ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 26/03/2012/2012 Issue 14424

 14424 الأثنين 03 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

يُصاب المرء بالحيرة حين يجد نفسه أمام هذا السيل الهادر المتدفق من المعلومات التي تغزوه من كل صوب. ماذا يصدق.. وماذا يكذب من هذه المعلومات التي تنهمر دون رقابة من أي نوع سوى ضمير من يقذف بالمعلومة عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي!؟

كان الناس في الماضي القريب يشكون من سطوة القلم الأحمر للرقيب في الصحافة ووسائل الإعلام في عالمنا العربي، فإذا بهم الآن يشكون من الانفلات الذي لا حدود له في ما يُنشر عبر الإنترنت!

لم تكن الرقابة في يوم من الأيام شيئاً يحبه القارئ والمتلقي لأنها لا تحجب المعلومات الكاذبة فقط بل تحجب أيضاً المعلومات الصحيحة.. وهي كثيراً ما كانت أداة لترويج المعلومات الكاذبة تحديداً وخصوصاً في الأنظمة السياسية القمعية.. غير أن غياب الرقابة الواعية في زمننا الرقمي أدى إلى غياب المصداقية في الكثير مما يُنشر عبر الإنترنت فصار الواحد منا في حيرة من أمره لا يدري ماذا ومن يصدق؟!

هناك من يمارس، على سبيل المثال، ما يُسمى «اغتيال الشخصية» من خلال نشر معلومات كاذبة تنطوي على اتهامات بحق شخص من الأشخاص.. وقد تتضمن وقائع يصعب على المتلقي التوثق منها بل هي أحياناً أقرب إلى الخيال. ومع أن بعض هذه المعلومات، وربما معظمها، غير موثق على الإطلاق فإنها من خلال التكرار عبر المواقع المختلفة تترسخ في أذهان الناس بوصفها حقائق غير قابلة للنقاش.. فإذا سألت بعض من ينقلون هذه المعلومات عن المصدر الذي استقوها منه فإنك تُفاجأ ليس فقط بجهلهم بهذه المصادر وإنما أيضاً باستغرابهم من استفسارك عن مصدر المعلومة!!

في أزمنة سابقة كانت الكلمة المطبوعة تعتبر - في أذهان الكثير من الناس - مثل الحقائق الراسخة.. فيكفي أن يقرأ الإنسان معلومة في كتاب أو صحيفة لكي تكون لتلك المعلومة الموثوقية اللازمة للاستشهاد بها كدليل دامغ على دقتها.. وكانت تلك البساطة، إن لم نقل السذاجة، في التعاطي مع الكلمة المطبوعة بسبب شح المطبوعات بينما يستطيع اليوم أي شخص لديه معرفة بسيطة ببعض برامج الكمبيوتر أن يصمم ويُخرج صحيفته الخاصة وينشر فيها أخباراً افتراضية ملفقة عن نفسه بوصفه، مثلاً، رئيس إحدى الجمهوريات في مكان ما على سطح هذه الكرة الأرضية!

قبل مدة قريبة فاز أحد الأشخاص بجائزة لجهوده في أحد المجالات، ونشرت الصحف وبعض المواقع خبر فوزه بالجائزة.. وكان من الطبيعي أن تتفاوت تعليقات القراء لكن المحزن هو ما جاء في بعض هذه التعليقات من هجوم شخصي بمفردات سوقية غير لائقة.. ولا أدري كيف تتم إجازة مثل هذه التعليقات من قبل المشرفين على تلك المواقع التي كان بعضها عبارة عن صحف إليكترونية مرخصة من وزارة الثقافة والإعلام!؟

من المؤكد أن الفضاء الإعلامي قد تغير تماماً.. وقد تغير في معظمه إلى الأحسن، لكن السيئ ليس قليلاً أيضا. وإلى أن تنضبط الأمور يبقى التعويل على ضمير الكاتب وضمير من يشيع الكلمة بين الناس.

alhumaid3@gmail.com
ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض
 

على وجه التحديد
ويبقى ضمير الكاتب
عبدالواحد الحميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة