ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 12/03/2012/2012 Issue 14410

 14410 الأثنين 19 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يزدحم قاموس أحاديثنا الاجتماعية بالكثير من المفاهيم المحيرة.. تلك التي لا تجد أي مبرر أو سبب ما لبقائها متداولة بين الناس، على نحو: “الله يقطع شيطانك يا الجني” وفي القاموس أشياء أخرى توحي بحديث لا ينتهي عن صور الفزع: أنت شيطان!! أهب يا السكني!!، وأدناها استفهام يستسهل كثيراً ويطرح في السؤال عنك بعد غيبة ما: “أنت حي وإلا ميت؟”.

فقد نطيل البحث بتأمل وتجرد عن أسباب مقنعة لطرح مثل هذا السؤال المعبأ بفداحة مفترق الطرق بين الحياة والموت: “أنت حي أو ميت؟” والذي يأتي بمناسبة، أو من غير مناسبة.. اللهم أن غيابك عن السائل هو ما جعله يصوغه بهذه الهيئة التي توحي بأنك ذاهب إلى أماكن مقفرة، مليئة بالوحش، وسيتأكد من حالة عودتك، إما أنك حي تدب على قدميك، أو ميت وروحك تداعب هذا السائل.

حتى وإن سُئل عن أسرة، أو جماعة فإن صيغة الإجابة ستحمل الكثير من هذا التصور الجمعي المفزع عن كنه السؤال وإن كان لبقاً: (والله ما ندري عنهم.. هل هم أحياء أو أموات!) وكأننا لا سامح الله في عالم آخر.

فإن لجأت إلى أهل الاختصاص في علم المجتمع ستجد أنهم يحيلون الأمر إلى تخمة قاموسنا المحلي بما تكنه الذات من غرائبيات وتناقضات من قبيل الرؤى الجنائزية أو تناول الغيبيات المخفية بأسلوب متداول، وربما لها ارتباط وثيق بالحالة الحياتية لمنطقة الجزيرة العربية التي إن سلم أهلها في أزمان ليست ببعيدة من غوائل العطش والتضور جوعاً فإنهم لم يسلموا يوماً ما من مرض فاتك. وإن عتقوا من الشعوذة وحكايات الجن فإنهم لن يفلتوا من الوحوش المفترسة في الفيافي القفر أو الطيور الجارحة في أعالي الجبال.

وهناك من يشير إلى أن هذه المفردات قد انقرضت مع انقراض الوحوش وما سواها في الفلاة إلا أنها تطل برأسها بين فينة وأخرى، فلا تفاجأ عند غيابك أن يتم وضعك في عداد المفقودين، أو خانة الأموات وفق مفهوم السؤال: (أنت حي وإلا ميت؟).

فهذا السؤال وإن كان مجرد مثال فهو غيض من فيض - كما تقول العرب - فما يحيرك سوى غياب التفاؤل بعودة الغائب.. فلا نجد إجابة عن كنه هذا السؤال الذي لا يزال يتعلق بجوانب الخفاء والأرواح الشريرة والمشاغبة.

بعض الأطباء والمعالجين النفسانيين يحيلون أمر التعلق بالحزن والفواجع إلى تصوير ذهني يرتبط بالثقافة الأسرية والمجتمع، أي أنه ناتج مستمر لثقافة هذه الأسر، فلن ينزاح أو يتدحرج عن مكانه ما لم يكن هناك جرعات من الوعي لعله يتلاشى مع الزمن.

hrbda2000@hotmail.com
 

بين قولين
أنت حي أو ميت؟!
عبد الحفيظ الشمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة