ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 01/04/2012/2012 Issue 14430

 14430 الأحد 09 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

صحافة العالم

 

سورية.. من الاستبداد إلى حكم المافيا

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الأمل في نجاح الجهود الدبلوماسية في دفع الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي مضلل، لأن نظام حكم الأسد أشبه بعصابة مافيا مستعدة للدفاع عن منطقة نفوذها بكل الوسائل الممكنة. فلا توجد نقطة رجوع سواء بالنسبة لعصابة الأسد أو للمتمردين لأن كل طرف منهما يعرف أنها تعني نهايته. ولكن أغرب المعارك الكلامية التي يشنها الرئيس الأسد ضد شعبه وقعت مؤخرا في ضاحية دوما بالعاصمة دمشق.

فقد دخل أحد نشطاء المعارضة بالضاحية في حوار مع جندي شاب قدم من شرق سورية. يقول الناشط «بعد تردد قبل الجندي ساندوتش قدمته له وقال إنه مندهش من أنه وجد شخص يتكلم معه باللغة العربية».

وأضاف الناشط أن الجندي «سأل أين يوجد وأصيب بدهشة كبيرة عندما اكتشف أنه ما زال في دمشق وقال إن ضباط وحدته أبلغوه انه ذاهب في مهمة قتالية إلى إسرائيل لذلك اندهش عندما سمع الناس في إسرائيل تتحدث باللغة العربية وبلكنة سورية».

الأسد يمارس التضليل على أفراد قواته المسلحة. ولكي يمنعهم من الانشقاق يتم نشر الجنود في أماكن جديدة كل عدة أيام وبخاصة في الأحياء الفقيرة شمال العاصمة حيث لن يمكنهم معرفة أين يوجدون ولا توجد هناك شبكات للهاتف المحمول. وهؤلاء الجنود لا يحصلون على أجور لعدة شهور ويقبلون الطعام من سكان المناطق الموجودين فيها وبالتدريج يقبلون الانضمام إلى الثوار.

وبعد أن ضربت مدن حمص وإدلب ودرعا فإن فوضى الحرب وبطشها وصلت إلى العاصمة دمشق حيث نجح الثوار في الوصول إلى قلب العاصمة وتنفيذ هجمات بما في ذلك حي المزة الراقي. يقول رجل أعمال فر من دمشق إلى العاصمة الأردنية عمان إن أصوات الانفجارات وتبادل إطلاق النار يسمع بوضوح في دمشق وأن «القتال دخل مرحلته الأخيرة .. ولكن إلى أي مدى ستستمر هذه المرحلة هل ستستمر شهرا أم سنة؟».

من ناحية فإن الآلة العسكرية لنظام الحكم تستولي على مدينة وراء مدينة. فبعد الاستيلاء على بابا عمرو، استولت على إدلب في الشمال وهي الآن تهاجم مدينة درعا في الجنوب. ويتم قصف الأحياء السكنية بالمدفعية والدبابات. وهناك تقارير عن إعدام مواطنين رميا بالرصاص في الرأس وقد تم العثور على جثث تم نزع أعينها وأطفال تم ضربهم حتى الموت.

وقد تمت زراعة حقول ألغام على الحدود مع كل من لبنان وتركيا لمنع خروج اللاجئين المدنيين حيث يتعرضون للقتل أو للتشويه. وقد رصد تقرير لمنظمة العفو الدولية 31 أسلوب تعذيب تستخدمها السلطات السورية منها الصدمات الكهربائية والاغتصاب وما يطلق عليه «الكرسي الألماني» الذي يؤدي إلى أضرار دائمة في الظهر والأطراف.

ووفقا للتقديرات المتحفظة فإن عدد القتلى في سورية بلغ حوالي 10 آلاف قتيل. ومع ذلك فإن الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا والدول العربية مازالت تبحث عن طريق لفرض المزيد من العقوبات وتوجيه الإنذارات مادامت روسيا والصين تستخدمان حق النقض (الفيتو) لحماية النظام السوري في مجلس الأمن الدولي. في الوقت نفسه فإنه لا توجد أي خطط لتسليح الثوار ولا للتدخل العسكري ضد بشار الأسد.

في المقابل فإنه بدلا من تلاشي التمرد فإنه يتزايد في سورية. وعلى عكس الافتراض القائل بان الجيش السوري الحر (المعارض) يضعف مع كل هزيمة يتلقاها أمام القوات الحكومية فالحقيقة تقول إن هذه القوات الحكومية تعجز عن السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية لفترة طويلة.

وتقول الحكومة السورية إنها تعتزم إجراء انتخابات في السابع من مايو المقبل. وهذا الإعلان ليس أكثر من خداع. فالطغمة الحاكمة التي تتكون من أسرة الأسد وعدد من الجنرالات يمارسون نفس الأساليب التي كان الأسد الأب يمارسها ، فعندما وصل إلى الحكم عام 1970 تعهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بإقامة نظام ديمقراطي ووضع دستور جديد للبلاد. وعندما تصاعدت المقاومة الشعبية ضده في أواخر السبعينيات حاصر المدن وقصفها بالمدفعية ودمر قرى كاملة وأعدم مئات السجناء في حملة قمع استمرت 3 سنوات. في ذلك الوقت لم يكن أحد في العالم يدري شيئا عما يجري من قمع ودموية حتى تسربت أنباء مذبحة مدينة حماة عام 1982 التي تم قصفها بالطائرات والدبابات والمدفعية. ومنذ ذلك الوقت سيطر الهدوء على سورية حتى العام الماضي. أمام كل هذه الحقائق فإنه من العبث أن يتصور الغرب قدرته على التأثير على موقف بشار الأسد من خلال العقوبات الاقتصادية أو الضغوط الدبلوماسية. يقول أحد الدبلوماسيين الأوروبيين في سورية «من الخطأ النظر إلى الديكتاتورية السورية في ضوء معايير الحكومات العادية». وقد اختار هذا الدبلوماسي وهو واحد من عدد قليل من الدبلوماسيين الأوروبيين الذين ما زالوا في دمشق ألفاظه بعناية. وأضاف أن نظام الحكم السوري أشبه بعصابة مافيا مستعدة للدفاع عن مناطق نفوذها بكل الوسائل المتاحة لديها.

حتى وقت قريب كانت لافتة «مرحبا بكم في سورية الأسد» تستقبل القادمين إلى مطار دمشق الدولي. وهذا هو الواقع فعلا حيث إن أسرة الأسد تتعامل مع سورية باعتبارها ملكية خاصة بها. فكل مؤسسات الدولة وكل الأنشطة المشروعة وغير المشروعة في البلاد في قبضة أفراد الطائفة العلوية التي ينتمي الأسد. هذه الطائفة لا تمثل أكثر من 10% من سكان البلاد لكنها تسيطر على المناصب الرئيسية في البلاد.يقول جنود وضباط منشقون عن الجيش السوري إن قادة القوات السورية يرددون باستمرار على القوات عبارة «يجب سحق التمرد بكل الوسائل الممكنة». وقد اتضح ذلك بصورة أكبر من خلال رسائل البريد الإلكتروني للرئيس السوري التي تمت قرصنتها قبل أسابيع.

وقد تأكد طابع المافيا لنظام الأسد بعودة نفوذ اثنين من أبناء عم بشار المعروفين بجرائمهما التي تعود إلى سنوات حكم حافظ الأسد وهما فواز ومنذر الأسد حيث أقام إمبراطورية مافيا في مدينة اللاذقية شمال سورية في التسعينيات وسيطرا على تجارة المخدرات والسلاح وتهريب العاهرات الروسيات إلى سورية.

وبدأ أفراد عصابة فواز ومنذر الأسد من المجرمين والقتلة المعروفين باسم الشبيحة الذين يمارسون كل جرائمهم دون أن يتمكن أحد من أجهزة الأمن المساس بهم.

في عام 1998 تم القبض على منذر الأسد بأوامر من حافظ الأسد وتم سجنه لفترة من الوقت. وفي السنوات الأولى من حكم بشار كان ينظر إلى الشقيقين منذر وفواز باعتبارهما منبوذين في عائلة الأسد. لكن الأمور تغيرت هذه الأيام وأصبح رجالهما يلعبون دورا مهما في مساعدة الأمن ضد الثوار. ويدفع منذر وفواز لكل فرد من الشبيحة ما يعادل 40 دولارا يومياً إلى جانب تصريح لهم بالقتل والضرب. وعلى الرغم من أن العلويين يمثلون الجزء الأكبر من الشبيحة إلا أن هذه المجموعة تضم أيضاً عددا من السنة والدروز والأكراد.

والحقيقة أن نظام حكم الأسد خلق وحشا خرج عن السيطرة. فالليرة السورية تتراجع بشدة أمام الدولار وهو ما يهدد قدرة نظام الحكم على تمويل عصابات الشبيحة. وبمجرد أن تتوقف السلطات عن الدفع للشبيحة فإنهم سيديرون وجوههم إلى المدن الهادئة لكي يهاجموها ويوفروا فرصا لأعمال السلب والنهب.

وحتى في أجهزة الأمن والمخابرات التي يقودها علويون فإن الفساد موجود بقوة حيث يقوم ضباط هذه الأجهزة بالإفراج عن المعتقلين مقابل الحصول على فدية.

ويقول سجناء سابقون إن رجال الأعمال أصبحوا الآن هدفا للاعتقال من جانب أجهزة الأمن والمخابرات طمعا في الحصول على فدية مقابل إطلاق سراحهم.

كل ذلك يقول إن سورية تحولت من الحكم المستبد إلى حكم المافيا.

- تقرير عن (دير شبيجل) الألمانية

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة