ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 21/03/2012/2012 Issue 14419

 14419 الاربعاء 28 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في أحد اجتماعاتي مع الأصدقاء، التي عادة تحتوي على الحوارات والتفاعلات، وجدت شيئاً خارجاً عن المألوف، ولم أتعود عليه، وهو الصمت المطلق. جميع الأصدقاء كانوا يداعبون هواتفهم مطأطئو رؤوسهم ويبتسمون. حينها سألت ما هذا العشق العجيب الذي اجتاح الناس؟ أليست مجرد هواتف؟

وجدتُ أن هذا العشق ساعد شركة أبل على أن تبيع 37 مليون جهاز آي فون في الربع الماضي، وعلى أن تكون أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية لأسهمها بقيمة تفوق 500 مليار دولار. في عام 2011 كان عدد المبيعات العالمية للهواتف النقالة 1.6 مليار جهاز، وشكَّلت الهواتف الذكية 30 % من هذا العدد.سوق الهواتف الذكية ضخم، تشارك فيه أكثر من شركة، وتتنافس بشراسة، لدرجة أن القنوات تقارن مبيعات الأجهزة الذكية في كل ربع، وتعلن الفائز كما لو كان ماراثوناً! في الوقت الحالي يتنافس في هذا الماراثون 4 أجهزة، هي (آي فون، نوكيا، بلاك بيري وأجهزة أندرويد). في العام الماضي مرت كل من هذه الأجهزة والشركات المصنعة لها بتغيرات، منها للأفضل، وأخرى للأسوأ.شركة “Research in motion” الكندية قامت بطرح البلاك بيري عام 2003م. حظي الجهاز بشعبية كبيرة؛ كونه يحتوي على تطبيقات تلائم المراهقين ورجال الأعمال مثل الماسنجر والبريد الإلكتروني. وخاصية التشفير التي تقدمها الشركة جذبت الكثير من المنفذين لاستخدام الجهاز أمثال الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما. في السنوات الأولى لطرح الجهاز كانت المبيعات تنمو بنسب تفوق 50 %، والكل كان يتوقع مستقبلاً مشرقاً للشركة لدرجة أنه في عام 2008 كانت أكبر شركة في كندا من حيث القيمة السوقية للأسهم بقيمة تفوق 80 مليار دولار. ولكن في السنوات الأخيرة تعرضت الشركة لضغوطات من حكومات الدول لإعطائها مفاتيح التشفير، كما أن أنظمة وخدمات الشركة تعطلت أياماً عدة لوجود خلل فني؛ ما أثر في مستخدمي الجهاز. هذان العاملان أثرا بشكل سلبي في سمعة الشركة؛ فأصبح بعض الناس يترددون قبل شراء الجهاز، ويفكِّرون في البدائل.رئيس ومؤسس شركة “Research in motion” مايك لازيرس علق على أول ظهور للآي فون بقوله: “لست معجباً بالآي فون، ولن يشكل تهديداً لبلاك بيري”. وبعد أن تقلص النمو في مبيعات بلاك بيري السنوية، وأصبح الآي فون يشكل تهديداً واضحاً وصريحاً قال: “الآي فون زاد حجم السوق وثقف المستهلك عن مزايا الهواتف الذكية”. لا أحد يشكك في عبقرية مايك لازيرس في تقنية الاتصالات اللاسلكية؛ فهو من أسس الشركة، ولكن من الواضح أنه يعاني ضعفاً في بُعد النظر. في عام 2012 ضغط المستثمرون على مايك لازيرس وجيم بيسيلي، وهما الرئيسان التنفيذيان للشركة، للتنحي، وتم تسليم الإدارة للألماني ثورسن هاينز، وربما أحد أسباب تعثر الشركة يكمفي أن لديها رئيسَيْن يقودانها؛ فعلم الإدارة لا يشجع على ذلك. صرح الرئيس التنفيذي الجديد ثورسن هاينز بقوله إنه سوف يثبت أن نظرة التشاؤم بمستقبل الشركة نظرة خاطئة، وأن مستقبل الشركة مشرق. جميع المستثمرين يترقبون بشوق أسباب تفاؤل وقرارات الرئيس الجديد في الفترة القادمة، خاصة بعد أن انخفضت القيمة السوقية للأسهم من 80 مليار دولار إلى 8 مليارات دولار في السنوات الأخيرة.

في عام 2008 قامت شركة قوقل بطرح نظام التشغيل أندرويد حينما لاحظت أن هناك نمواً قوياً في قطاع الهواتف الذكية. والمفاجأة تكمن في أن النظام مجاني لكل من يريد استخدامه من الشركات المصنعة للهواتف؛ فهدف قوقل الرئيسي زيادة حجم قاعدة البيانات عن العملاء؛ فعدد الناس الذين يستخدمون الإنترنت عن طريق الهاتف يزداد. والشاهد على أن قوقل هدفها زيادة حجم قاعدة البيانات أنه يُشترط على كل مستخدم لنظام أندرويد أن يكون لديه حساب في “Gmail”. نظراً إلى أن النظام مجاني ومدعوم بتطبيقات وبرامج حصرية من قوقل قامت شركات عدة بطرح هواتف أندرويد أمثال سوني إريكسون، موتورولا، سامسونج وإتش تي سي. الكمية المبيعة في عام 2011 للأجهزة المستخدمة لهذا النظام 237 مليون جهاز، وعلى رأسها شركة سامسونج بجهازها جالاكسي الذي يمتاز بالشاشة الكبيرة والمعالج المزدوج؛ فقد تمكنت من بيع ما يزيد 94 مليون جهاز، وبهذا العدد استحلت المركز الأول عالمياً، وتفوقت على الآي فون.. وقد لا يكون الآي فون المنافس الوحيد لأجهزة جالاكسي؛ لأنه في العام الماضي قامت قوقل بشراء قسم الهواتف في موتورولا بقيمة تعادل 12.5 مليار دولار. وبحكم أن قسم الهواتف الذكية في موتورولا أصبح الآن من أصول قوقل فمن المرجح أنه سيحظى باهتمام خاص ودعم من رأس الهرم.

شركة نوكيا تتربع على عرش الصدارة في عدد مبيعات الهواتف النقالة التقليدية، لكن في سوق الهواتف الذكية عدد مبيعاتها يتقلص. في عام 2010 باعت الشركة 100 مليون جهاز ذكي، لكن في عام 2011 انخفض العدد إلى 77 مليون جهاز. معظم الطلب على أجهزة نوكيا يأتي من أوروبا والدول الناشئة، أما في أمريكا فيعتبر الطلب ضعيفاً مقارنة بالمنافسين؛ لذلك قررت الشركة العام الماضي الاستغناء عن نظام التشغيل Symbian الذي تستخدمه في هواتفها منذ أكثر من عقد واستبدال نظام تشغيل من شركة ميكروسوفت به بهدف زيادة المبيعات في السوق الأمريكي وتجديد الدماء. وتم طرح جهاز “Lumia” الذي يحتوي على نظام التشغيل الجديد في نهاية نوفمبر 2011 ونجحت في بيع أكثر من مليون جهاز قبل نهاية العام. حينما سُئل الرئيس التنفيذي لشركة نوكيا ستيفان إلوب عن سبب اختيار نظام ويندوز بدلاً عن أندرويد برر بقوله: “الكثير من الشركات طرحت أجهزة بنظام أندرويد، وهدفنا التميز عنهم”. آمل أن تكون نوكيا قد اتخذت القرار الصحيح، خاصة بعد أن أعلنت خسائر بمقدار 1.1 مليار يورو في الربع الرابع من عام 2011.خلافاً لخسارة نوكيا في الربع الرابع أعلنت شركة أبل أرباحاً مقدارها 13 مليار دولار للفترة نفسها، وهو ثاني أفضل ربع في تاريخ الشركات المدرجة في السوق الأمريكي. من يصدق أن في عام 1997 كانت أبل تناضل من أجل البقاء، وأن الرئيس التنفيذي لشركة ديل قال في تصريح مشهور عن أبل: “أقترح أن يغلقوا الشركة ويرجعوا حقوق المساهمين”. في عام 2007 قامت أبل بطرح الآي فون، وكان حينها ذا شكل أنيق ورائد بتقنية شاشة اللمس وتطبيقات الميديا. وإضافة إلى ذلك فإنه يحتوي على نظام تشغيل “iOS” المتميز. ومن أول طرح للجهاز وإلى يومنا هذا والمبيعات تنمو بشكل ممتاز حتى وصلت إلى 93 مليون جهاز في 2011. التوقعات تشير إلى المزيد من النمو في عام 2012، خاصة بعد طرح آي فون 5، فعملاء أبل يتصفون بالولاء المطلق للشركة؛ فالبعض منهم يعتصم خارج المتاجر بالأيام لشراء الإصدارات الجديدة.

في الختام نقول إن الحرب مستمرة، ومن المشوق أن نرى المستجدات لهذا العام، فمثلاً ماذا سيفعل الرئيس الجديد لشركة “Research in motion”؟ وهل خيار التميز بنظام ويندوز لأجهزة نوكيا هو الأمثل؟ وهل ستتنافس الشركات المنتجة لأجهزة أندرويد مع أبل أم سينافسون بعضهم بعضاً؟ وهل سيستمر جالاكسي في الصدارة حتى بعد طرح آي فون 5؟ مهما كانت الإجابات فهذا التنافس الحاد عادة يكون محفزاً على الابتكار والإبداع، وفي النهاية يكون صافي الربح.. للعميل.

Mansour_alsh3@
 

الهواتف الذكية والحرب الضروس
منصور ناصر الشثري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة