ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 31/03/2012/2012 Issue 14429

 14429 السبت 08 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

المخدرات والخمور أثرهما أشد من (الزلازل) على المجتمع

رجوع

 

سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن تكرار الحديث عن مشكلة ما في وسائل الإعلام أو في مجالسنا العامة والخاصة، أو غير ذلك، يعني أن هناك مشكلة قائمة ومهمة، وأن خطرها موجود فلابد من التنبه لها ومعالجتها واستئصالها لأن المعاصي والمنكرات إذا فشت في المجتمع فلن يقتصر أثرها على أصحابها بل سيعم ذلك على الجميع قال الله تعالى: وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ، وقد سطر الأخ الأستاذ سلمان بن محمد العُمري في مقاله المعنون (أم الخبائث) المنشور في العدد 14379 يوم الجمعة 18-3-1433هـ عن واحدة من هذه المشكلات، وتحدث بإسهاب عن المخدرات وأنها مرض من أمراض العصر المزمنة، وتفشيها مع الخمور وانتشارها.

ولقد ميز الله تعالى بني آدم على غيرهم بنعمة العقل وجعله أحد الضرورات الخمس العظيمة التي أجمعت الشرائع على وجوب حفظها، وفاقد العقل لا يفرق بينه وبين سائر الحيوانات والجمادات لذلك فإن من أعظم ما يذهب العقل ويزيله المخدرات والمسكرات فهي (أم الخبائث) والقائدة إلى أعظم الجرائم، وسبب البلايا والمصائب، فهي الشبح المخيف، والطوفان المهلك الذي يجتاح الأمم والشعوب، فيزلزل، ويفتك بأبنائها ويهدد استقرارها، ويقضي على حاضرها ومستقبلها فهي من أشد الآفات المهلكات، التي تحصد الأرواح وتدمر العقول والأجسام، وتفتك بالأموال.

ولن أبالغ إذا قلت بأن أضرارها وخسائرها تفوق أضرار الزلازل، فالزلزال يقع عادة في مكان محدد لمدة دقائق أو ثواني معدودة، وقد يترك وراءه قتلى وجرحى وتلفيات في الأموال والممتلكات لكن آثاره تبقى محدودة، أما المخدرات فإن ضحاياها يسقطون على مدار الساعة وفي أكثر من مكان، ومن سلم منهم من الموت المحسوس فإن حياته وواقعه أشبه ما يكون بالأموات، إن الأضرار التي تلحق بالجسم والعقل من جراءها أصبحت أمراً مسلماً به، وليست محل شك، أو خلاف بين الأطباء ودول العالم لم تتفق على شيء، كاتفاقها على محاربة المخدرات والأدلة على تحريم المخدرات واضحة وصريحة في القرآن والسنة، وأقوال العلماء قال الله تعالى: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ -، إنها كبيرة من أعظم الكبائر واقبحها وأشنعها، لعنها الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كما عند أحمد والطبراني بسندٍ صحيح ولعن عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتعاها وساقيها ومسقيها وأكل ثمنها، وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن على الله عز وجل عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا يا رسول الله ما طينة الخبال قال عصارة أهل النار).

لذلك فإن الدعاة والأئمة والخطباء ينبغي لهم أن يقفوا سداً منيعاً وحاجزاً قوياً ضد هذا الطوفان المدمر إن هذه الرذيلة المهلكة لم تفشَ في عصر من العصور كما فشت في عصرنا الحاضر حيث شن أعداء الإسلام على هذه البلاد المباركة حملة شعواء، وزجوا بكميات كبيرة ورهيبة من جميع أصناف المخدرات والمسكرات التي يتفنون في أشكالها وألوانها ويدسونها للمغفلين من أبناء المسلمين حسداً من عند أنفسهم بغية تخدير الأمة وإهدار طاقاتها والقضاء على أبناءها وتغيب عقولهم، والطعن في كرامتهم ويكفي شاهداً على ذلك ما نسمع ونرى من حوادث مفزعة وجرائم مفجعة تقف المخدرات سبباً رئيساً وراءها.

كم حيةٍ صغـرت في حجـمها قتـلت

حُراً وارخـص في تهريبها الذهــبُ

هذا سلاح من الأعداء غايته

ألا تعــود إلى أمجادهـا العــرب

إن الناظر إلى المجتمعات المسلمة اليوم يجد أنها تزخر بألوان من المشكلات والمصائب والمعاصي السلوكية وغيرها وتفشي المنكرات واستحلالها، والخطيب أو الداعية كالطبيب يعالج هذه المشكلات، خاصة إذا كانت في بدايتها لأن النار من مستصغر الشرر، لا يتركها أو يتهاون فيها أو يقول: إننا نعيش في مجتمع محافظ بل عليه أن يلامس هذه المشكلات ويبدأ في علاجها بطريقته وحذاقته فهو كما قلت كالطبيب الحاذق فالخطيب إذا نجح في غرس القيم والأخلاق في نفوس الناس وأهل الحي وأن أفضل طريقة لمعالجة هذه المشكلات الخطيرة تضيق القنوات التي تؤدي إلى تفاقمها مثل السهر والسفر ورفقاء السوء والفراغ فلو أن الخطيب بدأ في معالجة هذه المشكلات وتبيينها للناس وأنها إذا أهملت فإنها تؤدي إلى طريق مظلم وعاقبة وخيمة وضرب القصص التي بسببها حصلت النكبات والاهتمام بقضايا الشباب السلوكية والعاطفية وغرس قيمة الحياة لديهم ومفهوم السعادة الحقيقية وأنها لا تجلب بملذات الدنيا وشهواتها.

عبدالله بن سعيد أحمد الحريري - إمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله بن حميد بمكة المكرمة

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة