ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 23/03/2012/2012 Issue 14421

 14421 الجمعة 30 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

للأذن وظيفة سياسية هي تتنصّت وتشي بما تسمع، تتجسس بالمفهوم الأمني، وتُمارس مهمة المُخبر. هي، إذن، لا بد من أن تكون قريبة من السلطة، لكن رواية الأذن ضعيفة ولا يُعتدّ بها، لأنها شفوية، قابلة للدحض. بينما تكتسب رواية العين صدقية الأدلة. هكذا، حين تتهم الأذن

أحدا، تشهد العين بصحة الاتهام ذاك، أو ببطلانه.

بيد أن الله تعالى خلقنا لنسمع قبل أن نرى مع أن حاسّة السمع هي حاسّة الليل والظلمة. فيما حاسّة البصر حاسة الصبح والنور وهي حاسّة لا ترى موضوعها رؤية جيدة، إلا إذا استطاعت أن “تثبته” وتُحدّد أبعاده.

العين هي حاسة المكان، فيما الأذن حاسة الزمان.

اللافت أن الجسد يتعدى وظائفه التقليدية التشريحية، وينتسب إلى الزمان والمكان، بانيا ثقافته التي تقترن بالثقافة والسياسة، وتُشير إلى الرفض والقبول.

الأذن ثقافة قبول، تحتاج إلى التواطؤ، سهلة المنال من أحابيل السياسة، تستخدمها مطية، بحسب القول المعروف “للحيطان آذان”.

لا عجب، إذن، أن تكون ثقافة الأذن “ثقافة السمع والطاعة”. إنها ثقافة الوثوقية والتقليد. ثقافة الأذن هي، على الدوام، ثقافة سلطة: كلُ سمعٍ طاعة.

علاقة الأذن السامعة المطيعة، المتهمة، بالعين الشاهدة الرائية، كاتصال السرّ بالأيديولوجيا. يشترك السرّ مع الأيديولوجيا في كونهما يقومان معا على التستّر والاختفاء يتولّى السرّ تحديد دور المثقف في مجتمعه، وعلاقته بالنظام السياسي.

تعرية السرّ: أي إظهاره كسرّ، أو الحفاظ عليه. هناك طريقتان في الاختفاء والسرّية، تكادان تشكلان نظامين اجتماعيين متباينين، أو نظامين مختلفين، على الأقل، من أنظمة الحقيقة. ثمة علاقة وثيقة بين المعيش والإسرار، في معظم مجتمعاتنا العربية. تلك المجتمعات لا تستغني، مطلقا، عن الستائر في التداول اليومي. الستائر تحجب الاتصال بالعالم الخارجي، وتمنع “كلام” العين، عندما تُسدل.

* يستخدم الهولندي بالكاد، في حياته اليومية، الستائر، التي هي شائعة ولا يمكن الاستغناء عنها عند المهاجرين العرب إلى هولندا.

ثقافة الستائر هي ثقافة سياسية. هي الدليل إلى معرفة الكمّ المتنوع من المحظورات. ومن دون أن يدري، يعيش معظم المجتمعات العربية سياسة قائمة على التكتم ومطاردة العلن، لئلا يسود في الفكر.

الأنكى يُمارس مواطن تلك المجتمعات، السرية في ذاته. فهي ذاتٌ سرية، ذاتٌ ستائرية، حبّ سريٌّ، لذة سرّية.

Zuhdi.alfateh@gmail.com
 

في جاسوسية الأذن
زهدي الفاتح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة