ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 28/03/2012/2012 Issue 14426

 14426 الاربعاء 05 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

نشر البروفسور الألماني في علم النفس هورست ريشتر قبل أربعين عامًا كتابًا بعنوان: اسم مريض اليوم: الأسرة بكاملها. في المقدمة يقول: فتح التحليل النفسي الحديث مجالا جديدا في تطبيقاته العملية يشمل استكشاف وعلاج نزاعات المجموعات البشرية المتعايشة تحت سقف واحد. العديد من الأطباء النفسيين لم يعودوا يرون الفرد كحالة نفسية تعيش مشاعرها ومعاناتها بنفسها بمعزل عن المجموعة. لقد بدأوا يدركون أهمية بل وضرورة الربط بين الاعتلال النفسي للمريض الفرد بظروف المجموعة البشرية التي يتعايش معها، وهي الأسرة أولا ثم مجموعة التعايش المباشرة في محيطه امتدادا إلى المجتمع الذي يتحرك بداخله. أصبح أكثر وضوحا مما كان يعتقد سابقا في علم النفس مدى التأثير البالغ، الظاهر منه والباطن، الذي تحتمه المناوشات والتبادلات اليومية في المشاعر داخل الأسرة، وإلى أي حد يكون البعض في داخل الأسرة أكثر عرضة من الآخرين للاختلال النفسي، مع الأخذ في الاعتبار أن الجميع سوف يتأثر بهذه المناوشات والتبادلات اليومية.. لكن البعض فقط تظهر لديهم أعراض المرض النفسي بشكل واضح يحتاج إلى علاج. في أغلب الحالات التي تعرض على أطباء التحليل النفسي يتضح منذ أولى الجلسات أن المريض لا يمكن شفاؤه من اعتلاله النفسي طالما تمت معاينته والتعامل مع حالته بمعزل عن المجموعة التي يعيش في وسطها وهي الأسرة في المقام الأول. تصبح الحالة أشد وضوحا وإلحاحا حين يكون المريض النفسي يتعرض داخل أسرته بشكل متكرر للاستهزاء والمعايرة بأنه عضو فاشل يشكل عبئا أو عارا على العائلة. هذا الإسقاط العائلي على أضعف عضو فيها يؤدي حتما إلى الاعتلال النفسي المرضي المبكر لهذا الفرد، لكنه يدل أيضا بدون شك على أن هذه الأسرة تعاني في داخلها من توترات وشحنات إحباط تقوم بتفريغها على العضو الضعيف فيها. ذلك يجعل هذا الفرد بالذات يسقط قبل غيره ضحية للمرض النفسي متأثرا بالجو الاجتماعي المعتل في داخل الأسرة بالكامل.

انتهى الاقتباس من هورست ريشتر.

بعض معنى هذا الكلام هو أن الفرد المريض نفسيا داخل الأسرة لم يصبح مريضا بالصدفة، لأنه محسود أو مسحور أو مسكون، رغم عدم القدرة على نفي أو إثبات هذه الاحتمالات، ولم يصبح مريضا أيضا لأنه هو الوحيد الذي يحمل بذرة مرضه داخل مجموعته العائلية. الأرجح من ذلك هو أن هذا الفرد دخل مبكرا مرحلة الأعراض المرضية قبل غيره لأنه كان أضعف أعضاء المجموعة، إما جسديا أو فكريا أو لهشاشة مقاومته نتيجة لتركيبته النفسية الحساسة.

الطفل الأقل ذكاء أو الأضعف جسديا أو الطفلة لكونها أنثى، عندما يتعرض أحدهم منذ الطفولة للاضطهاد اللفظي والتحقير المبطن والمتكرر يصبح في حكم المؤكد أن تظهر عنده لاحقا أعراض ذهان أو اكتئاب أو وسواس قهري أو عدوانية مدمرة أو أن يسقط في براثن المخدرات للهروب من إحساسه بالاضطهاد. بهذه النظرة نستطيع التعميم على المجتمع كله. كلما كان المجتمع يعتمد التمايز والمفاصلة والمعايرة والإقصاء انطلاقا من اعتبارات قبلية أو طبقية أو مذهبية إلى آخر الموسوعة الاجتماعية الجاهلية وتزكية النفسن أقول أنه كل ما كان المجتمع يتعايش مع مثل هذه المواصفات كلما انتشرت فيه العلل والعقد والانفجارات النفسية. لذلك يقول هورست ريشتر: «لن يستطيع الطبيب النفسي شفاء مريض نفسي واحد ما لم تتم معاينته مع جميع أفراد الأسرة. يسمى ذلك طب الأسرة النفسي أو التحليل النفسي الجماعي».

بالمناسبة: انتشار المخدرات بين الشباب والشابات يعود بالأساس إلى التركيبات الاجتماعية الجاهلة التي سبق ذكرها أعلاه.

 

إلى الأمام
تداخلات الواقع العائلي مع الحالة النفسية للفرد
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة