ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 19/03/2012/2012 Issue 14417

 14417 الأثنين 26 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

هذا الكيان ذو الأعضاء المترابطة المتلاحمة، التي حين تألم أو تجرح, و أو تفرح، يتداعى لها كل ما فيها،.. يلتفون في مرتكز الحماية، وفي محضن التفاعل..

هذه القربى، والصداقة، والأسرية التي وسمت بها المجتمعات في مبتدأ التكوين، وكانت القيمة الأسرية المثلى، هي التلاحم، والحماية, والمحضن, والسند, والعضد، والفرح, والترح, والنخوة, والألفة، والحمية.. كانت أول حرف في لغة التعبير, عن نسيج متين لمن يعيش تحت سقف واحد، أو عند لحمة جدار واحد، أو فوق تربة حارة واحدة، أو على اتساع رقعة أرض يلتف حول مورد مائها، من يوسمون باسمها..

كل هذا الانكفاء على الجسد الواحد من قبل أعضائه, قد تشظّى، انشطرت جزيئاته، بالوسيلة ذاتها التي ربطت الأبعد, والأبعد، والأبعد، وجعلته الأقرب، والأقرب، والأقرب..

يزور أهله الواحد منكم, وهو يتلهّف أن يجلس إلى أبنائهم وإلى أقربائه، وإلى خاصته، فيجد نفسه غريباً، فالجميع ينكفئ على هاتفه، أو جهاز حاسوبه، أو تلك الأنواع الأخرى الشبيهة بهما، جميعهم يتواصلون مع البعيد، يقتربون من الأبعد، يتعارفون من لا يعرف، ويتلاحمون مع من ليس هو منهم، تتداخل الهويات، وتختلف القربات، وهو لا ينال من زيارته إلاّ معرفة الوجوه، وكم طالت السيقان، وتغيّرت الملامح، فإذا بكل الملامح نائية عن ذاكرته، وهو بعيد عن نبضها..

القربى غدت في المشاع اسماً عابراً فوق الألسن، والعضوية في الجسد مجرّد اسم بلا صفة، ووثيقة بلا ختم..

لكن حين يحل ظلام ليل مريض فيهم, و أو تشع أنوار ليل فرح عند أحدهم، تجدهم يتهافتون.., وجوههم قريبة.., وقلوبهم بعيدة..

فعلُ الوقت عندهم من أجل إثبات وجود، يبرر لهم أمام الناس أنهم يتكاتفون..

غير أنّ هواتفهم، وأجهزة شتى بين أيديهم، تقصيهم الوقت كله عن ملامسة نبض العرق، وهو يلتف حول الجرح، درعاً عن التلوث.. بينما هم يعيشون تلوث الإحساس بإشعاعات تغريهم، ولا ترضيهم، في موقف الفقد حين يأتي.. وهو آت..

 

لما هو آت
الانسلاخ للخارج...
د. خيرية ابراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة