ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 01/04/2012/2012 Issue 14430

 14430 الأحد 09 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لعلّه من باب الشجاعة والحكمة والذكاء لجوء قاضٍ في المحكمة العامة بالرياض لإيقاف الحسابات البنكية والتعاملات الحكومية لأحد المواطنين لحين مراجعته المحكمة، وإنهاء شكوى بناته من رفضه تسليمهن أوراقهن الثبوتية بعد زواجهن الذي لم يوافق عليه نتيجة خلافات قديمة مع والدتهن؛ مما اضطر عمهن لتزويجهن بصفته ولي أمرهن دون حضور أبيهن.

ومارس الأب جبروته وعناده برفضه إعطاءهن أوراقهن الرسمية لتثبيت زواجهن واستخراج هوية العائلة؛ فتوجهن للقضاء لحل هذه المشكلة.. ولم يتم حل الموضوع برغم بساطته بل استمر ثمانية عشر شهراً لمماطلة والدهن بالحضور، فلجأ القاضي لإيقاف حساباته البنكية وتعاملاته الحكومية حتى مراجعته المحكمة وإنهاء الشكوى. وبدلاً من ملاحقة المحكمة له أصبح هو يلاحقها لفك الحصار عن حسابه البنكي مع تمسكه بالرفض الذي علله بخلافاته مع أمهن التي لم ينسها مع توالي السنين، وأنهن لا يختلفن عن أمهن التي أساءت معاملته وكبَّدته خسائر مالية حتى انتهى زواجه منها بالطلاق والكُرْه المستمر!.

وبعد عدة جلسات بين الأطراف مع قاضي المحكمة العامة أصدر (صك صلح) بين الأب وبناته، يقضي بتسليمهن أوراقهن الثبوتية، وتذكيره بواجبه بصفته أباً لبناته، وواجباتهن الدينية تجاه والدهن مهما حدث بينهم من خلافات.

وبرغم مرارة الحدث وبروز هذه المشكلة بمجتمعنا بسبب عدم استقلالية المرأة المدنية والمالية، فإن المرء ليعجب من استمرار المشاكل في ظل هذا الانفتاح الذي نعيشه ووصول المرأة لمستوى علمي وفكري يؤهلها للاستقلالية بحدودها الشرعية، من ضرورة حصولها على بطاقة مدنية مستقلة في سن الثامنة عشرة مع وجود بطاقة العائلة، وإلزام والدها باستخراج البطاقة التي تثبت هويتها فحسب! ولو كانت هؤلاء الفتيات يحملن بطاقات مستقلة لما لجأن لشكوى والدهن على المحكمة. ولما حصلت المشكلة أبداً.

ولا تفوتني الإشادة برجلين في هذه الحادثة، أحدهما عم البنات العاقل الشجاع الذي قدّم مصلحتهن فوق علاقته بأخيه حتى لو أدى ذلك لتخلخل تلك العلاقة. وهذه الوقفة الشجاعة نادرة في زمن المصالح الشخصية!.. أما الرجل الثاني فهو القاضي الذي استخدم صلاحياته وما منحه له القانون من نهج جميع السبل التي توصل لحل المشكلة.

وطالما كان هذا الإجراء نافذاً وناجعاً؛ فلِم لا يلجأ له جميع القضاة دون الانتظار لأشهر وسنوات في ظل المماطلات المعروفة التي يتضرر منها أصحاب الحقوق، فيصلون لأبواب مغلقة ثم ينطوون على همومهم ويقبضون على جمر قهرهم، ويضربون صفحاً عن ملاحقة قضاياهم والتعايش مع مشاكلهم، وفي النهاية ينتصر الظالم وتعلّق ملفات قضايا من الجور والاضطهاد لإدراك أصحابها بأنها لن تحل! حتى كاد يسود هذا الانطباع عند الناس.. كم نحن بحاجة إلى قضاة يتسمون بالشجاعة والصدع بالحق ليكونوا ممن وعدهم الله بالجنة ووصفهم رسوله عليه الصلاة والسلام بذلك.. ولنكون حقاً خير أمة أخرجت للناس.

rogaia143@hotmail.com
Twitter @rogaia_hwoiriny
 

المنشود
القاضي الشجاع
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة