ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 22/03/2012/2012 Issue 14420

 14420 الخميس 29 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

أرجو ألا يذهب ذهن قارئ العنوان إلى مصطفى، الشخصية الوهمية للطالب المصري الحانق على الإجازات المتتالية في السعودية، لأنه طالب مجد وجاد، يحافظ على النظام والانتظام في الدراسة، تلك الشخصية التي أطلقها أصحاب موقع تويتر، ولم تكف السخرية الممجوجة على مدى أيام، من الشخصية الجادة الحريصة على العلم.

لم أرد بهذا العنوان الشخصية الوهمية مصطفى، بل قصدت الصحفي السوري مصطفى علوش، الذي أرسل لي رسالة فيسبوكية، أشاد فيها برواياتي التي قرأ بعضها، ثم طلب مني المشاركة في جريدة تشرين السورية، في صفحة ساخرة يقوم هو بإعدادها، بعنوان «عكس الجد»، بحيث أكتب له أسطراً طريفة عن موضوع الشوارب، أقسم بالله أنه يريد مني أن أكتب مادة طريفة عن الشوارب في صفحة ساخرة، في زمن قُطفت فيه رؤوس عدد من السوريين الشرفاء، لأنه حافظوا على كرامة شواربهم وعزّتها، فأي سخرية يا عزيزي مصطفى سنكتب فوق جثث الموتى، وأي حبر ساخر سنسكبه أمام هيبة الدم المهدور؟.

أشعر أن أقسى ما يتعرض له الكاتب العربي، والفنان العربي مغنياً وممثلاً، والصحافي العربي، من اختبار حقيقي لموقفه وشرفه هو في الأزمات التي تتعرض لها بلاده، فهو سيكون أمام موقف الضمير، إما أن ينهض ضميره ويدافع عن شعبه وحقه في التعبير والتظاهر السلمي، أو أن يتبع النظام في كل سلوكياته وتصرفاته، بل يقوم بتخوين من لا يقف في صف النظام أو الحزب ويدافع عنه من زملائه أصحاب الحرفة، ويتحول إلى أداة قمع ضدهم، لكن الزمن وتبدل الواقع لا يرحم أبداً، فمجرد أن يبدأ التحول في موازين القوى يبدأ هو في الميل أيضاً، كما لو كان أراجوزاً لا يعرف سوى الرقص والضحك والتسلية.

كم تساقط الممثلون السوريون واحداً واحداً في مواقفهم، بينما كان الأجدر بهم الصمت، فالصمت أحياناً يعد كلاماً بليغاً أكثر من الثرثرة، لأن الشعب حينما تنجح الثورة، ويسقط النظام، ويذهب إلى غير رجعة لن يغفل عن هؤلاء، بل سيحاسبهم ويقاضيهم، وفي أسوأ الحالات سيجعل منهم شخصيات محنطة متروكة هملاً في المتحف، بينما ستخلق الثورة أدباءها وفنانيها كما هو شأن الثورات في العادة.

هناك من يبرر لنا بأن هؤلاء الفنانين لا يستطيعون أن يتبنوا موقفاً محايداً، ولا أن يتخذوا الصمت تقية لموقفهم الضد من النظام، لأنهم يتلقون أوامر بالتصريح وإدانة هؤلاء المخربين والمخلين بالأمن الوطني، كما يصف النظام. بالتالي فإن صمتهم يعني اعتقالهم أو سجنهم، أو ربما سجن عائلاتهم والتهديد باغتصابهم، مما يجعل الموقف العقلاني الوحيد هو الوقوف بصف النظام بشكل علني حفاظاً على أرواح هؤلاء، وأرواح عائلاتهم.

لكن، عوداً على بدء، ما الذي يجبر الزميل مصطفى علوش على تجهيز موضوعات ساخرة كتسلية عابرة في زمن تعيش فيه البلاد قلق الثورة، أو لنسمه قلق التغيير إذا لم يكن يعتبر ما يحدث ثورة، ألم يكن بمقدوره نشر مواد أرشيفية جامدة مثلاً، خاصة وأنه يعمل في مطبوعة الحزب، وحتى لو فعل ذلك عليه أن يشعر بالخجل نتيجة هذا الموقف المتخاذل، لا أن يعد مواد صحفية طريفة عن الشوارب!

سامحك الله يا مصطفى!.

 

نزهات
الله يسامحك يا مصطفى!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة