ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 19/03/2012/2012 Issue 14417

 14417 الأثنين 26 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

السيد رئيس التحرير كفانا الله ملاحظاته واعتراضاته تسلم مقال الأربعاء الفائت واتصل مقترحًا التعديل فوافقت. ذهلت عند قراءة المقال المعدل لأن أبا بشار قد نتف الريش وأكل لحم الصدر والوركين وترك لي الرقبة والعصعص والعصاقيل. حين رفضت هذه العراميش المتبقية من المقال قال لي: حسنا إذن لن ينشر لك شيء في هذا العدد وسوف نعتذر للقراء عن ذلك بناء على طلبك. قلت له مهلا إنني لم أطلب الاعتذار بعد فقال: ولو. وحيث إن رئيس التحرير يشتكي عند كل من يقابله من الزملاء كتاب الجزيرة زاعمًا أنني أصعب من يتعامل معه، فإنني لن أخيب ظنه وسوف أواصل الإصرار على نشر المقال ولو بعد قيامي شخصيًا بالجرح والتعديل والتجميل أو بالأحرى بالشطب والحذف والتعديل، مستلهمًا مهمة جراح التجميل مع فتاة قانعة بجمالها لكن أهلها لهم رأي آخر.

عنوان المقال المرفوض كان: عندما يتصرف الإداري بعقلية الإقطاعي، ثم دخلت في الموضوع بالقول إنني لا أقوم بالكشف عن سر هام لو زعمت أن بعض الإداريين الكبار عندنا يديرون ما تحت أيديهم من مؤسسات وميزانيات وطواقم بعقلية إقطاعية استحواذية. حتى الآن حازت الأمور على قبول رئيس التحرير. حين بدأت أتوغل في التفصيل وضرب الأمثلة ببعض الإدارات والمؤسسات عبس رئيس التحرير وتولى. قلت لا بأس، فأهل الصحف أدرى بدهاليزها وأهوالها، مثلما أن أهل مكة أدرى بشعابها. مع ذلك أريد أن أشرح للقارئ تلميحًا ماهية ما تم الاعتراض عليه كغير صالح للنشر. انطلقت بإعطاء بعض الأمثلة لما يتداول من تسريبات في الشبكة العنكبوتية عن شخصيات إدارية (دون التعرض لأسماء بعينها) في مؤسسات هامة، تتهمها هذه التسريبات بالتصرف فيما تحت اليد من إمكانيات الدولة وكانها إقطاعات خاصة توزعها على الأقارب والأصحاب والبطانة.

الأستاذ رئيس التحرير يرى، وهو لا شك على صواب أن الاتهامات في الشبكة العنكبوتية تلقى على عواهنها وتصعب ملاحقتها قانونيا وغالبا ما تكون كيدية وتلفيقات وتصفية حسابات، حتى لو توهم القارئ فيها علامات الصدقية منخدعا بظهور أسماء مسربيها وعناوينهم. تقبلت اعتراض أبي بشار عن قناعة لكنني لم أتقبل التعديل الذي اقترحه وأجراه على المقال بطريقة التوغل في الداخل وشفط الدهون لتخفيف بروز البطن والأرداف.

في مقالي هذا أحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المقال الأصلي والبناء على ماسبق ذكره وتم قبوله من المقال الأول.

إذن فقد قلت حتى الآن أنه بناء على ماتتعرض له بعض الشخصيات والإدارات والمؤسسات من اتهامات عنكبوتية يصبح من الواجب القانوني والوطني على السلطات المعنية التثبت من المعلومة والتوضيح للناس بالنفي أو الإثبات وتطبيق العقوبات على أحد الطرفين. تجاهل ذلك يجعل الناس يتشككون في كل شيء ويحبطون ويعتقدون بفساد الأمور في كل مكان تتعثر فيه مطالبهم. تعرضت بعد ذلك إلى رد الفعل التقليدي المتوقع محليا عندما تفوح رائحة الفساد من أحد المواقع، أي مبادرة المتهمين فيه للهجوم على موجه التهمة وسؤاله عن سبب سكوته كل الزمن الفائت واتهامه بالحنق على التخلف الوظيفي لأنه قليل الكفاءة وغير منضبط. حيثيات الاتهام نفسها تتم إزاحتها هكذا بعيدا عن القضية وتتحول إلى اتهام في الاتجاه المعاكس. بقدر ما يكون الدفاع عن النفس بمحاولة الهروب الهجومي إلى الأمام متوقعا، يصبح من المتوقع أيضا تهيب وتردد أي موظف مرؤوس تحت إدارة بيروقراطي إقطاعي متجبر من المبادرة بالشكوى بسبب الخوف من الاضطهاد أو الطرد إلى الشارع وما في الجيب سوى تقرير كفاية من الرئيس السابق لا يؤهله سوى للتسول عند إشارات المرور. المصدر الآخر للتردد هو الخوف من التعرض للمساءلة والعقاب الإداري لأنه تخطى مسؤوله المباشر (أي رئيسه المتجبر) بتقديم الشكوى إلى من هو أعلى منه، إضافة إلى طول الطريق إلى الجهات المختصة بالتحقيق ثم الامتداد الإضافي حتى الوصول إلى كشف الحقيقة. عبر هذه المسيرة الشاقة قد يجد الشاكي نفسه تحول إلى هيكل عظمي بسبب الغم والسهر والإحباط.

ربما أصبح من الأصوب منذ صارت لنا هيئة وطنية لمكافحة الفساد أن يتم التوجه بالشكاوى إليها لكن الكيل قد يطفح بالبعض أحيانا فيقرر المغامرة بإطلاع أكبر عدد من الناس على ما يعتقد أنه لا يمكن الاستمرار في السكوت عليه، وذلك باستخدام التسريب العنكبوتي. في هذه الحالة لا يفيد الصمت الرسمي وتتوجب المبادرة إلى كشف الحقيقة بكل وضوح.

انتهى تعديل التعديل.

الحمدلله، بدأت أحس الآن بالارتياح ولكن مع بعض القلق على التعديل الجديد من أن يتعرض للنتف وشفط الدهون مثل المقال الأصلي، وإن الإثنين القادم لناظره قريب.



 

إلى الأمام
جراحة تجميلية لمقال مرفوض
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة