ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 20/03/2012/2012 Issue 14418

 14418 الثلاثاء 27 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أعتذر لك أمي الحبيبة الغالية على هذا السؤال الغريب الذي لا يليق طرحه في مقامك الرفيع الذي حضي باهتمام وعناية رب العالمين.. أعتذر لكل أم باسم كل ولد عرف حق والدته عليه فاجتهد بالبر بها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.. أعتذر للإنسانية في زمن التقدمية المزعوم على حدوث جريمة ولو واحدة في بلادي يقتل فيها الولد السعودي العربي المسلم أمه - والعياذ بالله!!.

لقد هزني.. أقلقني.. أقض مضجعي.. آلمني.. أزعجني كثيراً.. ما نشرته الصحف من أن ولداً مسلماً في بلد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية قتل أمه!!، ليس هذا فحسب بل عندما خنقها حتى الموت ثم فصل رأسها من جسدها!! تساءلت حينها ومازلت: ترى هل يمكن أن يكون هذا صنيع إنسان فضلاً عن كونه مسلم؟!! أين تربى هذا الشاب، ومن أي منابع العقيدة شرب؟!! ألم تهزه آية الإسراء؟!! ألم يقشعر بدنه من تنديد الله وتهديده للعاق بوالديه؟! أين ذهبت فطرته؟! لماذا غاب عقله؟! أين هي قيمه وهويته ومشاعره وعواطفه التي بين حناياه؟! وماذا عن البقية الباقية من نخوته العربية وأعرافه القبلية هل فقدها هي الأخرى؟! هل دفن كل هذا تحت ركام الذنوب وران العصيان التي جثمت على صدره حتى أهلكته؟! وهل سنظل نحن مكتوفي الأيدي أمام سيل المخدرات الجارف المتهم الأول في مثل هذه الأحداث، والذي يستنزف الأموال ويهلك الأولاد ويذهب العقول والألباب؟!!.

إن قتل الأم هو أقصى درجات العدوانية الموجهة إلى الخلق على الإطلاق، أما الانتحار فهو أقصى درجات العنف الموجه للنفس، وقتل الولد أو الوالد أو الزوجة أو أحد الأقارب خاصة وكذا الانتحار نهاية لسلسلة متكررة من السلوك العدواني تجاه الآخر غالباً، ومنشأ هذا العنف راجع إلى عدة أسباب متداخلة ومتقاطعة أفاض في الحديث عنها أهل الاختصاص والدراية وامتلأت بها كتب التربويين والوعاظ، ولكن ما يهم هنا الإشارة إلى أن حدوث حالة فردية واحدة في مثل المجتمع السعودي الذي يفترض أن يكون محصناً بقيم الإسلام ومحاطاً بسياج المبادئ السماوية الربانية الهادية والرائعة يعطي مؤشراً قوياً ويدل دلالة واضحة على وجود خلل ما وكبير داخل أروقة مؤسساتنا التربوية والتعليمية.

إننا بحاجة إلى إعادة صياغة مجتمعنا من جديد، وأعتقد أن المؤسسة الأسرية التي بنيت أول ما بدأت على ميثاق غليظ بين طرفين وتأسست على دعائم عدة أهمها الرضا والثقة والمودة والمحبة يجب أن تعود لتقرأ في لائحة الواجب والحقوق من جديد ومن ثم تعاود السير في الطريق الصحيح لبناء جيل صالح مصلح مرتقب، كما أن الأوساط التربوية المتعددة والمتنوعة يجب أن تلتفت بشدة إلى المشهد المعاصر، وما يكوّن أجزاء هذا المشهد من مؤثرات لم نعد بعيدين عنها كما كان في السابق، أو في مأمن من تأثيراتها تحفظ وتصون خصوصياتنا الفكرية والسلوكية وممارساتنا الفردية والاجتماعية. حيث إن ما أنتجه أبعاد المشهد المعاصر من تقنيات الاتصال بوسائله السريعة والمروعة أسس بالفعل شركاء مفروضين في أساليب التربية والتنشئة الاجتماعية والتحدي الأكبر أنه كلما أمعنا في عزل أبنائنا عن المؤثرات السلبية محلياً زادت مساحة النوافذ المفتوحة على المؤثرات السلبية العالمية المعاصرة لتكون روافد لعدوى الانحرافات السلوكية، التي يقدم من خلالها نماذج لتأمين الأمزجة ووسائل تمويلها وكيفية التغلب على نقص الموارد من السرقات والنهب والقتل وغيرها، وأظن أن الجميع يعرف عن أن هذه الجرائم مكررة في المحيط الإقليمي والدولي وتركز البرامج الإعلامية التي تعاني من فراغ، خصوصاً برامج (التوك شو) على تفاصيل التفاصيل بما يعد درساً معداً إعداداً جيداً لمن أراد التقليد أو التعلم. فهل تنتبه الأوساط التربوية أن لها شريكاً فاعلاً تربوياً، وهل تستبدل الأمان الكلاسيكي بخوف يدفعها إلى المتابعة والملاحظة التربوية المبنية على النقاش والتفاهم وتلمس مواطن الخطأ والتعامل معه سلمياً والاعتراف به وطلب النصح والاستشارة في معالجته قبل أن يتحول الخطأ إلى خطر.

وإلى لقاء وتحية إجلال وتقدير لكل أم، وتقبلوا صادق الود والسلام.

 

الحبر الأخضر
هل يقتل الولد أمه؟!!
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة