ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 12/03/2012/2012 Issue 14410

 14410 الأثنين 19 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في الحلقة الأولى من هذه المقالة كان الحديث باختصار عن مسيرة تاريخ ضياع القدس أو تضييعها، وفي هذه الحلقة سيكون تركيز الحديث على مسألة “التوجُّه إلى مجلس الأمن - كما قيل - بغرض استصدار قرار يقضي بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل (الدولة الصهيونية) منذ احتلالها للقدس العربية عام 1967م، بقصد طمس معالمها الإسلامية والعربية”.

والذي يراه كاتب هذه السطور أنّ ذلك التوجُّه لا يضر، لكنه لن يجدي نفعاً، فمن تأمَّل تاريخ مجلس الأمن بالنسبة لقضايا أُمَّتنا، لاسيما قضية فلسطين، يتّضح أنّ أمريكا هي المتحكِّمة بأمره تُصرِّفه كيفما تشاء، وأنها لا يمكن أن توافق على أيِّ أمر لا يرضاه الكيان الصهيوني، وأنه لو فرض أنّ ذلك المجلس أصدر قرار إدانة لهذا الكيان في أمرٍ ما فإنّ الصهاينة لا يأبهون به ولا يكترثون، ذلك أنّ كيانهم المؤسّس على الجرائم والمستمر على ارتكابها برهن؛ واقعاً ملموساً، على أنه أقوى من القوانين الدولية مع الأسف الشديد.

وكنت قد أدركت وضع مجلس الأمن وقراراته منذ أكثر من أربعين عاماً. ففي عام 1968م كتبت قصيدة عنوانها: “الحل السليم” ورد فيها:

كل القرارات التي صدرت

وتعاقبت من هيئة الأمم

بقيت كما جاءت بلا أثرٍ

لا خفَّفت بؤسي ولا ألمي

مفعولها حبر على ورقٍ

ووجودها ما زال كالعدم

لم يبق لي حلم بقدرتها

عشرون عاماً بدَّدت حلمي

الحلُّ عند “الفتح” “عاصفة”

تزداد عنفاً كل ملتحمِ

شهم فدائي وثائرة

وهجوم مِقدامٍ وضرْب كمي

وكتيبة تمضي فتخلفها

أخرى تحيط الأفق بالضرم

وفيالق في الدرب زاحفة

لتدكَّ صرح عدوة الأمم

وكانت منظمة “فتح” بجناحها العسكري “العاصفة” - عند كتابة تلك الأبيات - غير ما أصبحت عليه فيما بعد كما يعلم ويرى الكثيرون؛ وبخاصة بعدما أقدمت على ارتكاب اتفاقية أوسلو السيئة طريقة بداية، المشؤومة مضموناً، والمأساوية نتائج.

ولم يكن فشل مجلس الأمن بالنسبة لقضايا أُمَّتنا متجلِّياً في قضية فلسطين فحسب؛ بل كان - وما يزال - واضحاً جليَّاً في سائر تلك القضايا. فلقد ظهر في قضية البوسنا والهرسك حين اتخذ المسيطرون عليه من التسويف وسيلة حتى اكتمل مسلسل الجرائم الفظيعة هناك ضد مسلمي تلك البلاد. ولقد حاولت التعبير عمّا أدركته حينذاك بأبيات في عدد من القصائد .. فقلت في إحداها:

وجرائم الأعداء تبدو عندها

أفعال هولاكو أعفَّ وأرحما

ومُفسِّر القانون وفق مزاجه

يرنو أصمَّ إلى الجرائم أبكما

ويمارس التسويف خُطَّة بارع

حتى يراق دم البريء ويعدما

ما كان أسرعه ليردع ظالماً

لو لم يك المظلوم شعباً مسلما

وقلت في أخرى:

والصرب ضد بني الإسلام قد كشفوا

ما أضمروا من نوايا مكرهم حقبا

وكَشَّروا عن نيوب الحقد فارتكبوا

ما دونه بطش هولاكو وما ارتكبا

والسادرون من الحكام ما برحوا

يرجون من نهب الأوطان واستلبا

لمجلس الأمن قد مَدُّوا أكفَّهمُ

ساء المؤمِّل والمأمول منقلبا

هل يفرض المجلس الدوليُّ سلطته

إلاّ إذا استهدف الإسلام والعربا؟

ومن المعلوم والمشاهد أنّ الدولة الأمريكية هي المُتحكِّمة في مجلس الأمن؛ إذ لا يستطيع أن يصدر قراراً إلاّ بموافقتها، وتَحكُّمها بذلك المجلس يعني فيما يعني أنها تحكم العالم بدرجة كبيرة، وقد عَبَّرت عن ذلك بأبيات من قصيدة عنوانها: “الشجن المُرّ”، قائلاً:

تملك الدنيا وتحكمها

بعصا الإذلال والدَّخن

دولة من كيدها مُلئت

جنبات الأرض بالمحن

“مجلس الأمن” الذي زعموا

حيثما شاءت له يكنِ

وأمين من صنائعها

نصبته غير مؤتمن

جَدُّه المشهور عَلَّمه

غدره بالأهل والوطن

وقلت في قصيدة أخرى بعد تزعُّم أمريكا العدوان الإجرامي على أفغانستان، ثم العراق:

والدولة الكبرى

تعيث

في الدُّنا مستأسدة

غاراتها محمومة

على الشعوب المجهده

تسلبها حقوقها

بِصَلفٍ وعربده

وتدَّعي بأنها

مخلصة ومنجده

وكم تجلَّى حيفها

في الأمم المتحده

فوقفت منحازة

للمعتدي مؤيِّده

ومجلس الأمن “الأمين”

حَوَّلته مصيده

ذو قوة إذا اشتهت

وإن ترد شَلَّت يده

ومن الأدلَّة الواضحة على انحياز الدولة الأمريكية للمعتدي الصهيوني وتأييدها لها أنها استخدمت حق النقض “الفيتو” أربعين مرة من عام 1967م إلى عام 2006م لصالح الكيان الصهيوني. على أنها أصبحت عاد هذا الزمن تقول؛ ضمنياً، كما قالت عاد الأولى: مَنْ أشَدُّ مِنّا قُوَّة؟ ولم تعد بحاجة إلى أخذ رأي مجلس الأمن إذا أرادت أن تفعل ما تريد. وهذا ما تجلَّى - مثلاً - في عدوانها على العراق واحتلالها لبلاد الرافدين.

ولقد نشرت مقالة في هذه الصحيفة بتاريخ 12-11-1432هـ عنوانها “استجداء مجلس الأمن طبيعة الضعيف”. وافتتحتها بالقول: “كل متأمِّل في تاريخ مسيرة قضية فلسطين يجد أنّ مجلس الأمن منذ أن أُسِّس - وتأسيسه على جرف هار - كان وبالاً على هذه القضية الأساسية من قضايا أُمَّتنا ... ذلك أنّ أمريكا المُهيمنة على كثير من شؤون العالم. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، هي المُسيِّرة للمجلس المذكور، وأنّ أكثر قادتها لا يخرجون عما يرتضيه الصهاينة؛ اعتقاداً دينياً لدى بعضهم، أو خوفاً من سطوة نفوذ هؤلاء الصهاينة داخل أمريكا بالذات”. واختتمها بالقول: “ولو فُرِض أنّ مجلس الأمن استجاب لاستجداء العرب المؤمِّلين به نجدة معنوية فإنّ ذلك لن يوقف هدير الجرافات الصهيونية المُدمِّرة لما هو فلسطيني في القدس وغيرها من الأراضي المحتلَّة .. وإنّ ما يراه كاتب هذه السطور - في حدود معرفته القليلة - هو أنّ المتزعِّمين من الفلسطينيين لقضيتهم قد أثبتوا عجزهم عن تحقيق ما يصبو إليه شعبهم منهم، وأنّ الوقت قد حان كي يتخلَّوا عن القيادة لمن يؤمل منهم أن يقوموا بالمسؤولية خير قيام. وإنّ فلسطين لولاَّدة لمن هم أهل للقيادة؛ سداد رأي ونزاهة يد. وما الدكتور عبد الشافي والحسيني - رحمهما الله - إلاّ مثلان من الأمثلة”.

وَفَّق الله الجميع للسداد والرشاد.

 

وعن القدس مؤتمر آخر (2ـ2)
د.عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة