ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 24/03/2012/2012 Issue 14422

 14422 السبت 01 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

مراقبة ما كان يحدث الأسبوع الماضي في نظام حضور وانصراف الطلاب والطالبات في مدارس التعليم العام حكومية وأهلية سواء بسبب العواصف الترابية التي ضربت المنطقة أو بسبب العشق التقليدي للسعوديين (للتأجيز) قبل الإجازة وبعدها ينبئ عن حال تعليمنا الذي يئن لضعفه المتجذر في معلميه وإدارييه وتسيب مدارسه الأهلية والعامة، وثقافة أهاليه الذي كل ما تحلم به هو الإجازة ثم الإجازة ثم الإجازة.

إن عدم إدارك الأهالي لتبعات هذا التسيب وطغيان ثقافة الفوضى المدرسية وقبولها والمناداة بها بواسطة السلوك الاجتماعي والانترنت وفرح المعلمين بها، والذين لا يجدون غضاضة في تهربهم من جداولهم وواجباتهم، ولا يجد الإداريون مشكلة في تجاوز الخطط المدرسية، ولا تجد الوزارة مقياسا ناجعا تعالج فيه هذه الحالة غير إصدار التعميمات الورقية التي لا تنفذ في حين يسري تشجيع اجتماعي خفي من الأهل والمجتمع لبقاء الأبناء في أسرتهم حتى الظهيرة وإمضاء الوقت في الواجبات الاجتماعية والزيارات العائلية وإهمال التعليم والعمل؛ فكل ذلك لا أهمية له مقارنة بما يحب المجتمع أن يلهو به وهو العشاءات والاستراحات والأسفار القصيرة وتقطيع حبال الأسواق والمجمعات التجارية، ثم نستيقظ ونسأل: لماذا يحظى طلابنا بالدرجات الأقل في امتحانات الرياضيات والعلوم وحتى اللغة العربية.

مذهل أن ينجح الطلبة في تمديد إجازة نصف السنة من أسبوع، كما قرر النظام إلى أسبوعين عبر نظام غياب جماعي تم الاتفاق عليه ضمنيا بين المدارس لم يقدم معلموها أية دراسة جادة منذ يوم السبت الذي سبق الإجازة.

أي تسيب؟ وقبل الأهل هذا النظام إما فرحين أو ممتعضين ولكنهم لا يمتلكون القدرة للوقوف كجماعات منفردة تبدو نشازا في عدم مشاركتها في التصفيق الجماعي لفكرة التسيب التي عمت كل جوانب النظام التعليمي في المملكة.

كيف نتوقع أن نقدم قدوة مهنية لهذا الطالب الذي يرى معلميه دون خطة دراسية تتابعها الإدارة والمعلم نفسه من يطلب منهم اللعب في وقت الحصة ليفر هو لغرفة المعلمين للدردشة، وتسندهم إدارة ضعيفة تعرف أنه لن يتم مسائلتها إلا حول مواضيع من نوع الزي المدرسي أو نقود تطلبها من الأهل لشراء بعض الأدوات وغيره من أمور جانبية، ليس بالتأكيد منها المستوى العلمي لما يقدم من معرفة وعلوم داخل المدرسة! ماذا نستطيع أن نفعل إذن ؟. وكيف يعطى طلابنا شهادة اجتياز للسنة الدراسية دون إكمال العدد المقرر لأيامها والمعمول به عالميا؟

في كل أنحاء العالم تحرص المدارس على تعويض كل يوم اضطر الطلبة فيه للتوقف عن الدراسة بسب المطر او الثلوج أو العواصف وذلك بزيادة أيام للفصل في نهايته كما تكون هناك لجان لمراقبة الاختبارات من جمعيات علمية مستقلة تزور المدارس وترتبها في قوائم مثل الجامعات حسب نتائج طلابها.

ألم توقظنا نتائج طلابنا العالمية في المواد الأساسية مثل العلوم والرياضيات واللغة والتي مثلت المملكة مرتبة متدنية (انظر نتائج طلابنا في امتحانات الرياضيات العالمية TIMSS والذي يجري كل أربع سنوات على طلاب الصف الرابع والثامن والذي حاز طلابنا في 2003 و2007 على مركز متأخر جدا وهو الثالث والأربعين بين سبع وأربعين دولة؛ أما العلوم فحصلنا على الموقع التاسع والثلاثين من بين خمس وأربعين دولة.

وهذا بعد أشهر من الإعداد المكثف لهولاء الطلاب من قبل لجان متخصصة قامت على تهيئتهم لهذه المنافسات العالمية؟ لا يغرنكم صور بعض طلاب المدارس الأهلية أو الحكومية التي تنشر في الجرائد حول فوز طالب أو آخر في اولمبياد كذا العالمي؛ فالمحك ليس التفوق الذاتي لطالب نابه.

اطلب من ابنك أو ابنتك ممن يدرسون في السنة الثانية أو الرابعة الابتدائي ان يقرأ بعض الآيات القرآنية مشكَّلة دون أخطاء (لا ينطبق هذا المقياس على الطلاب ممن يذهبون إلى حلقات التحفيظ بعد العصر) أو اطلب منه ان يطبق طريقة حل المشكلة ويبررها منطقيا أو اسأله عن التقسيمات في مملكة الحيوان وستدهش بضحالة المفاهيم اللغوية والعلمية والرياضية لدى طلابنا بسبب سوء التدريس والمتابعة من قبل المدارس.

ليس من مهمة الأهل أن يدرّسوا في المنزل. يجب أولا أن تتأكد المدرسة من إتقان الطلاب لمهارات معينة ثم تأتي متابعة الأهالي بعد ذلك، أو لماذا علينا أن ندفع عشرات الآلاف لهذه المدارس الأهلية ليعود الأطفال إلينا لا يفكون حرفا ولا يجيدون التحدث باللغة العربية أو الانجليزية أو حل مسألة رياضية ؟ هذا طبعا عدا المشكلات الأخرى المستشرية مثل التنمر والتفاخر بالتمايز الاقتصادي أو القبلي العشائري بين الطلاب، وضعف البرامج اللاصفية والرياضية وضعف تفاعل المدارس مع مجتمعاتها؟؟؟ إضافة إلى حكاية المباني المدرسية التي تجهد الوزارة لمتابعتها دون أن تكون قادرة على ملاحقة هذا الانفجار السكاني الذي أربك كافة القطاعات الخدمية والتعليمية والصحية.

من المسئول؟ سؤال بحجم امتحان المهارات المطلوبة من هؤلاء الطلبة عند تقديم امتحانات القدرات والتحصيل في المرحلة الثانوية أو حين يعجزون عن الإجابة بلغة عربية سليمة في امتحاناتهم العادية في الجامعة بعد التحاقهم ويفشلون ويطردون من قسم لآخر وتخصص لآخر لعجز في المهارات التي يحتاجها كل طالب جامعي، والتي تعود أساسا لسوء إعدادهم ومتابعتهم في مراحل التعليم العام أو يكلفون الدولة أضعافا مضاعفة بعد ابتعاثهم لاضطرارهم لسنوات إضافية تعالج ضعف تأسيسهم.

ما هي الحلول المطروحة؟

تسليم تقييم مؤسسات التعليم العام إلى مؤسسات خارجية (خارج إطار المدرسة والوزارة) مؤسسات تقييم واعتماد تأتي للمدارس إما خارجية مثل نيو انجليند اساسوسيشين واختصارها نيسا، أو مجلس المدارس العالمية، وتختصر سايس وهي المؤسستين التي تسعى كافة مدارس التعليم العام في العالم للحصول على اعتمادهما، أو داخليا عبر الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي، والتي يجب أن تمد نشاطها من التعليم الجامعي الى العام ولا خيارات لدينا غير ذلك.

ووظيفة هذه المؤسسات الاعتمادية متابعة المدارس وقياس المستويات الاكاديمية لمخرجاتها وإعطاء المدارس خطة ومتابعتهم في التنفيذ لسنتين فإذا فشلوا حرموا من الاعتماد وتنشر النتائج على الملأ ويمكن ربط إعانات وزارة التربية والتعليم بهذه النتائج، كما تقوم هذه المؤسسات باختبارات مستقلة للطلاب ياختيار عشوائي لهم من كل مناطق المملكة لا دخل للوزارة أو المدارس فيها، ثم توضع نتائج الطلاب وتعلن ويعتمد جزء من تصنيف المدارس على نسب النجاح في هذه الامتحانات والتزامها بالمعايير المقدمة من هذه المؤسسات الخارجية، وليس فقط ما يتم الآن من اعتماد نتائج امتحانات المدرسة التي قد يدخل فيها عوامل لا نستطيع التحكم فيها؛ كمحاباة المدرسة لطلبتها أو ضعف الأسئلة وعدم شفافية الآلية التي تتم بها وغيره مما يؤثر على صدقية النتائج. حان الوقت لننفض الغبار عن تعليم ضعيف.

رؤساء الدول العالمية ومنها الولايات المتحدة لديها برامج يتبناها ويشرف عليها الرئيس بنفسه، ويتخذ فلسفة ما كل عشر سنوات. أتمنى من مليكنا الذي ركب معنا الصعاب في طريق طويل للإصلاح في المستويات الجامعية والعدلية والمهنية، وفي معظم قطاعات الدولة أن يصرخ في وجه التعليم العام ليقف ولنجبر كافة راكبي قطاره على النزول ومراجعة خطواتهم وما يفعلون وما يلبسون حتي نعيدهم للحياة كما تتطلبها اشتراطات القرن الواحد والعشرين.

 

هل سيكون ابني قادراً على اجتياز امتحان القدرات والحصول على مقعد جامعي من تعليم كهذا؟
د. فوزية البكر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة