخلف بعدها أعمالاً جليلة وآثاراً عظيمة خالدة تشهد لأصحابها بالشرف وتقر لهم بالمجد هذه هي الحقيقة في صورتها الصادقة ومعانيها الواضحة في تاريخ الدول الإسلامية أسر كان لها مساهمات وأدوار خطيرة في عهود الممالك والخلافات ومشاركة وبلاء مشهود ومعروف في ملاحم قيامها وبدايات تأسيسها من حماية وتمهيد لسلطانها ومن حراسة لتخومها وتأثير واضح وقوي في حركة الحياة وصناعة الأحداث ورسم الأهداف وتحقيقها. صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع تتجمع فيه كل الصفات المطلوبة لقائد ورجل تاريخ وأعظمها وعيه برسالة بيته فقد تقمصته مسؤولياتها والتزاماتها فهو قارئ وعالم ومحيط بتاريخ أسرته والجزيرة لذلك لكلامه موثوقية خاصة ومهمة فحين تحدث في دعوة كريمة ومناسبة عزيزة حضرها مؤخراً جاءت وفاءً وتخليداً لذكرى رجل نهض بدور خطير في أوقات صعبة وظروف عصيبة وهو الأمير خالد الأحمد السديري لم يأت فخره بخؤولة السدارى له ولأشقائه وأن ثلاثة عشر نجلاً وثماني بنات من مجموع أبناء الملك عبدالعزيز يمتون بصلة الخؤولة لهذه الأسرة من فراغ أو لمجرد الانتماء فقط وإنما لمعرفته بالتاريخ وقال أيضاً: إن السدارى يفخرون بخؤولة الملك عبدالعزيز لأن الملك غاية المجد ونهاية كل حسب مع أنه رحمه الله وأنجاله الكرام لابد أن يكون نزعهم عرق السديريين الكريم ومجدهم الصميم فهم أهل مأثرة في المجد معروفة الأعلام والسنن، والعرب مولعة بتتبع ورصد الظواهر التي تعتبرها نادرة الحدوث فتقول ثلاثة قضاة في نسق أو ثلاثة علماء في نسق وثلاثة أمراء في نسق وعليها فقس والأمير أحمد السديري الجد المباشر لصاحب السمو الملكي الأمير سلمن بن عبد العزيز من جهة أمه أولاده كلهم أمراء وقادة وشعراء في جملتهم وهي صفات وأخلاق نادرة قلما تجتمع لأحد، وهل ينسى أحد الأمير الفارس الشاعر الأديب محمد الأحمد السديري فلا عجب إن رأينا أيضاً نجابة محيرة ونبوغاً مذهلاً في سبعة من أنجب أبناء الملك عبدالعزيز أخوالهم السدارى فالوراثة يدرسها المختصون في الطب وهي بالنسبة لهم علم هام في معرفة الأمراض وبواعث حدوثها وأسباب علاجها فلها مسئولية واسعة في التأثيرات السلبية والإيجابية على صحة الإنسان ناهيكم بأثرها في تكوينه عقلياً وفكرياً وأخلاقيا، فالعرب تقول كادت المرأة أن تلد أخاها وعرق الخال لا ينام وثلثا الولد لخاله والعامة أيضاً تقول الخال تحت الوسادة، وإذا كانت العرب تفاخر برضاع الملوك وأبنائهم وكونهم أظئاراً لهم وتتباهى بنشأتهم في ديارهم وإقامتهم بينهم أو تربيتهم فما هو حال من هو خال لغالبهم وكثير منهم قال كسرى هل في العرب قبيلة تشرف على قبيلة فأجيب بقول نعم فقال بأي شيء قال من كان له ثلاثة آباء متوالية رؤساء ثم اتصل ذلك بأعمال الرابع فالبيت من قبيلته وطلب ذلك فلم يجده إلا في آل حذيفة وآل ذي الجدين وآل الأشعث وآل حاجب بن زرارة وآل قيس بن عاصم ومعهم بيت بني الذبيان من بني الحارث بن كعب اليمني فكانوا بعد بني هاشم هم بيوتات العرب فمعنى البيت بناءً على هذه المعايير والشروط يصدق وصفه على السدارى فقد تسلسلوا في المجد بطوناً وتوارثوه أجيالاً والشرف والحسب إنما هو بخلال فمعنى البيت إذاً أن يولد لرجل في آبائه أشراف مذكورون تكون له بولادتهم إياه والانتساب إليهم تجلة في آل جلدته لما وقر في نفوسهم من تجلة سلفه وشرفهم بخلاله والناس في نشأتهم وتناسلهم معادن، وذكر محمد جلال كشك ص 241 في كتابه الشهير السعوديون والحل الإسلامي فقال أما آن بلنت فقد تحمست على عادتها فتنبأت ببعث الملكية الوهابية في حايل واعتبرت آل رشيد ورثة السعوديين وذهبت في أحلامها إلى توقع قيام مملكة تضم من الأراضي ما يمتد إلى خلف الأردن وربما كان توقعها سليماً لولا أنه في نفس العام الذي كتبت فيه كلامها هذا ولد في بيت آل سعود طفل قدر له أن يصفي من ينازع آل سعود الحكم ويعيد الملك إلى مركزه الشرعي والتاريخي ولا شك أن السدارى في تاريخهم الممتد عبر ثلاثة قرون وبما لهم من آثار عظيمة ومواقف خالدة في تاريخ البلاد السعودية وصلتهم بآل سعود كان من مفاخرهم التي لا يشاركون فيها ولادتهلعبدالعزيز، فدماؤهم تسري في جسده وأعراقهم تنميه.

فعبد العزيز بن عبدالرحمن من أفحل رجال الإسلام في عقله وتدبيره وصبره وشدة بأسه ولكن كان وراءه عظمة اسم آل سعود وكان اسم آل سعود حرياً بأن ينهض به مهما كان مهيض الجناح على أن عبدالعزيز كان جامعاً بين الاسم والفعل، لقد كانت عبارات سموه غاية في تجسيد الحقيقة وتجليتها وبيانها وعرضها فيقف الباحث المتجرد عن الأهواء والعواطف أمامها فيتيقن صوابها ويؤمن بأنها أصابت الحق ونطقت به فالواقع أكبر شواهدها وأعظم أدلتها ستبقى هذه الأسرة تاريخاً لا يمحى ولن يزول لما لأفراد هذا البيت من مواقف الفداء والتضحية ومقامات المسؤولية وبما شادوا وأبقوا من آثار شامخة تشهد لهم بالمشاركة القوية والفاعلة التي أسهمت في صنع وتكوين وقيام ووجود هذا الكيان ما بين وقائع ومعارك وغزوات وحوادث وملاحم تشهد بأن رجالها كانوا أبطالاً لا يشق لهم غبار في ساحات الوغى جنًا على صهوات الجياد وقادة ملهمين وساسة مؤهلين برعوا في الإدارة والحكم أيام السلم، لقد تبادر في ذهني ما كتبه المؤرخون عن أسرة المهالبة في دولة بني أمية فقد كان رجالاتها من قادة الحكم فيها وممن بسط سلطان خلافتها ومد نفوذها إلى أنحاء من الدنيا، ولهم حضورخطير وتأثير شديد وعظيم على مجريات الاحداث، ولا أظن أني أخطئ حين أقول بالتقارب والمشابهة والربط بين المهالبة والسدارى مع الأخذ في الاعتبار الفوارق والمتغيرات التي تحكمها ظروف العصر وتختلف نتيجة التباين نتيجة التباين بين طبيعة المرحلتين مع أنه يبقى لكل أسرة خصائص تنفرد بها وصفات تميزها وأخلاق تحكمها ولكن يظل هناك أوجه شبه تتلاقى فيها الأسرتان أولهما الانتماء لنفس الأرومة ونهوض الولد مع والده في مهامه ومشاركة مسؤولياته وتوليه شؤون الجيوش وقيادة الحروب، ومن بعد ذاك خلافته لأبيه والقيام بالأمر من بعده وهي أعمال من الخطورة بمكان بحيث يلغي فيها الحاكم العاطفة وتكون الكلمة للعقل وحده فقط فهي تتعلق بوجود ومصير الدولة، فالقرار لابد أن يتجرد عن الهوى ويعتمد على رعاية المصالح وتقديمها على كل شيء لأن القرار حينها يعني بقاء أو زوال الحكم وتختص قيادات الأسرتين بتوليها أطراف وأقاصي وثغور الدولة وحماية الحدود فالمخاطر معها تحيط بتحركات هؤلاء الأمراء فغالبها يتم داخل أراضي الأعداء ويعتمد على التوغل في مجاهلها مما يعني أن العواقب مخيفة في مواجهة عدو هو أعلم بمسالك أرضه وطبيعتها وقربه من قواعده وسهولة الإمدادات فالحروب لايصلح لها إلا الرجل المكيث ومن خاض غمارها وعرف أهوالها لقد تولى السدارى ولاية أقاليم كالأحساء وعمان عقوداً من الزمن وتتابع على حكمها أفراد منهم أقرهم الحكام من آل سعود عليها وطالت أيامهم في الولاية والحكم فأورثهم ذلك معرفة بطبيعتها أرضاً وصلات بأهلها وأحبوهم لحسن سياستهم ومع ذلك وحين ضعفت الدولة السعودية الثانية نتيجة خلاف ونزاع الإمامين عبدالله بن فيصل وسعود بن فيصل لم يروا في النزاع فرصة للوثوب على ما تحت أيديهم والاستقلال بالحكم والتحرر من التبعية والخضوع للدولة وقد كانت الظروف تسعفهم والأحوال تخدمهم في ذلك ومواهبهم وقدراتهم الشخصية وتاريخهم في هذه البلاد عوامل مؤثرة تساعدهم جداً على تحقيق مثل هذه الطموحات ونيل هذه المآرب وبلوغ الأهداف لكنه الدين والعقيدة والأخلاق والفضائل التي رضعوها ونشأوا عليها والوفاء والولاء لدولة التوحيد حين تتولى المسؤوليات وتنهض بالمهام وتكلف بعظائم الأمور ويعهد إليك بالأعمال الخطيرة والمسؤوليات الكبيرة في بلاد قاصية ونواح منها بعيدة فتحيط بك الأعداء وتجتمع عليك الخصوم وأنت في ديارهم وتقيم على أرضهم فهذه من بواقع الدهر وفواقر الحياة كيف والمشارب مختلفة والأهواء متنوعة والنوايا متباينة أو مجهولة وسيئة كيف سيكون أسلوب السياسة وما هي طريقة الحكم وكيفية الإدارة هذه تحديداً سر نبوغ رجالات هذه الأسرة ودليل تميزها وبرهان نبوغ أبنائها إنها سلسلة تاريخية ممتدة الحلقات شاركت في صنعها أجيال من أبناء هذا البيت، فالتاريخ بالنسبة لهم ليس ولاية تنال وإنما هو أمانة إرث وصيانة مجد يتعاهد الأبناء على تجديده ويحفظون معه سيرة آبائهم وراية محمولة بأيديهم عبر عصور من الزمان كان التنافس فيها على حماية هذا التاريخ ورعاية هذا المجد وحفظ ما مهد لهم من السلطان فيحوطونه ويصونون ما وهب الله لهم منه مع تسنمهم معالي الأمور ورفضهم دنياتها تجد ذكر السدارى عند مجيء الحديث عنهم وورود أخبارهم في التاريخ يتنوع ما بين إمارة وحكم وحسب ضخم وسؤدد فخم وشجاعة وكرم وفصاحة وبيان وعقل وحسن سياسة وكمال رأي ويحضرون بذكرهم العاطر وسجاياهم المحمودة طهارة أعراق وكرم الأخلاق، هذا في التواريخ المحلية في نجد قبل ظهور الدولة وقيامها ويردون بأعمالهم وآثارهم وجهادهم في التواريخ السعودية بعد ذلك كابن بشر وأيضاً في المصادر العمانية وإمارات ساحل الخليج العربي، كذلك اليمنية والارشيف العثماني، وأما اكتب والتقارير الغربية فهي تحفل بذكرهم وتتناول أعمالهم وشخصياتهم كثيراً حضرت هذه الخواطر في نفسي وأنا أقرأ كتاب دراسات في تاريخ الجزيرة العربية الحديث المعاصر للدكتور عبد الفتاح حسن أبو علية وهو يعرّف ويتناول ويعلق على بعض ما ورد في كتاب عقود الجمان في أيام آل سعود في عمان فأورد نصوصاً أحببت أن أقتبس بعضاً منها فراح ينشد تقوية صلتنا بنجد ويعين لها أميراً قديراً على تصريف الأمور فيها ومدبراً حكيماً فهداه الرأي إلى الأمير أحمد بن محمد السديري ولم نعرف الأمير الذي كان في البريمي وقت مجيء الأمير عبد الله بن فيصل إليها وكان ذلك قبل توليه الإمامة ولكن في سنة 1270 لمع في أفق عمان اسم الأمير الخطير أحمد بن محمد السديري.

الأمير أحمد بن محمد السديري علم من أعلام الرجال وبطل من الأبطال الذين يشار إليهم بالبنان وتعقد عليهم خناصرهن وشخصية بارزة بين أمراء آل سعود الكبار، تولى عدة مناصب حكومية وتقلبت عليه عدة حكومات في نجد وكلها أقرته في عمله على اختلاف مشاربها ونزعاتها السياسية، وهذا دليل على أن الرجل لا كالرجال العاديين كان عند خروج الإمام تركي بن عبدالله وتوليه الولاية في نجد سنة 1239 أميرا في الغاط قال الريحاني الغاط إنها مسكن السدارى الذين صاهرهم آل سعود قديماً وحديثا وأقروهم في البلاد، وقد كان السديري أميراً على عُمان في الزمن الغابر وكان والده أحمد جد الملك عبدالعزيز أميراً على الأحساء في عهد الإمام فيصل وعندما جاءت الأتراك أقروه على عمله وولوه بيت المال في الأحساء وعندما تولى خالد بن سعود أمر نجد سنة 1254 أقره وولاه، وهكذا فعل عبدالله بن ثنيان لما تولى أمر نجد أقره في عمله وجعله أميراً في القطيف ونواحيها، ولما تولى الإمام فيصل بن تركي المرة الثانية كان أحمد السديري في مقدمة أمرائه وخاصة رجاله، وعهد إليه في كثير من مهام أمره قال ابن بشر: إنه وبنوه من أحسن الناس سيرة وأصفاهم سريرة ولهم في الولايات مفاخر رفيعة قد خصهم الله ببذل المعروف وسلامة القلب وقال عبدالله بن خالد الحاتم في حقه ذو الرئاسة والأدب صاحب العقل الحصيف والرأي السديد والشجاعة النادرة والكرم الحاتمي والفصاحة المتناهية أحمد بن محمد السديري جامع خصال الرجولة ومكتمل صفات البطولة صاحب المكانة الرفيعة في دولة آل سعود وغيرهم عن جدارة واستحقاق أرسله الإمام فيصل بن تركي والياً على عُمان ونواحيها فقاد السرايا الإسلامية المظفرة يعالج المشاكل بالعقل أولاً ثم بالسيف أخيراً إذ لا مناص عنه قصده الشعراء ومدحوه فأجازهم، ولم يكن هو منفرداً بهذه الخصال الحميدة بل حتى أبناؤه درجوا عليها منافسين والدهم بحكم غريزتهم وما جبلوا عليه وكلهم ذو منصب رفيع ومكانة سامية، وقد اعترف لهم بذلك حتى ألد أعدائهم فهم كالحلقة المفرغة لا يُعرف طرفها لقد كان أميراً في الأحساء من أمدٍ بعيد ومن الأحساء نُقل إلى عُمان اشتهر فيها هو وابنه تركي بحروبهم وفتوحاتهم حيث غطت أخبارهما على من كان قبلهما حتى ظن البعض أن عُمان لم تكن فيها إمارة لآل سعود قبل السديري لما يسمعونه من أخبارهما وحربهما وانتصاراتهما على العدو في جميع المواطن وكان أحمد شاعراً بليغاً وأديباً متفننً ومن شعره قصيدته النبطية التي مطلعها:

بداجي دجي الديجور هلت مدامع

على وجنتي واليفن للنوم حاربه

وله قصائد أُخر كلها غرد في بابها، وقد وفد عليه الشعراء ومدحوه فأجزل لهم العطايا وله مساجلات شعرية وقصائد نبطية مع الشاعر القاضي وممن مدحوه العالم الفقيه أحمد المشرف ومن شعراء نجد محمد بن عشبان وابن لعبون وأبو عنقا وسليم عبدالحي وله مع القاضي محمد بن عبدالله مساجلات ومدائح وكانت سفن الغوص في بلاد الساحل تدفع كل سفينة مورة من الأرز لضيافة السديري وكان المضيف لا يُذبح فيه إلا الإبل كما أن قرية رأس الحد تأخذ رسماً على السفن التي ترسي فيها وتدفعه إلى أمراء جعلان لضيافة السديري وقد ظلت هذه الرسوم تُؤخذ حتى بعد وفاة السديري وانقطاع آل سعود عن عُمان.

هذا هو أحمد بن محمد السديري ولم نكد نتبين أيامه من أيام ابنه في عُمان إلا أنه هو الذي قضى على الفوضى التي حصلت في عُمان بعد حادثة ابن طحنون وقبل وصول عبدالله بن فيصل الأمير حينها فقد أعاد الأمور إلى مجاريها وله أعمال تذكر فتُشكر أفادنا عنها الشيخ عبدالله بن سلطان حاكم الشارقة آنذاك، وكان هو في لنجه من ساحل فارس فكتب إلى وكيله في الشارقة كتاباً ومن جهة علوم السديري وصلت مكاتيبه وعلمه يبيض وجهه ومثل هذا الكلام يدل على فعل حسن وفي 22 شوال وصل إلى فلاح وهو مورد ماء في واجهة الشارقة وخيم عليه فهرع إليه جميع شيوخ بلاد الساحل والبدو مظهرين الولاء والإخلاص لآل سعود فكان مؤتمراً عاماً هاماً قرر ورتب فيه الأمور فسارت سيراً حسناً، وقد كان بنو كعب فيما سبق استولوا على بيت الشريعة المعروف في بلدة اصعرى وأصعرى هذه مفتاح البريمي فانتزعه منهم هذا ما يقال عن أحمد السديري، أما أولاده فكلهم أمراء وقواد للجيش السعودي ولكل منهم مفاخر تُشكر، ونخص بالذكر منهم الأمير الخطير تركي بن أحمد السديري وسيأتي التنبيه على بعض ما حصل له، وله في تاريخ عُمان حوادث كبيرة منذ أن تولى إلى أن توفي تركي بن أحمد السديري هو الذي خلف أباه في إمارة البريمي وكل ما يذكر للسدارى فهو له وقد غطت أفعاله على من كان قبله في حروبه وسياسته وتدبيره وقد ذكره صاحب تُحفة الأعيان في ذكر أعيان عُمان في مواضيع عديدة وما نقله غيره أكثر وأكبر وكانت أيامه أيام عدلٍ وأمان وراحة لجميع السكان وأعطى ووهب وانتقم ممن تعدى ونهب وكان ثقيل الوطأة على من خالفه ولهذا ترتعد فرائص الأعداء فزعاً وخوفاً من شدة بأسه وقوة شكيمته وقد امتدت سلطته في عمان من رأس الحد إلى حدود الأحساء. تركي بن أحمد السديري استمر بعد ذلك الثويني في دفع ما كان يدفعه هو ووالده من قبل آل سعود ولكنه استاء مما حصل للسديري من نفوذٍ وحسن سمعة وبعد صيت وانقياد الناس له بادية وحاضرة كم عاشت أممٌ وأقوام ومضوا فما قدروا أن ينقصوا الأرض ولا أن يزيدوها حبة تراب وإنما تركوا ما حفظ التاريخ لا غير ومن غلبوا على الأمور يظنون أنهم يسخرون الحقائق كما يسخرون الأهالي ويغلبون على التاريخ كما غلبوا على المناصب.

وأخذ أمر السديري يظهر وحظه يكبر فقد دان له سالم بن ثويني وأصبحت عمان تحت أمره ونهيه ولما علم الأمير تركي بن أحمد السديري بذلك جاء بقوته ودخل الممزر وهدم حصونها وأخذ الشيخ محمد بن صقر إلى الشارقة وأصلح بينه وبين عمه، وعندما أراد الشيخ خالد بناء حصن الزور سنة 1280 قام ضده حاكم عجمان وأيده بعض أمراء الساحل فقامت مشادة بينهما لأن عجمان تقع تحت رحمة قابض البرج ولما علم الأمير تركي بتلك جاء قاصداً الزوراء فخمدت تلك النيران المشتعلة ضد خالد فسمع بذلك يعني السديري فرجع من منح وجاء على طريق الجبل في طريق الشعي ومات له خيلٌ من صعوبة الطريق، وجاء صاحب البريمي يعني السديري ليصلح الحال في ظاهر الأمر وحين علم به السلطان رجع عن حرب الرستاق ومضى إلى بلاده وما كان الثويني ليرجع عن الرستاق لولا قوة السديري التي نازلته وأرغمته على فك الحصار والجلاء عن الدار، أما السديري فبعدما تقدم استدعي إلى جعلان وألح عليه بنو علي للوصول اليهم فسار إليهم بحيث اخترق به عمان والظاهرة وكل ما مر على قومٍ سالموه ومشوا معه، هذه نتفٌ لهم وشذرات مقتضبة من أخبار السدارى وطرف من تاريخهم وإلمامة سريعة بشيء من أيامهم في عمان أحببت الإشارة إليها والتنبيه عليها وذكرها وقد ظل قصر السديري في عمان عبر الدهور شاهداً وناطقاً بتاريخ أسلاف هذه الأسرة الذين تقلّدوا الأعمال الخطيرة ونهضوا بالمسؤوليات العظيمة وبقيت تواريخ باذخة وأمجاد شامخة في أنحاء أخرى من هذه الجزيرة وإمارات الساحل وفي بعض الدول المجاورة حين يبحث فيها المؤرخ سيجد تاريخهم في ضخامته ومجده وتقادم عهوده هرماً عظيماً يشمخ ويرتفع فتشع منه أنوار التاريخ فتسطع على ذراه وتلوح بوارق المجد والشرف على محياه من كل ناحية وصوب فالسدارى من دعائم الحكم والملك التي يجب أن تبقى وتدوم ومن الشواهد الشامخة على تاريخ الدولة العريق ومجدها المؤثل.

وما تخفى المكارم حيث كانت

ولا أهل المكارم حيث كانوا

هذى أصولكم وتلك فروعكم

جاء الصميم من الصميم بديلاً

فلا قطع الرحمن أصلاً أتى به

فإني رأيت الطيب الطيب الأصل

هو المجد ليس يحويه من لم

يتقدم فيه أبوه وجده

شرف تتابع كابراً عن كابر

كالرمح أنبوباً على أنبوبي

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة