ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 25/03/2012/2012 Issue 14423

 14423 الأحد 02 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يراعى في المجال الصحي جانبي الكفاية والكفاءة للوفاء بمتطلبات الخدمة، وفي هذا الصدد يقاس جانب الكفاية بنسبة أفراد الفريق الصحي، وخصوصًا الأطباء، لكل ألف من السكان -وهي نسبة عامة- تدخل فيها جميع مستويات منظومة الخدمات الصحية

اللازمة للرعاية الصحية للفرد والأسرة والمجتمع. وضمن المنظومة الصحية تستلزم الجهود الخدمية -التشخيصية والوقائية والعلاجية والتأهيلية معيار الكفاءة والتقييم على أساس الجودة النوعية بما يضمن المحافظة على صحة المريض والعمل على استرداد ما فقد منها من خلال توافر متطلبات ومواصفات إنشائية في المبنى ليتلاءم مع الغرض الصحي الذي أنشأ من أجله، وتجهيزات وتسهيلات لازمة للتشخيص والرعاية الصحية، وفريق صحي يمكنه التفاعل مع متطلبات الخدمة ومقتضياتها بفاعلية واقتدار، وهيكل إداري داعم وفريق فني مؤهل وسياسات وإجراءات وأخلاقيات مهنية ومدونات طبية مقننة للعلاج الدوائي والجراحي والتدخلات الطبية وتجويدها وتسخيرها لرعاية المريض وحفظ سلامته في كل مراحل الخدمة الصحية، وتستلزم كفاية وكفاءة الخدمة ترابط مستوياتها - الصحية الأولية - المستشفيات العامة - المستشفيات التخصصية - المستشفيات المرجعية - والوصول إليها حسب الحاجة وحسب المقتضيات المهنية الصحية ووضوح الرؤية والرسالة التي تستند إلى القدرات والإمكانات الخدمية اللازمة لمستوى الخدمة الصحية.

وقد أوجد التقدم العلمي في العصر الحديث في مختلف جوانب الطب والتطبيب الحاجة لتجويد الخدمات الصحية وتقنين إجراءاتها وإعداد وتدريب الفريق الصحي المتكامل والمتخصص في جوانب صحية وفروع تخصصية في ضوء تشعب فروع الطب وتنوع تخصصاته وتعدد جوانبه لمواجهة متطلبات الخدمات الصحية متعددة الأوجه وتوسعت القاعدة الخدمية لتصبح متكاملة، وشاملة لمختلف الجوانب ذات الصلة بالرعاية الطبية، كالتمريض والتحليل المخبري والشعاعي وغيرها، وأن يلتزم العاملون فيها بما يلتزم به الطبيب من توافر للمتطلبات المهنية وتحمل للمسؤوليات الخدمية مع بقاء الهدف الأساس - التزام الطبيب وجميع أعضاء الفريق الصحي العاملين في مجال الخدمات الصحية بعدم إلحاق الأذى بالمريض والعمل على توفير الفائدة الصحية له - ومراعاة مبادئ الأخلاقيات الطبية في التعامل معه والمتمثلة في عناصر ستة متعارف عليها في المجال الطبي وهي العمل على جلب الفائدة للمريض والإحسان إليه والرأفة به، عدم الإيذاء، احترام الاستقلالية، العدالة، المحافظة على السر، والمسؤولية الطبية وهي - العناصر الستة - كذلك من مقتضيات مقاصد الشريعة الإسلامية في الحفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والثروة، وفي صميم أخلاقيات الطب والطبابة في ضوء الكتاب والسنّة.

وفي ضوء ما تمثله الخدمات الصحية من أهمية للفرد والأسرة والمجتمع مما يعقد عليها من آمال لتوفير حياة صحية وبيئية سليمة من ناحية وما تفرزه الأحداث السلبية في الممارسة الطبية من مشكلات شرعية وقانونية واجتماعية ونفسية واقتصادية من جهة أخرى، أصبح لزامًا إيجاد إطار تشريعي متكامل لمختلف أوجه وعناصر الخدمات الصحية لتراعي صحة وسلامة المريض، ووضع نظام شامل ومتكامل يضم مختلف الجوانب ذات العلاقة بالخدمات الصحية وضوابطها الأخلاقية والتأكَّد من تطبيقها من خلال التقييم الميداني للمؤسسات الصحية واعتمادها على أسس ومعايير لجودة الخدمة ومقتضيات سلامة المريض توخيًا لمنع الشطط والحفاظ على صحة وسلامة وكرامة الإِنسان، ولذلك صدرت عدة قوانين وأنظمة خاصة بجودة الخدمة الصحية وسلامة المرضى في الدنمارك والولايات المتحدة وهي قيد النظر في بريطانيا وأستراليا ودول أخرى، كما صدرت قوانين وإجراءات في عدد من الدول وقامت الجهات المختصة في بلدان الخليج العربية ومنظمة الصحة العالمية والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول الخليج العربية بجهود ترمي لتجويد أوجه الخدمات الصحية، كما نشأت جهات تختص في اعتماد المنشآت الصحية تأسيسًا على توافر معايير قياسية لمتطلبات الخدمات الصحية وتجويدها، وبرزت توجهات محلية وإقليمية وعالمية نحو إيجاد نظم تشريعية وجهات اعتماد للجودة في المنشآت الصحية أساسًا للوفاء بمتطلبات الرعاية وتعزيز سلامة المريض والحفاظ على كرامته، حيث تم إنشاء الاتحاد العالمي لسلامة المرضى وكذلك الهيئة العالمية لاعتماد المعتمدين ISQUA لجودة المنشآت الصحية وإيجاد جهات لاعتماد المنشآت الصحية في بعض الدول، داخل الدولة وخارجها، منها هيئة الاعتماد الأمريكية Commission (JCI) Joint International وهيئة الاعتماد الأسترالية، ومجلس الاعتماد الأردني، كما تبنت وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية هذا التوجه لاعتماد منشآتها ومنشآت القطاع الخاص، وأوجدت من أجله (المجلس المركزي لاعتماد جودة المنشآت الصحية)، وفي نفس السياق، تحت منظمة الصحة العالمية على توفير مستوى من الجودة يضمن سلامة المريض من خلال تصميم نظم الرعاية الصحية تصميمًا جيدًا من أجل الحد من المخاطر التي يتعرض لها المرضى.. وتغيير سلوك الأفراد والجماعات والمنظمات في مجال إيتاء الرعاية الصحية إلى الأفضل.

وعنيت الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية بتجويد الخدمات الصحية بسلامة المرضى والتقليل من الأحداث السلبية في الخدمات الصحية، ومن الجهود المبذولة في هذا المجال إنشاء هيئات وإصدار أنظمة ولوائح ذات علاقة بالإطار العام لجودة الخدمة وسلامة المرضى من خلال عدد من الأنظمة وإنشاء هيئات تعنى بجوانب من ممارسة المهن الصحية والدواء والغذاء، منها:

- إنشاء الهيئة السعودية للتخصصات الصحية الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م-2 وتاريخ 6-2-1413هـ المبني على قرار مجلس الوزراء رقم 16 وتاريخ 5-2-1413هـ لتعنى بتطوير الأداء المهني الصحي وتشجيع المهارات وإثراء الفكر العلمي والتطبيق العملي السليم في مجال التخصصات الصحية المختلفة.

- نظام مزاولة المهن الصحية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م - 59) وتاريخ 4-11-1426هـ ويشمل المسؤولية المهنية على الممارس الصحي.

- إنشاء الهيئة العامة للغذاء والدواء بقرار مجلس الوزراء رقم 1 وتاريخ 7-1-1424هـ لوضع إطار وأهداف وآلية عمل لتوفير الخدمات الصحية الملائمة.

- إنشاء المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية بوزارة الصحة بموجب قرار وزير الصحة رقم 144187 - 11 وتاريخ 1-9-1426هـ لتقييم مستويات الجودة في المنشآت الصحية التابعة لوزارة الصحة والقطاع الخاص واعتمادها.

ومن الملاحظ أن (نظام مزاولة المهن الصحية)، ومسؤوليات (الهيئة السعودية للتخصصات الصحية) لا تشتمل على معايير أو أسس لتقييم ومن ثم اعتماد المنشآت الصحية تأسيسًا على توفر العناصر الإنشائية والقوى البشرية والتجهيزات والقوى البشرية والعناصر الخدمية للوفاء بمتطلبات الخدمات الصحية وجودتها وسلامة المريض فيها، ومع أن الهيئات الصحية الشرعية -ضمن مزاولة المهن الصحية- تعنى بجانب من الأحداث السلبية تتعلق بنتائج الأخطاء الطبية ومخرجاتها، إلا أنه لا توجد جهة وطنية تراقب وتسجل وتتابع الأحداث السلبية الأخرى في جميع المنشآت الصحية -الحكومية والخاصة- بالمملكة العربية السعودية.

في ضوء ما تقدم فإن الحاجة تدعو إلى إيجاد نظام ومعايير وطنية في المملكة العربية السعودية تقوم عليها هيئة وطنية مستقلة عن الجهات التي تقدم الخدمات الصحية تقيم وتتابع وتشرف على تجويد الخدمة وسلامة المريض في المملكة العربية السعودية وبذلك تكتمل حلقات الخدمة الصحية وتعزز بها جودة الخدمات الصحية وسلامة المريض في المنشآت الصحية في جميع القطاعات الحكومية.

ومن هذه المنطلقات ولاستكمال حلقات جودة الخدمات الصحية، صدر قرار مجلس الشورى رقم 93-63 وتاريخ 8-1-1430هـ، الذي ينص على (إنشاء هيئة مختصة مستقلة للجودة في الخدمة الصحية، تختص بوضع المعايير المطلوبة للخدمات الصحية وتوصيلها للمرضى بالصورة الملائمة في أنماط الخدمات العلاجية والوقائية ووسائلها والتحقق من الالتزام بها في المنشآت الصحية -كمًا ونوعًا- ولها أن تستعين في سبيل ذلك ببيوت الخبرة العالمية). كما وافق مجلس الشورى في جلسته السادسة والستين بتاريخ 10-1-1433هـ على (نظام الجودة وسلامة المريض في الخدمات الصحية) مشتملاً على أسس اعتماد الخدمات الصحية وأوجه تجويدها وتسخيرها لخدمة المريض والوفاء برعايته وسلامته من الأذى واشتمل النظام على آليات الاعتماد من خلال هيئة مستقلة لضمان جودة الخدمات وسلامة المريض خلالها وتقييم مكونات وعناصر الخدمات الصحية، ومتابعة مقتضيات الجودة والسلامة ولتحقيق ذلك يعنى النظام بتحقيق الأهداف الأساسية التالية:

- تحسين مستوى الجودة في الخدمات الصحية لرفع مستوى سلامة المريض والحد من حدوث الأحداث السلبية.

- إقرار نظام لاعتماد المنشآت الصحية ومتابعة معايير الجودة في مكونات الخدمات الصحية ومراعاة سلامة المريض فيها.

- تعزيز مفهوم سلامة المريض وإبراز حقوق المريض وحقوق الفريق الصحي في مختلف جوانب الخدمة الصحية.

- تعظيم الهدف الأساس للخدمة الصحية المتمثل في رعاية المريض والمساعد على شفائه، وسلامته في جسمه وعقله، وعدم المساس بكرامته.

- مساعدة وزارة الصحة والجهات الأخرى التي تقدم خدمات صحية في سعيها لتعزيز مختلفة جوانب الخدمات الصحية وتجويدها.

- دعم الخدمة الطبية المبنية على البراهين وتطبيقاتها في الرعاية الصحية.

- دعم العمل الطبي المهني وأخلاقياته، والإفادة من المقضيات الشرعية في هذا المجال.

وتستند الرؤية التشريعية في مشروع النظام على إيجاد نظام وطني يتم من خلاله اعتماد المنشآت الصحية في المملكة العربية السعودية من خلال نظام مؤسسي ومواد تنظيمية ولائحة تنفيذية تأخذ في الاعتبار المفهوم التكاملي لتعزيز الجودة وسلامة المرضى ومجتمعه على الوجه الذي يرضيه سبحانه وتعالى، ويرقى لطموحات أولى الأمر في هذا البلد الكريم في تحقيق الخدمات الصحية المتميزة للجميع وهي ما يعنى بها النظام وآليته التنفيذية -الهيئة السعودية للتخصصات الصحية-.. والله ولي التوفيق.

رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئة بمجلس الشورى

hazmigenel@hotmail.com
 

جودة الخدمات الصحية وسلامة المريض: الحاجة إلى أسس تنظيمية
د.محسن بن علي فارس الحازمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة