ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 23/03/2012/2012 Issue 14421

 14421 الجمعة 30 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

بين دروب العقل المتشعبة... هل أصبحت المسألة مفتوحة...؟ علامة استفهام قد يبدو فيها شيء من الغموض..!! لكن كل سؤال يتولد عنه سؤال.. وكل إجابة تتبعها إجابة.. وأبعادٌ جديدة تُفتح.. والعقل هو المُحَرِّك والمُتَحَرِّك في آنٍ واحد.. هنا تكمن الجدلية الدائمة...! فكل دروب العقل تجتهد لتحدد كيانها في مفاصل الحياة البشرية... وعندها تأتي الغِبْطة والغُصة خطان متوازيان في دروب عقول البشر صانعي الحياة... بجمالها وقبحها... بخيرها وشرها...

بحبها وأمنها واستقرارها.. أو بعبثها وغوغائيتها ونهاية الأمر تبقى الفلسفة العقلية هي التي تُؤمِن بأن العقل وحده هو من يُحرِكُ دفة الحياة في جميع الاتجاهات وبدونه يبقى الإنسان عاجزاً عن بلورة المعقول واللامعقول.. عاجزاً عن استحضار أرقى النهايات لِمَلَكَة الإبداع على محك المغامرة في زمن فوضى الصراعات وانسلاخ الوعي بأحقية النفس البشرية مهما اختلفت ديانتها أوجنسيتها أوحتى طبقتها وطبيعتها.. ومهما اختلف الزمان والمكان... أن تتمتع بمبدأ (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) أين هو احترام الكرامة الإنسانية في عالمٍ رحب يتحول كل ثانية من الوقت إلى مستنقعٍ زلقٍ من الصراعات اللامتناهية فوق صفيحٍ ساخنٍ متحرك على مسرح الكون... وكأن العقل يعمل في فراغ... ألغيت من دروبه كل القوانين المنطقية... قوانين الفكر والإدراك والمبادئ الإنسانية... أصبح البشر كدمى رقعة لعبة الشطرنج... لكنهم على رقعة لعبة السياسة... وشتان بين اللعبتين...!

لعبة الشطرنج هي لعبة محاورة الغموض والألمعية معاً.. لعبة الغرابة والثقافة الرياضية التي تتغذى على الفكر لاالعضلات لعبة الذهن اليقظ الذي تقوده الأصابع في معركة حامية الوطيس بجيشٍ صامت يتحرك في ساحة المعركة وبإيعازاتٍ سلسة هادئة تُمرر بين أنامل طرفين متحاربين لكن بلا أسلحة قاتلة مدمرة.. أو دماء مهدورة غدراً.. ورغم ذلك كله...!!هناك رمزٌ للقتل.. رمزللهزيمة.. ورمزللانتصار.. رموزٌ صاغتها لغة ُالعقل قبل أن تُصيغها لغةُ الأصابع.. إنها معركة الصمت.. معركة عبقرية العقول المتولدة من لحظة التأمل... والاحتدام الخفي والحنكة... المتلبسة بالخديعة والمواربة والغدر.. أشعلها الذكاء والخيال..!! فأين منها لعبة السياسة المتفردة بالقوة والهيمنة والسيادة... والامبراطوريات الطامحة للسيطرة على العالم..؟.

العالم تحول إلى دائرة صراعات ومؤامرات... وخططٍ لبناء جيلٍ كامل من الاستراتيجيات الدموية... وتحويل الأرض إلى لعبة يتحكم فيها الأزرارعن بعد... هذا ما يطالعنا به الواقع كل يوم... إرهاب وعنف... فوضى وثورات وقتل وغيرذلك كثير كل ذلك أصبح سمة غالبة لعالم كان في يومٍ من الأيام جميلاً.. فصاراليوم متمرداً بفعل الأصابع المتمردة.. التي تحيك الخطط الشيطانية خلف الظلال... وهكذا...! لم يعد للحق والخير والجمال... مكانٌ في عقول من صنعتهم الأيدي الخفية الطامعة في السيطرة مستخدمة في ذلك وسائل الذكاء والتطور المتعددة... فتحول العالم إلى شبكة عنكبوتية تبث سموماً وتنشر شعاراتٍ منمقة في ظاهرها لكن جوفها يفوح بنكهة التسيد والهيمنة على خارطة الكون.

ساذجٌ من يلهث وراء أفكارٍ تبنتها تلك العقول.. ساذجٌ من لا يدرك بأن الغبطة تكمنُ في جمالٍ يودعُ في العقل عشق إيقاع الحياة.. وأن الغصة هي في عقلٍ لا يطمئن إلى جمالٍ لا يُعرَفُ حقيقة سره ومقوماته.

لكن إذا كان العقل يفتقد لبوصلة الضمير الأخلاقية... وأصبحت الغرائزعدائية... وبات البشر أمام صراعٍ يحيط به من كل جهات الكون الأصلية والفرعية وتُمسك بخيوطه أطرافٌ متعددة جعلت من جغرافية الحدود نقاطاً لجذب البشر من مركز الكون.. أطرافٌ عرفت كيف تدغدغ العواطف وتلهب المشاعرالكامنة في النفوس الضعيفة.. لتجد سبيلها في التغلغل والنفوذ إلى مكامن الأمنيات التي كنت تتطلع إلى تحقيقها منذ عقود من الزمن.. أدمنت في وضع الخطط والإستراتيجيات المستقبلية المبنية على التخويف وبث الرعب والتلويح بالتدخلات تحت مسمى الحماية كل ذلك لإخضاع الكون ومن يحيا على امتداد مساحاته الشاسعة تحت نفوذه وسيطرته.

هذا هو العالم الذي نعيش فيه... عالمٌ يتحدى الواقع والمعقول... وسياسات تجاهر صباحاً ومساءً... مصالح... استراتيجيات وأهداف.. حماية وشراكة لكنها في واقع أمرها تعرت من كل القيم الأخلاقية.. وتجاوزت الحدود.. استبعدت الذات الإنسانية وأصبح يُنظر إليها كذاتٍ تابعةٍ مشروطة بمحددات خارجية وهنا تكمن الخطورة.

ولكن ومع ذلك كله تبقى بعض العقول البشرية فطنة واعية لكل مايحاك في الدهاليز المظلمة.. لا تنحني لإملاءات أو تنكسر أمام فوضى الصراعات.. ولا تعير أذناً صاغية للخفافيش السوداء التي تكثر وقت الأزمات... هذه العقول تثير الإعجاب حد الانبهار بما تختزنه من فلسفة فكرية سياسية... تتناول جميع القوانين الواقعية.... للفكرالسياسي المماثل لفلسفة قوانين لعبة الشطرنج لعبة الدهاء والصبر والمناورة... لعبة الحرب والسياسة والفكر المتناغمة مع الطبيعة الإنسانية وغرائزها.. هي اللعبة الوحيدة في هذا الكون التي تحمل فلسفة.. وقانوناً ورؤية منطقية تقول: الحياة ينبغي أن تسير وفق الإرادة العقلية المنطقية التنظيمية للإنسان... بعيداً عن إيقاع الحركات المحمومة.

 

عود على بدء
شتان بين اللعبتين
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة