ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 27/03/2012/2012 Issue 14425

 14425 الثلاثاء 04 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

اختم اليوم حديثي حول واقع قطاعي الطاقة والصناعة في المملكة بالتفسير الاقتصادي لعدم نجاح محاولاتنا على مر العقود في تنويع اقتصادنا وتقليل اعتمادنا على قطاع الموارد، رغم كل ما بذلناه من جهود لتحقيق ذلك، بحيث إننا وبعد تسع خطط خمسية كانت جميعها تدعو إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على صادراتنا من النفط الخام،

لازالت صادراتنا النفطية تمثل 90% من إجمالي صادراتنا ولازال اقتصادنا يعتمد بشكل شبه كامل على قطاع الموارد الأولية، بل إن القطاع الأبرز نجاحًا ضمن القطاع الصناعي وهو قطاع صناعة البتروكيماويات قد لا يكون محققًا لنجاح حقيقي وتكلفته الاقتصادية قد تكون أكبر من منفعته. والواقع أنه لا يمكن حدوث تنوع اقتصادي حقيقي فاعل ما لم يتحقق نمو كبير في القطاع الصناعي، وهو أمر متعذر في دولة تعتمد على صادراتها من الموارد الطبيعية ولم تنجح في عزل اقتصادها عن التأثيرات السلبية لتدفقات النقد الأجنبي على اقتصادها المحلي، من خلال حماية اقتصادها من أعراض ما يعرف بالمرض الهولندي Dutch Disease، الذي من بين أهم آثاره على الاقتصاد تراجع أداء القطاع الصناعي وضموره بدلاً من نموه وزيادة مساهمته في الناتج المحلي. فتدفق النقد الأجنبي إلى الاقتصاد مع ارتفاع صادرات البلاد من المورد الأولي ينشأ عنه نمو كبير في الطلب المحلي على السلع والخدمات فتتولد ضغوط على أسعار السلع والخدمات للارتفاع، إلا أن هذا الارتفاع لا يكون متوازنًا في جميع السلع. فالسلع الصناعية ونحوها من السلع التي تنتج محليًا كما يمكن استيرادها لا ترتفع أسعارها بنفس الحدة التي ترتفع بها أسعار السلع والخدمات التي تنتج وتستهلك محليًا ولا يمكن للسلع المستوردة منافستها، ما يجعل الموارد والاستثمارات تتجه نحو هذه السلع والخدمات على حساب السلع الصناعية وترتفع تكلفة إنتاج السلع الصناعية بصورة تجعلها غير قادرة على منافسة السلع المستوردة، الأمر الذي ينتج عنه ضمور القطاع الصناعي لا نموه وازدهاره.

ومن الدلائل الواضحة على معاناة الاقتصاد من أعراض المرض الهولندي حدوث ارتفاع كبير مبالغ فيه في قيم الأصول المالية والعقارات وأسعار الخدمات، باعتبارها سلعًا محلية محمية من المنافسة الخارجية، فيما يكون هناك ارتفاع أقل نسبيًا في أسعار السلع المستوردة أو السلع التي تنتج محليًا ويوجد بدائل لها مستوردة.

ففي مثل هذا الاقتصاد، يحقق المستثمرون من مجرد المضاربة في العقارات والأوراق المالية عوائد تبلغ أضعاف ما يحلم في تحقيقه مستثمر في القطاع الصناعي.

على سبيل المثال، من اشترى أرضًا أو عقارًا في المملكة قبل أربع سنوات فقط فإن قيمته قد تكون تضاعفت عدة مرات خلال هذه الفترة، بينما لو كان مستثمرًا في القطاع الصناعي فإنه على الأرجح لم يبدأ بعد بتحقيق أي عائد، وقد يكون العائد الأكبر والأهم الذي تحقق له من هذا الاستثمار هو الارتفاع الذي حدث في قيمة الأرض المقام عليها المصنع.

بالتالي، وطالما أننا لم نبذل جهودًا لحماية اقتصادنا من التأثيرات السلبية لتدفق النقد الأجنبي على اقتصادنا، من خلال السيطرة على معدلات نمو الإنفاق الحكومي والحد من ارتفاع معدلات التضخم، فإن جهود تنويع مصادر الدخل تصطدم بحقائق اقتصادية لا يمكن تجاهلها، أو الالتفاف حولها من خلال الدعم الحكومي. فهذا الدعم للقطاع الصناعي قد يبقيه حيًا، لكنه يصبح بسببه قطاعًا عديم الكفاءة مرتفع التكاليف يموت في اللحظة التي يتوقف فيها هذا الدعم، وقطاع هذا وضعه لا يمكن أن يكون تنويعًا للقاعدة الاقتصادية ولا مسهمًا في تخفيف اعتمادنا على النفط.

أكاديمي وكاتب اقتصادي

alsultan11@gmail.com
أكاديمي وكاتب اقتصادي
 

أين تكمن مشكلة القطاع الصناعي السعودي؟!
د. عبدالرحمن محمد السلطان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة