ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 23/03/2012/2012 Issue 14421

 14421 الجمعة 30 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

النـفـق

رجوع

 

لا أتذكر أنه كان هناك نفقٌ فاصلٌ بين بلدتنا والبلدة المجاورة، برغم أنني غبت سنوات عديدة ولكنني متأكد بعدم وجود حواجز بيننا، ولكي أصل لبلدتي أجدني مضطراً لأن أعبر ذلك النفق.... الظلام حالك... أتلمس يدي... لا أرى شيئاً.... سوى ذلك الضوء المنبعث من خاتم أبي (الكهرمان) والذي أعطاني إياه قبل سفري... ضحكت حين تذكرت حكايات أمي عن مصباح علاء الدين... مررت أصبعي على ذلك الخاتم وأنا أتذكر وأغوص في حكايات أمي... أنتقل بذاكرتي لظلام آخر حين يأخذني أبي لصلاة الفجر في المسجد وينقشع الظلام حين أرى ذلك الضوء القادم من داخل المسجد... يملأ دخان كثيف النفق أحسست به ولم أرَه.... والخاتم ينسلخ من يدي وصوت من داخله يناديني.... من أنت؟ تملكني الخوف... استجمعت شجاعتي ورددت السؤال بنفس السؤال... أنت من أنت؟ ضحك ولاحت أسنانه كمصابيح متراصة.... وقال: ألا تعرفني... دقق في ملامحي...

فركت عيني وإذ بي أرى أبي أمامي وهو الذي توفى من سنوات.... أأنت أبي؟ ضحك مرة أخرى.... تتغير الصورة في عيني وأرى أمي المريضة وأتذكر حديثها معي في الهاتف بصوت وهن... تريد أن تراني قبل الأجل المحتوم... أنا كل من لها.. ليس لي عم ولا خال ولا أهل سوى أبي وأمي كل هذا ولا أرى غير ذلك الوجه... أحسست بيد تمسكني... استسلمت لها.... مرت لحظات ثقيلة.... زاد من ثقلها المال الذي جمعته وأحمله على كتفي في حقيبتي الوحيدة.... مرت لحظات لا أتذكرها...حتى كانت نهاية النفق.. ما زلت لا أرى ضوءاً سوى القادم من غرب البلدة وأناساً يحملون مصابيح كثيرة.... وقف على جانب الطريق يراقبهم ولكن بعض كبار البلدة عرفوه.... وقدموا له العزاء.... احتضن حقيبته التي تتناثر عليها دموعه.

محمد يوسف

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة