ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 24/03/2012/2012 Issue 14422

 14422 السبت 01 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في كل قضية تنتشر في أوساط المجتمع تبرز شبهات وحقائق، وتروج إشاعات واستفسارات ويحرص كل مراقب لها على تكوين وجهة نظر معينة وفق قناعاته بما يصله من معلومات، وبطبيعة الحال فإن لكل قضية طرفين وكلا الطرفين لديه معلومات بين يديه ومن ينتصر في نهاية المطاف

ليس من تكون لديه معلومات بل من تكون لديه حقائق يحسن في استخدامها وتقديمها للمجتمع بكل شفافية ووضوح.

وعندما تملك الحقائق بين يديك تكون قوياً وصادقاً، فيجب عليك أن لا تتردد في تقديمها للناس بكل وسيلة ممكنة وإن لم تفعل ذلك فأنت تقبل بأن يقوم الناس بتكوين رأي وفكرة قد لا تكون حقيقية، غير أن الصعوبة في هذا الأمر هو أن المجتمع اليوم لا يقتنع بالحقيقة إن جاءت من الجهة المتهمة بحجة أن ما تقدمه هذه الجهة من معلومات لا يرقى لمستوى الحقائق بل هو دفاع عن التهم الموجهة لها وإن الحقائق يجب أن تصدر من جهات محايدة.

وحتى عندما يتم تشكيل لجان من جهات محايدة لعرض تلك الحقائق، فإن تلك الجهات وعلى الرغم من قناعتها التامة بتلك الحقائق، تتردد في تأكيد تلك الحقائق خوفاً من أن يعتقد المجتمع أنها تقف مع طرف في القضية ضد الطرف الآخر فتعتذر عن المشاركة في الإعلان عن الحقائق تاركةً المجتمع يعيش في حيرة ودهشة.

ولذلك فإن الإنسان لا يملك إلا أن يقدم اليوم ما لديه من حقائق للمجتمع سواءً كانت تلك الحقائق في مصلحته أو ضدها، وسواءً قبل المجتمع تلك الحقائق أو رفضها، فهو لا يملك إلا أن يقدم الأدلة والبراهين والوثائق التي تؤكد صدق ما يقول وعلى من يدعي عدم صحة هذه الحقائق أن يوضح ذلك.

لقد ساهمت وسائل الاتصال الحديثة في جعل مجتمعنا أكثر تقبلاً للإشاعات من ذي قبل، فيكفي أن تصلك المعلومة من (مصدر مجهول) فتتناقلها مئات الآلاف من الأجهزة دون تحقق أو تثبت - وقد تضيف إليها بعض الإضافات - ثم ما تلبث أن تنتشر في الصحف ثم القنوات الإذاعية والفضائية وغيرها من الوسائل الإعلامية وفي غضون ساعات تجد بأن هناك قضية جديدة أصبحت حديث الساعة وتحولت لتكون قضية رأي عام تشغل المسؤولين في جميع الجهات ويتصدى لها الكتاب وتقام لها الندوات وتتصدر صفحات المنتديات وتتناقلها الجوالات.

وعندما تحرص على معرفة (المصدر المجهول) للمعلومة التي أثارت كل هذه القضية تجده اختفى فجأة ولا تكاد تجد له طريقاً، وعندما تتحقق من القصة التي كونت تلك القضية تجدها أغرب من الخيال ولا يمكن تصديقها خصوصاً في ظل عدم وجود أدلة حقيقية تؤكدها، بل إن حقائق نفيها أقوى، وبنفس هذا الأسلوب الغامض تجد أنه من الممكن أن تتوالى العديد من القصص المشابهة في ظل غياب سياسة عملية واضحة تتصدى لمثل هذه التصرفات لتثبت ما يروج من إشاعات أو تنفيه، بل إن مثل هذه القصص قد لا توجد إلا في وطننا فقط، وتظهر فجأة في وقت محدد، وأماكن محددة، ومن فئة عمرية محددة، في حين لم يكن يسمع عنها في السابق.

ويبقى الضحية في مثل هذه المواقف هم أفراد المجتمع الذين ينقسمون فيما بينهم، فالبعض يحرص على استغلال هذه المواقف فيسعى إلى تصفية حساباته مع طرف من أطراف القضية فتجده ينحاز لموقف معين ويؤيده ويسعى إلى تأكيده ويبذل في سبيل ذلك كل جهد ممكن، والبعض الآخر تجده محتاراً فيما بين يديه من حقائق فالعقل والمنطق يؤيد الحقائق وآراء من حوله تنفيها، والبعض يجد في مثل هذه القضايا مثارا للسخرية والضحك وعدم التصديق فلا يؤمن بها إطلاقاً.

إننا اليوم في حاجة ماسة إلى أن نحمي مجتمعنا من هذه الإشاعات وأن يحرص كل فرد منا على أن يعرف مصدر كل معلومة تصل إليه وأن يتحقق منها ويعرف مصداقيتها قبل نقلها إلى الآخرين وأن نعمل على إظهار الحقائق وتوضيح أدلتها الحقيقية وأن لا نترك القضايا معلقة وغامضة ليستغلها ضعاف النفوس فيعملون على نشر الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في أرجاء الوطن.

 

حقائق وتساؤلات
إبراهيم محمد باداود

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة