ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 19/03/2012/2012 Issue 14417

 14417 الأثنين 26 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الأنوثة سمة جمالية مهرت نساء الأرض بقالب من الضعف والرقة حتى تراءى لغالبية الرجال أنها رمز للتراخي والكسل لا للجمال، فحِيكَت عنها قصص تهكمية تتغنّى باستمرار بمحدودية قدراتها، حتى أصبح البعض يتغنّى بإطلاق التشبيهات الأنثوية على كل من تبدر منه مواقف للضعف والتراجع من الرجال، والأمر والأدهى أنّ غالبية النساء في مجتمعنا قد صدقن تلك الصورة

، بل تفنّنّ وحِكْن المؤامرات حول بنات جنسهن ممن لا يجدن فيهن سمات مشابهة لهن، قلن عنهن مسترجلات أو خاليات من الأنوثة معللات بروزهن بأعمال كانت حكراً للرجال، وأغاظهن تفاني بعض تلك النسوة فيما يكلفن به من مهام وجلدهن على العمل، فالتشاكي وطلب المراعاة كان جزءاً من مهام المرأة الذي تتقنه بحجة الأنوثة، إنه السلاح الذي ترفعه في وجه الرجال والنساء الجادات كلما طالبوها بعمل لا تطيقه، والغريب في الأمر حتى أنّ غالبية الرجال أصبحوا ينقادون بسهولة خلف تلك الشعارات الأنثوية، فيرددون فيما بينهم مصطلحات توصم المرأة بالضعف وقلة الحيلة كلما سعوا لتداول قضاياها، والعجيب أنّ تلك الأنثى التي تدّعي الضعف وقلة الحيلة تتحول أسداً حين تسعى للمساواة بالرجل مطالبة بحقوقها، فهي تطلب التقليص من وقت العمل لأنها أنثى، وهي ترفض الأعمال التي تسرق من وقت قهوتها وفطورها مع زميلاتها أثناء العمل تقديراً لأنها أنثى، وهي تنشد المراعاة في غيابها وتسربها من ساعات العمل لأنها أنثى، وهي تطلب التفهم لانهماكها باتصالات هاتفية واليكترونية خارج نطاق العمل لأنها أنثى، لكنها في المقابل تريد المساواة بالرجل حين تعرض عليها مهام بساعات أضافية لها أجر خاص، وهي لا مانع لديها على الإطلاق أن تزاحم الرجل في التمديد لساعات العمل إن كانت ستجني من ورائها ساعات من بدل الراحات أو مقابل مالي، وهي قد تفترس من يحاججها بأنها أنثى حين تطفو المصالح الشخصية على السطح.

كم هي فعلاً عجيبة تلك التركيبة الأنثوية التي أصبحت كسلاح ذي حدين، مرة تستخدمه المرأة في خدمة مصالحها للتهرب من مهام العمل، ومرة أخرى تضغط به على الرجال مطالبة بالإنصاف بالحقوق سعياً للفرص المتساوية، فكيف تتراءى الأنوثة مرة في حلة الضعف للتهرب من المسئولية، وتكشر عن أنيابها في مواقف المصالح المادية والمناصبية.

ليس ثمة أنوثة مطلقة إذن في عالمنا النسائي، إنما ألعوبة ألصقت بنا رغماً عنا فتعلمنا كيف نستخدمها، ونراهن على فعاليتها في الوصول السريع للتغيير في القرارات، كم هي ذكية تلك الأنثى التي تعرف كيف تستخدمها في مواقع العمل، وكم يصدق الرجال تلك الأنوثة التي لا تصرخ إلاّ وقت الحاجة، لكنها بلا شك أنوثة زائفة تترك في الأذهان انطباعات مثيرة للشفقة عند من يستطيع قراءتها على حقيقتها، فهي تؤسس لمفهوم قاصر عن المرأة لا يرى من خلاله إلا انسحابها وتخاذلها أو مزاجية مشاركتها المهنية والاجتماعية. وهي تظلم الكثيرات من غير المدّعيات للأنوثة ممن تتجلّى الأنوثة لديهن بصورها الحقيقية. أن تكون أو لا تكون ذلك هو السؤال كما قال شكسبير، فعلى المرأة العصرية أن تقرر هويتها الحقيقية في عالم العمل بعيداً عن التسلق على أكتاف الأنوثة.

salkhashrami@yahoo.com
 

أنثى حتى إشعار آخر
د. سحر أحمد الخشرمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة