ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 29/03/2012/2012 Issue 14427

 14427 الخميس 06 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قرأنا الكثيرعن علم تخطيط الموارد البشرية، وأنَّه يُعنى أساساً بمسائل تطوير الذات، وتأهيل وتنمية القدرات والمهارات الإنسانية لتكون قادرة فنياً ومهنياً على مباشرة تنفيذ الأهداف والمهام الموكولة إليها وفق المستهدف، وعلى أفضل صورة ممكنة. وقد توسع خبراء التنمية البشرية في

تعداد محاسن هذا العلم، وأهدافه، ومن ذلك: تحديد احتياجات المنشأة المستقبلية من العناصر البشرية بمختلف التخصصات والمهارات، وتحسين معدلات الأداء والإنتاجية، وتنمية المهارات والمعارف الكلية، وزيادة الربحية، وتخفيض تكاليف الإنتاج. إضافة إلى إحداث التغيرات الهيكلية والتنظيمية التي تساعد على التعامل الإيجابي مع التطورات البيئية والتقنية الداخلية والخارجية، ومباشرة ومتابعة أعمال تطبيقات التعاملات الإلكترونية، وإبراز عناصر القوة والضعف في نوعية وأداء العاملين في المنشأة، بما يساعد على بناء برامج التطوير والتدريب والتحفيز المناسبة.

هذه المحاسن والأهداف إجمالاً تحتاج إلى إدارة ومتابعة جيدة، لتحويلها إلى برامج وتطبيقات تتماهى مع معايير فنية ومهنية عالية الجودة، تحقق أقصى فائدة علمية ممكنة، لجهة تركيم المزيد من المهارات المعرفية، فضلاً عن ضرورة تلبية محتواها لاحتياجات سوق العمل.

بما يخص التطبيقات الراهنة في المملكة، هناك حراكٌ كبير نسبياً في هذا الاتجاه، من خلال برامج التدريب والإيفاد والابتعاث، تحت إدارة وإشراف مؤسسات الدولة، والجامعات، ومراكز البحوث والدراسات، والمؤسسات المتخصصة في تنمية الموارد البشرية. ومن البرامج المميزة في هذا السياق: برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للابتعاث الخارجي - تمَّ تدشينه عام 1426هـ وتشرف عليه وزارة التعليم العالي - وقد وُصف بأنَّه الأوسع والأشمل في تاريخ المملكة. ويستهدف فيما يستهدف بناء الكوادر السعودية، وتأهيلها، وفق أفضل المعايير الأكاديمية والمهنية لسد احتياجات سوق العمل، خاصَّة الجامعات السعودية التي تزداد عدداً، وتشهد توسعاً رأسياً وأفقياً مُطِّرداً، وكذلك احتياجات الوزارات والمؤسسات الوطنية في القطاع العام، والمدن الصناعية، ومؤسسات القطاع الخاص في مختلف مناطق ومحافظات المملكة. كما يُعنى هذا البرنامج بتوسيع دوائر تبادل الخبرات العلمية والتربوية والثقافية مع دول العالم المختلفة. ويُعد نقلة نوعية كبرى لتطوير قطاع التعليم العالي في المملكة، وتعزيز بنيته العلمية والمعرفية، وتوجهاً قوياً نحو بناء المزيد من جُدُر التنمية المستدامة للموارد البشرية السعودية، وزيادة قدراتها التنافسية على مستوى المنظومة الإقليمية والعالمية.

في موازاة هذا الحراك الإيجابي لجهة العناية بتنمية الموارد البشرية في المملكة، هناك حراكٌ آخر، ولكنه مع الأسف الشديد ذو طابعٍ سلبي لا يخدم مسارات هذه العناية، تمارسه بعض معاهد ومؤسسات قطاع التدريب الأهلي، دون نظرٍ لأدبيات العمل العام، والرؤية والرسالة المفترضة لهذه المعاهد، في مجال التنمية البشرية، والتي من أجلها مُنحت تراخيص العمل داخل السوق السعودية.

من هذه الممارسات الخاطئة، وربما من أخطرها، بيع شهادات تدريبية دون حضور المتدربين، وبعبارة أدق بيع “ شهادات مزورة “. وهذا ما دعا المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني مؤخراً إلى إغلاق نحو “60 “ معهداً شابتها العديد من التجاوزات والمخالفات.

إضافة إلى ذلك، تعاني هذه المعاهد من ضعف عام في محتوى برامجها التدريبية، بما يجعل مخرجاتها غير قادرة على محاكاة التطور الكبير في تقنيات التنمية البشرية، وأدوارها الضرورية لتطوير بيئات العمل، والتحول إلى مجتمع المعرفة. وفي ذلك تبديد نسبيٌ للموارد المتاحة، وحجر عثرة أمام إنتاج المخرجات الفنية والمهنية العالية القادرة على إدارة دفة مجتمع المعرفة.

وفق هذه المعطيات يستلزم الأمرالعناية، وبشفافية عالية، بأدوات الرقابة والمحاسبة، والفحوص المهنية، بلْه وإعادة النظر إن لزِم الأمر في شروط منح تراخيص العمل للمعاهد والمدربين، وبما يتيح الأجواء للجيد منها للعمل في هذا المجال التنموي المهم. إضافة إلى النظر في مسائل مراجعة الأنظمة واللوائح وتطوير التدريب الأهلي، وتحقيق الأهداف وفق معايير الجودة المطلوبة، لإثراء الوطن بكوادر بشرية مؤهلة لقيادة الأعمال والتنمية وتطويرها.

كلمة أخيرة: تعزيز بيئة وطنية معرفية خلاَّقة، وتنافسية، تواكب التطورات العالمية في عصر الثورة المعلوماتية، واقتصاديات المعرفة يحتاج إلى شراكة فعَّالة من قبل قطاع التدريب الأهلي، لبناء الموارد البشرية السعودية، بكفاءة وجودة عالية. شراكةٌ لا تُغلِّب المصالح الآنية، والمكاسب المادية، وتسعى في الوقت نفسه إلى مواكبة كل جديدٍ وتطورٍ في هذا المجال التنموي المهم.

من مأثور الحِكم:

أَلاَ بِالْجِدِّ تُكْتَسَبُ المَعَالي

وَمَنْ طَلَبَ الْعُلَا سَهِرَ اللَّيَالِي

 

التنمية البشرية ومحاكاة الأهداف والتَّطلعات الوطنية
د. عبدالمجيد محمد الجلال

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة