ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 28/03/2012/2012 Issue 14426

 14426 الاربعاء 05 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

حذرت هيئة مكافحة الفساد - حسبما قرأته لها مؤخراً في إحدى الصحف - من عزمها على ملاحقة ممتدحي المسئولين في الدولة والمبالغين في الثناء على إنجازاتهم، معللة توجهها، كونه نوعاً من أنواع الفساد، يترتب عليه - حسبما تظن - غرور المسئول وصرفه عن رؤية الأمور على حقيقتها وبما ينتج عنه فساد كبير في أداء المهام، وهذه الهيئة معروف عنها بأنها إحدى هدايا الملك عبد الله - حفظه الله - في إطار جهوده الحثيثة والصادقة، للقضاء على شأفة الفساد والقبض على المفسدين والفاسدين وتقديمهم للعدالة، وهي في نظر الجميع، خطوة إلى الأمام، تشي بصدق وسلامة توجه القيادة الرشيدة نحو الإصلاح المتعمد، مهما علت العقبات وبرزت أنياب الذئاب، مر عام على اعتماد هيئة مكافحة الفساد من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، وهي في ظني لم تبرح التنظير بعد! وقد لفت نظر المهتمين بقضايا الفساد - وأنا أحدهم لكثرة مقالاتي عن هذا المرض المزمن، كثرة التصريحات التنظيرية لمسئولي الهيئة على حساب العمل التطبيقي الفعلي، ولعل أقرب مذكور هو ما ذكر في إحدى بيانات الهيئة، من التنويه عن أرقام هواتف البلاغات مع بيان آلية التبليغ، وملاحظة البعض صيام أجهزة الاستقبال لديها، مما يشعر بعدم الجدية في تطبيق مواد إستراتيجية الهيئة، وقصر ذلك للترويج الإعلامي، وأن الموضوع لا يعدو كونه تنظيرا في تنظير على طريقة التخويف عن بعد، المنتهي بالتسويف! ما علينا، لنعد إلى صلب موضوع عنوان المقال، في ديننا الحنيف أن الثناء من حيث هو، خلق من أخلاق الإسلام والرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يقول في معنى الحديث من قال لأخيه جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء، وأن إعلام المجتهد بمحل اجتهاده يزيده تفاعلاً وإنتاجاً، وهم قلة من يتعامل مع الثناء بالمقلوب حسب ظن الهيئة وقد تكون محقة في ذلك بعض الشيء، ولكن هذا بعض لا ينسحب على الكل، مما لا يكسبه صفة القاعدة، فالإنسان بطبعه يحب الثناء كما يكره الذم، فما الذي يضير مكافحة الفساد، أن يشاد بمسئول بصماته واضحة في رابعة النهار؟.

في اعتقادي أنه لا ينبغي أن ينصرف عمل الهيئة نحو سوء النية، واتهام من يثنى عليه من المسئولين، من الفاعل والمفعول به (المادح والممدوح) بعض المسئولين وإن كانوا يعدون على أصابع اليد الواحدة، إنجازاتهم تذكر وتشكر ولا تنكر، كيف السبيل لذكرها وشكرها؟ إلا عن طريق الثناء عليهم حسياً أو مادياً في حياتهم وليس بعد مماتهم كما هو واقعنا للأسف، حسياً بالقول مشافهة لمن في المحيط ويستطع، ومادياً عن طريق الكتابة لمن خارجه ولا يستطيع المشافهة، من يحدد صدق النوايا من عدمه؟ هلا شققت هيئة مكافحة الفساد عن صدر الفاعل والمفعول به (المادح والممدوح)؟ وهل كل مسئول أثني عليه، سيصاب بداء العظمة والغرور؟ هذا في نظري تعميم لا يستقيم وليس في محله، واتهام نظري مطلق لم يقم عليه دليل.

الثناء الواقعي لأهله غير المبالغ فيه، وقود سريع ترى نتائجه عند كثير من المسئولين الوطنيين وهو أمر مشاهد ومحسوس، وهو حسن لغيره، الوظيفة محددة (بالراتب والوقت) لكننا نشاهد مسئولين يواصلون الليل بالنهار، وأعمالهم تأكل وتشرب معهم وتسرق أوقات عوائلهم، هل أمثال هؤلاء مصابون أو يتوقع أن يصابوا بداء الغرور، كما ذكرت هيئة الفساد؟ الإنسان مجموعة مشاعر، يحتاج للدعم المعنوي كما يقول علماء النفس، كم كنت أتمنى أن تترك الهيئة مثل هذه التنظيرات الهامشية التي لن تقدم ولن تؤخر، بقدر ما تسرق وقتها، وتتجه لمهمتها الأساسية، لمتابعة الظلمة وسراق الأموال الحقيقيين وتتابع الظلم الحقيقي الواقع على الكثير من الموظفين خاصة، نتيجة المحسوبية في الترقيات وخطف المراتب العليا والانتدابات - الهامشية - خارج المملكة، في كثير من الجهات الحكومية في ظل عدم مقدرة وزارة الخدمة المدنية على تجاوز هذه العقبات المزمنة، وتقف - مكافحة الفساد - إن كانت جادة بالفعل على ماهية المسئولين الذين تحوم حولهم الشكوك وتراقبهم عن بعد، وتتابع عملية الثناء المفرط عند الترقية أو التعيين للمناصب الخدمية الكبيرة والمراتب العليا، وتتابع المؤسسات والشركات التي تبجل المسئول المعين وتمطره بأعذب العبارات وتقيم له الولائم بأفخم الفنادق، هنا مربط الفرس!! الفساد الإداري - في نظري - المصدر والمعين الأساسين لجميع أنواع الفساد، وعمل مكافحة الفساد عمل ذا طابع إداري ومالي بحت، يخولها الكشف بجدارة عن خبايا المفسدين وحيلهم، ومن الأهمية بمكان أن يكون للهيئة (مصدر موثوق) في كل جهة حكومية، تحصل من خلاله على ما تريد من معلومات سرية، تعينها على أداء مهمتها بكل جدارة وأهل مكة أدرى بشعابها، أما التركيز على مثل هذه الأمور الثانوية التي بمثابة القشور، من شأنه أن يجعل الهيئة تراوح مكانها، ويصرف المجتمع نظره عن قيمتها المفترضة، ويعود للمربع الأول، من يكون للأمانة؟ ومن يحقق أحلام القائد الشهم الأمين، خادم الحرمين الشريفين؟.

بقي القول إن المجتمع لا يزال في خير ومن خير إلى خير، طالما أن من يقود مركبه وجه السعد والخير... ودمتم بألف خير وخير يا وجوه الخير.

dr-al-jwair@hotmail.com
 

مكافحة الفساد.. وتعقب المداحين!!
د. محمد أحمد الجوير

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة