ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 22/03/2012/2012 Issue 14420

 14420 الخميس 29 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

 

هيئة المنشأت الصغيرة.. حل معضلة التوطين

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فكرة مشروع امتيازات

إن فكرة التوطين الكامل للوظائف في قطاع المنشآت الصغيرة ليست جديدة فقد سبقت محاولات وتجارب كثيرة في هذا القطاع ولكنها لم تحقق هدف التوطين المطلوب بسبب فقدان آلية التنفيذ والإشراف والمتابعة والمراقبة والتي تحتاج بطبيعتها إلى صلاحيات وإمكانيات معينة سنتحدث عنها باختصار في هذا المقال، حيث لا تتعدى بعض هذه التجارب والمحاولات السابقة النطاق القانوني أو النظامي وذلك بإصدار قرارا أو تعميم وعلى أفضل الأحوال تكوين لجنة أو لجان أو مجلس أو هيئة ليس لديها الصلاحيات والإمكانيات والاستقلال المالي والإداري.

وفي هذا السياق كشف وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أثناء افتتاحه أعمال الملتقى السعودي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة هذا الشهر أن موضوع إنشاء هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة يتابع حالياً لدى اللجنة العليا للتنظيم الإداري برئاسة سمو ولي العهد، وهناك أيضاً مبادرة من وزارة العمل لإنشاء مجلس استشاري للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومن وجهة نظرنا أن أي محاولة جادة للسعودة (توطين الوظائف) في أي نشاط أو مهنة أو وظيفة في قطاع المنشآت الصغيرة أو المتوسطة لابد أن:

1- تحافظ وتضمن الجدوى الاقتصادية للمشروع، وفي نفس الوقت.

2- فرض حد أدنى للأجور لا يقل عن متوسط دخل المواطن الذي يعول أسرة مع التأمينات الضرورية.

3- تهدف للتوطين الكامل للوظيفة أو المهنة أو النشاط في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

هذه الأهداف الاستراتيجية - والتي يبدو أنها متعارضة - يمكن تحقيقها في سياسة التوطين الكامل للنشاط أو المهنة أو الوظيفة في تلك المنشآت الأمر الذي يتطلب تدخلاً مباشراً في السوق وإعادة هيكلة هذا القطاع تدريجياً والتحكم في بيئة ومناخ المنافسة وبالتالي المحافظة وضمان الجدوى الاقتصادية للمشروع ونجزم أن أيضاً أن سياسة التوطين الكامل المقترحة في برنامج امتيازات لتوطين الوظائف في قطاع المنشآت الصغيرة ومن ثم المتوسطة فيها تخرج قانوني جيد لإشكالية فرض حد أدنى للأجور في السوق السعودي وهذه القضايا الجوهرية في المنشآت الصغيرة والمتوسطة يتعامل معها برنامج امتيازات الجديد المقترح والذي يمثل استراتيجية أو خارطة عملية طويلة الأجل يمكن للهيئة الجديدة أن تتبناها.

برنامج امتيازات يخلق فرصًا مجدية اقتصادياً

يمكن تخيل الفكرة الجديدة التي يطرحها برنامج «امتيازات» المقترح بتصور أن شركة الاتصالات أو موبايلي - على سبيل المثال - هي صاحبة الامتياز وذلك لنشاط معين تم منحه لها من قبل برنامج امتيازات وهو فتح فروع لتقديم خدمات أو منتجات الشركة أو الدعم الفني أو الصيانة وقد التزمت هذه الشركات (التي حصلت على امتياز لنشاط معين لفترة أو منطقة جغرافية محددة) بمبدأ التوطين الكامل 100% للوظائف وضمان الجدوى الاقتصادية (أي فتح فروع قليلة ليصبح لكل فرع إنتاجية عالية وبالتالي جدوى اقتصادية عالية ولها الحق في إغلاق الفرع أو الفروع التي ترى أنها غير مجدية أو مخالفة) كما تهدت بدعم العاملين في كل فرع مثل التدريب أو التأهيل أو إنشاء الفرع وتجهيزه وكذلك مرتبات ومزايا جيدة لا تقل عن متوسط الدخل للمواطن الذي يعول أسرة مع التأمينات الصحية والاجتماعية، ويجب ملاحظة أن هذا الامتياز في هذا المثال الفرضي حق طبيعي لشركة الاتصالات أو شركة موبايلي ولكن يمكن أن تكون ممنوحة من قبل برنامج امتيازات لنشاط آخر ولفترة معينة أو في منطقة جغرافية محددة لشركة أو مستثمر أو بشكل مباشر للعاطلين أو الراغبين في العمل، مثل محلات بيع الأجهزة الكهربائية، أو الشقق المفروشة، أو النظارات الطبية، أو وكالات السفر والسياحية، أو محلات بيع الجوالات، أو محطات البنزين أو قطاع النقل البترولي أو التوزيع وغيرها من الأنشطة المختلفة في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

عندما يقوم برنامج امتيازات بمنح إدارة جديدة (شركة أو مؤسسة حكومية أو جمعية وبغض النظر عن نوعية الملكية أو هدف الربحية) لها شخصية اعتبارية مستقلة مالياً وإدارياً - تتخصص في نشاط معين مثل بيع وصيانة الجوالات - كافة الصلاحيات والإمكانيات والتي من أهمها حقوق امتياز فتح فروع جديدة أو إغلاق فروع قائمة استناداً على مبدأ التوطين الكامل للوظائف وضمان الجدوى الاقتصادية لكل فرع وكذلك توفير الدعم الكامل استناداً لمبدأ الشراكة والتكامل بين الطرفين وفي نفس الوقت فرض حد أدنى للأجور لا يقل عن متوسط الدخل للمواطن الذي يعول أسرة، من المؤكد أن هذه الإدارة الجديدة التي منحت هذا الامتياز سوف تنجح مثل نجاح شركة الاتصالات أو شركة موبايلي (التي كان لها حق طبيعي وليس ممنوحاً بشروط من قبل امتيازات) في تحقيق التوطين الكامل للوظائف الذي يشترط له تحقيق الجدوى الاقتصادية، كما يمكن لبرنامج امتيازات أن يقوم بنفس العملية بشكل مباشر مع العاطلين والراغبين في العمل ويحقق هدف التوطين الكامل لنشاط أو قطاع مستهدف وبهذه المنهجية من قبل برنامج امتيازات جمع بين المالك والعامل في نفس الوقت وهذا لا شك هدف استراتيجي مهم لبرنامج امتيازات خاصة على المدى الطويل.

على سبيل المثال - لتوضيح أكثر للفكرة - قبل عدة سنوات كان السوق السعودي يعج بمحلات الصرافة الصغيرة والمتوسطة منها وقد كانت هذه المحالات توظف آلاف الوافدين وكان ينطبق عليها ما ينطبق على النشاطات الحالية في السوق السعودي وخاصة المحلات التجارية من تستر وساعات عمل طويلة وزيادة في العرض وأجور متدنية ومخالفات نظامية كثيرة وباختصار شديد بيئة طاردة للعمالة الوطنية، وبعد دمجها في مصرف البلاد ومنح هذا المصرف امتياز الصيرفة والأعمال البنكية من قبل مؤسسة النقد تحقق الجدوى الاقتصادية وتم تنظيم العمل وتحقق التوظيف الكامل بمرتبات مغرية ومجدية اقتصادياً للطرفين وتمت السيطرة والقضاء على كثير من المخالفات النظامية.

والآن لدى وزارة المالية ومؤسسة النقد رغبة في إعادة فتح المجال للرخص الجديدة لمحلات الصرافة الصغيرة وفي هذه الحالة إذا لم نتمكن من فرض شرط التوطين الكامل والحد الأدنى للأجور على تلك المنشآت الصغيرة (وهذه فكرة برنامج امتيازات المقترح الذي يتولى هذه المهمة) سوف نعود للمربع الأول وهي المشاكل الحالية والمعروفة لسوق العمل السعودي مثل ساعات عمل طويلة وأجور متدنية وربما تستر وغيرها من المشاكل الأخرى والنتيجة المنطقية الحتمية هي تفضيل العامل الوافد من قبل هذه المنشآت بشدة وإدمان كبير وعدم قبول العامل السعودي هذه الوظيفة على الإطلاق ومن ثم يجتهد صندوق الموارد البشرية أو وزارة العمل أو جهات ومؤسسات أخرى لإجبار الطرفين (المنشأة والعامل السعودي) على بعضهما البعض كرها دون جدوى.

برنامج تطبيقي لمحطات البنزين

إذاً يمكن لبرنامج امتيازات أن يقوم بشكل مباشر بمنح الامتيازات والتعامل مع السوق مثل المؤسسات الفردية أو المستثمرين الأفراد (تمليك العاطلين) أو أن يقوم بتخويل أو منح جهة أخرى (شركة أو جمعية) كافة الامتيازات لنشاط معين في منطقة محددة وبالتالي قد تقوم هذه الشركة أو الجمعية بإعادة منح الأفراد (تجزئة هذه الامتيازات أي تمليك العاطلين) أو توظيف وتشغيل العاطلين.

على سبيل المثال لو تم منح امتياز حصري لشركة أرامكو أو غيرها من الشركات البترولية المتخصصة لإنشاء وتشغيل محطات بنزين في منطقة معينة أو على الطرق السريعة أو أي منطقة جغرافية أخرى بشرط تحقيق التوطين الكامل لهذا النشاط في كافة فروع الشركة لتمكنت هذه الشركة من إعادة هيكلة النشاط واستطاعت كذلك استخدام الخدمة الذاتية (أي بائع واحد فقط في كل محطة بنزين لكل وردية عمل) وربما دمج نشاطين مثل البقالة والمحطة لبائع واحد وبذلك تزيد الجدوى الاقتصادية للمشروع، وفي هذا المثال لمحطات البنزين نتحدث عن أكثر من ثلاثين ألف وظيفة مجدية اقتصاديا في السوق السعودي تتمتع بالاستقرار والأمن الوظيفي وتوفير التأمين الصحي والاجتماعي وتحقق دخل شهري يتراوح من خمس آلاف ريال كحد أدنى على عشرة آلاف ريال في الطرق والمناطق البعيدة وبهذا التنظيم لن تزيد عدد المحطات الجديدة في السنوات القادمة ما لم تكن هناك جدوى اقتصادية وهذا ترشيد لهذا النشاط والقطاع بأكمله وكذلك الاقتصاد الوطني.

هذا المثال لتوطين الوظائف في محطات البنزين عن طريق برنامج امتيازات المقترح وآلية تنفيذه يقودنا لنشاط متعلق بهذا المثال وهو النقل البترولي الذي سيوفر عشرات الآلاف من الوظائف المجدية اقتصاديا لكل من المالك (المستثمر) أو العامل وبالتالي الاقتصاد الكلي ومن يشكك في إمكانية تطبيق أو نجاح مثل هذه البرامج أو حتمية نتائجها وجدواها على الاقتصاد الوطني عليه أن يدرك أن شاحنات النقل البترولي بفرنسا يقودها فرنسيون وأيضا شاحنات النقل بألمانيا والنمسا وغيرها من الدول الأوروبية يقودها سائقين أوربيين بمرتبات عالية وساعات عمل محددة وتأمينات صحية واجتماعية كافية ومرضية للطرفين وهذا في الحقيقة هو الأصل، وبالمثل هناك تجربة مشابهة وناجحة لشركة الغاز الوطنية وسائقيها ويمكن - بنفس المنهجية والآلية - توسيع هذا الامتياز لشركة الغاز والتصنيع الوطنية لتتضمن محلات التجزئة في نفس النشاط، وبهذه المنهجية يستطيع برنامج امتيازات أن يتوسع بأي اتجاه أفقي أو رأسي ويشمل أي نشاط أو منطقة حسب متغيرات مهمة في السوق وعنصر الموارد البشرية الوطنية ويحقق على المدى الطويل تدريجيا هدف توطين الوظائف المستديمة والمجدية في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وبذلك يرتبط الاقتصاد الوطني ونموه بالموارد البشرية الوطنية وتنميتها كما وكيفا.

تفادي فشل التجارب السابقة

الجدير بالذكر تجربة سابقة لنشاط بيع الملابس والمستلزمات الرجالية والتي تشترط التوظيف الوطني (وظيفة واحدة) وتقدم تمويل بدون فوائد ويدعمها صندوق الموارد البشرية بمرتب شهري قدره ثلاثة آلاف ريال لمدة سنتين ولكن هذه التجربة لم تنجح حيث لم تكن تضمن الجدوى الاقتصادية (سواء للمالك المستثمر أو العامل) لأن التجربة لم تحصل على امتياز كامل للتحكم في السوق (نشاط بيع الملابس والمستلزمات الرجالية) وخاصة جانب العرض الذي كان يواجه مزاحمة ومنافسة غير عادلة لصالح العمالة الوافدة ليفرض التستر نفسه على هذه التجربة أيضاً من جديد كحل للتفرقة بين الملكية الفكرية والاسمية، كما لم يكن لهذه التجربة الصلاحيات والإمكانيات للمتابعة والإشراف والمراقبة.

وأيضاً لقد سبق تجربة سعودة البقالات وتأنيث محلات بيع الملابس الداخلية النسائية منذ ثمان سنوات تقريباً وصدر فيها قرارات من مجلس الوزراء ومهلة بعد مهلة وتعاني الجهات الحكومية حرباً في التطبيق والتنفيذ وقد تخسر المعركة في النهاية وهناك تجارب أخرى كثيرة ولم تكن ناجحة لنفس الأسباب حيث أنها لم تتجاوز المرحلة القانونية أو النظامية وذلك بإصدار تعميم أو قرار ولم تركز على الجانب التنفيذي والعملي وأهمها تحديد جهة معينة مسئولة عن تنظيم السوق لها كافة الصلاحيات والإمكانيات لضمان الجدوى الاقتصادية للمستثمر وكذلك فرض حد أدنى للأجور للعاملين (ويمكن أن يتم الجمع بين المالك والعامل لنفس النشاط) بما يتضمنه من تفاصيل رقابية وإشرافية كما يتبناها برنامج امتيازات المقترح هنا.

وقد لا يختلف اثنان على أن كل المحلات التجارية الصغيرة والكبيرة في المدن والقرى والتي يعمل معظمها بالتستر مخالفة لكل الأنظمة والقوانين- تغلق أبوابها خمس مرات يومياً كلما سمعت المؤذن يقول (الله أكبر) وهذا ليس بالضرورة قناعة أوتدينا ولم يحصل أو ينفذ ويطبق هذا الالتزام بقرار أو تعميم أو تهديد بعقوبات بل بتنفيذ ومتابعة وإشراف مستمر من كيان قانوني له كافة الصلاحيات والإمكانيات ويؤمن هذا الجهاز بهمته ودوره في تحقيق المصلحة العامة وتنفيذ تعليمات متخذي القرارات. إن مهمة وجهود المراقبة والإشراف والمتابعة التي نتحدث عنها في برنامج امتيازات أقل بكثير من مهمة وجهود إغلاق كافة المحلات التجارية في كافة المدن والقرى والطرق خمس مرات باليوم والليلة في توقيت واحد.

لذا فإن المطلوب كيان قانوني تنفيذي جديد يملك حق الامتيازات (للمنشآت الصغيرة والمتوسطة) بما فيها من صلاحيات وإمكانيات لإنشاء وتوطين وظائف مستديمة في القطاع المهم من الاقتصاد الوطني.

القضاء على التستر

برنامج امتيازات مشتق من العلاقة التجاري المعرفة عالمياً Franchises، والتي بموجبها يمنح صاحب أو مالك الامتيازات (الدولة أو الجهاز الحكومي الذي يمثلها في برنامج امتيازات) لنشاط معين حق فتح فرع أو فروع للطرف الثاني (المنشآت الصغيرة والمتوسطة في برنامج امتيازات) بشروط ومواصفات ومعايير محددة (التوطين الكامل بحد أدنى للأجور) مقابل الامتياز وتقديم دعم فني ومالي واستشاري أو غير ذلك ليكون المشروع أو الشراكة مجدية اقتصادياً للطرفين.

إننا نتحدث عن جهاز حكومي تنفيذي (صاحب أو مالك الامتيازات) يستحق أن يكون بحجم وزارة كبيرة كتلك الوزارة التي تمنح تأشيرات الاستقدام ورخص العمل وتفصل في المشاكل بين العامل ورب العمل، أو كتلك الوزارة التي تمنح الرخص للمحلات التجارية بدون أي اعتبار لعنصر العمل الوطني لأن مهمة الجهاز الحكومي الجديد ومساحة عمله ونطاقه أكبر فهو يمثل 70% من الاقتصاد الوطني وحلوله أو مشكلاته كبيرة ومعقدة مثل البطالة أو التستر أو التحولات المالية وغيرها. وكما سبق ذكره في المقدم فقد كشف وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أثناء افتتاحه أعمال الملتقى السعودي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة أن موضوع إنشاء هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة يتابع حالياً لدى اللجنة العليا للتنظيم الإداري برئاسة سمو ولي العهد.

لذا نأمل أن تحصل هذه الهيئة الجديدة على الامتيازات المطلوبة والصلاحيات الكافية للتحكم في السوق لتحقيق التوطين الكامل على المدى الطويل وفرض حد أدنى للأجور في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

د. محمد بن عبدالله العبيشي - جامعة القصيم - كلية الاقتصاد والإدارة

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة