ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 02/04/2012/2012 Issue 14431

 14431 الأثنين 10 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

- (السعودة) مفردةٌ (تاريخية) حظيتْ بحضور نشط ومثير في (أجندات) الفكر والممارسة في بلادنا منذ أكثر من عقديْن من الزمن، وقد كانت من قبل (غُصَّةً) صامتةً تعبثُ بالخاطر قبل أن تَتَحوّلَ إلى (نطاقاتٍ) تحاكي ألوانَ الطيف! وهنا، أتذكّر بالفضْلِ والعْرفانِ ما بذله فَقيدُ الوطن والإدارة الكبير، معالي الصديق الدكتور غازي القصيبي الذي شَنَّ (غَزَواتٍ) موفقةً في هذا المجال حتى وفاته رحمه الله، ثم خلفه على الصَّراطِ ذاتِه معالي المهندس عادل فقيه، ليحقَّقَ بعضَ ما كان في الأمسِ أحْلاماً!

- وأحسب أن من أبرز قرارات (توطين) العمالة المحلية أهميةً وأكثرها جرأةً ما يتعلق بموضوع تأنيثِ أقسامِ البيع المعنيةِ بـ(لوازم النساء) الصادر به قرار من مجلس الوزراء الموقر رقم 187 لعام 1426هـ، وتَتَمثُّل جرأتُه في اقتحامِه مؤخراً بعضَ حَواجزِ الـ(تابو) التي كان يتحصَّنُ خلفَها بعضُ معارضِي القرارِ آنفِ البيان، في حين أن الفكرةَ النبيلةَ التي اتّكأ إليها قرارُ الدولة أيَّدها الله كان تجنيبَ المرأة مهَازِل العَبَثِ خدْشاً لشَرفها وكرامتها.

- ونتيجة لتطبيق ذلك القرار الحكيم، والإصرار عليه، التحقت أفواجٌ من النساء للعمل في مراكز بيع السلع الخاصة بهن، في أكثر من مدينة، وقُوبِلتْ هذه الخطوةُ من لدن كثير من الأوساط بالثناء والتقدير.

- أعودُ من حيث بدأت حديثاً عن (السعودة) فأقول: إنّ ما من عاقل في هذه البلاد من ذكر أو أنثى، إلاّ ويقِفُ في (خندق) الإصرار على مبدأ (توطين الوظائف) في كل القطاعات دون استثناء، شَريطةَ أن يكونَ المواطنُ راغباً في العمل، مؤهلاً لأدائه، ومستعداً لتَحمُّلِ تبعاتِه. ويأتي ذلك انطلاقاً من مبدأ أن هذا الإجراءَ في كل الأحوال مسار ذو اتجاهين: فللمواطن الكُفْء حقُّ في التمتع بفرص العمل وجنْي ثمارِها، لأنه أوْلى بخبز بلاده، ولكن عليه في المقابل واجبَ الالتزام بـ(الفروض والنوافل) التي تمليها بيئةُ العمل فيما لا يعرضه للأذى، فتنةً في دينه أو أخلاقه، وبما يحقّق النفعَ له ولمَنْ يعول!

- والحقيقةُ الأهمُّ في هذا السياق أن البحَثَ عن معادلةٍ لإحلال المواطن الكُفْءِ محل الوافد، أو ما اسميه بـ(تطبيع العلاقة) بين القطاع الأهلي والمواطن مسألةٌ جسيمةٌ تستنفرُ كلّ الأذهان، فالدولةُ رعاها الله تعملُ ما في وسعها، لترجمة هذا المبدأ إلى حقيقة، تمْكيناً للمواطن الكُفْء من ممارسة دور عقلاني مسؤول في مجهود التنمية، والقطَاعُ الأهلي بدوره يبذلُ جُهداً في هذا السبيل، لكنه يفعل ذلك أحياناً بشيءٍ من الحَذَر، وقَليلٍ من الثّقة، وقد يكونُ هذا الموقفُ (إفْرازاً) (لحالة الإدمان) للعمالةِ الوافدةِ، الزهيدةِ أجْراً، والغَزيرةِ (استكانةً) لإرادة ربَّ العمل، أمراً ونهياً!

- القطاع الأهلي من جانبه يسوّغ أسلوبَه هذا (بقنَاعاتٍ) افترضَها لنفسه يصرّح بها حيناً، ويلمّح عنها أغلب الأحيان، تتعلق بتأهيل المواطن وكفاءته النفسية والمهنية، ونحن نقول إن لبعض تلك القناعات نصيباً من حق، ولكن يعوز أغلبَها الكثيرُ من الحقّ والعدل!

1) فالقولُ، مثلاً، إن المواطنَ السعودي كسولٌ، قولٌ مرفوض إذا قُصدَ به (التعميم) أما إذا قُصِدَ به الاستثناء، فتلك صفةٌ تتقاسمُها كلُّ شعوب الأرض، دون استثناء! وتخصيصُ المواطن السعودي بخصلة كهذه هروبٌ من التبّعة الأخلاقية والوطنية و(نفْي) لها إلى (متاهات الرفض)، وهي التي يفرضها وجودُه كجزء من القوة الراغبة في العمل والمؤهلة له.

2) والقول بأنّ المواطنَ (مُكلْفٌ) اقتصادياً، نسبةً إلى مثيله الوافد، قد لا يخلو من الحقيقة في ميزان الربح والخسارة، لكن مَنْ ذا الذي يَزعمُ بأنّ المواطنَ يستطيع العيشَ بمثل ما يُدفع أجراً لوافدٍ آسيوي قَدم إلى هذه البلاد هرباً من تخلْف الفقر والفاقة في بلاده؟ وإذا كان هذا الوافد يقبلُ هذا الأجرَ، فلحَاجتهِ الملحّةِ من جهة، ولأن الأجرَ نفسَه في أغلب الظروف والأحوال، يفوقُ ما يمكن أن ينالَه هو أو سواه في بلاده بنسبة تتفق مع المعيار المعيشي السائد بها.

- هذا يعني أن جلسة (محاكمة) مواقف قطاع الأعمال تجاه (توطين العمالة) لن (تُرفَعَ) في الأمد القريب، لكن الزمنَ وحدَه كفيل (بحلحلة) كثير من المواقف والعقبات، بما يثبت الحقَّ حقاً والباطِلَ باطلاً، بإذن الله.

وبعد..،

- فإنّ الرأيَ الراجحَ عندي هو أن الحديثَ عن موضوع توطين الوظائف في القطاع الخاص يتَطلبُ طرْحاً مكثفاً ومستمراً لوجهات النظر المتعدّدة حوله، بما لا يتيحُه النطاقُ المحدود لهذه الزاوية، ويراودني الأمل بأن يُهوَّن بعضُ المنتمين إلى القطاع الأهلي من غلّوهم في تحكيم هاجس (الربح والخسارة) في مواجهة قضية (التوطين) وكأنها غولٌ يُخْشَى بأسُه، انطلاقاً من حسَّ المواطنة والانتماء إلى هذا الكيان: إنساناً ودولةً ونظاماً، والأمل كذلك أن يكون المواطنُ المؤهَّلُ للعمل والراغب فيه سيكون أكْثَرَ جِدّيةً وأقْوى موضُوعيِةً في التعامل مع بيئة العمل واشد التزاماً بقواعد المهنة وأخلاقيات الأداء!

 

الرئة الثالثة
المواطن يطلب (تطبيعاً) لعلاقته بالقطاع الأهلي!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة