ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 02/04/2012/2012 Issue 14431

 14431 الأثنين 10 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قبل أيام قليلة تعرض الملحن المصري الشهير صلاح الشرنوبي لحادثة اختطاف على أيدي مجهولين عقب خروجه من منزله مطالبين بفدية مليوني جنيه للإفراج عنه، ولكن وبعد أيام استطاعت الشرطة أن تعيده إلى منزله وتقبض على المختطفين.

ملابسات حادثة الاختطاف جعلت اسم الشرنوبي يتصدر عناوين الأخبار ومانشيتات الصحف، إذ أصبحت القضية محل نقاش وتحليل، وصارت شخصيته عنواناً لكثير من أحاديث الشباب من جهة والنقاد الذي أعادوا إحياء ذكر مسيرته المطرّزة بالألحان الجميلة والأعمال الخالدة من جهة أخرى، مما جعلني أقول في نفسي: على الرغم من بشاعة الحدث وكمية الذعر التي عاش بها هو وأهله وأحبابه على مدى أيام، “رب ضارة نافعة” فاسم صلاح الشرنوبي كان غريباً على كثير من الشباب في عالمنا العربي وكثير منهم يجهل ما إن كان الشرنوبي كاتباً أم محلناً أم ضابط مخابرات! مما دفع الكثيرين ممن سمعوا بالخبر للبحث عبر الإنترنت عن اسمه والقراءة عن حياته ومسيرته وإنجازاته، بل إن البعض ذهب لسماع أغنيات لحنها لكوكبة من النجوم عبر مسيرته الفنية الطويلة.

هذه الحادثة كشفت فداحة خسائرنا وضعف ثقافة شبابنا وجهل كثير منهم برموز الإبداع بكافة صوره ومجالاته من كتّاب وفنانين وعلماء في عالمنا العربي.

ففي دراسة أجرتها مؤسسة الفكر العربي عن مدى معرفة الشباب بالأدباء العرب، أظهرت الدراسة أن 57% من الشباب العربي لا يعرفون من هو غازي القصيبي وكانت إجاباتهم “لم نسمع عنه” في حين هناك عدد آخر لم يسمعوا بعنترة بن شداد ولا أحمد شوقي ولا حتى المتنبي! وهذه النتيجة على الرغم من قسوتها وعارها إلا أنها متوقّعة في ظل الأرقام المتدنية لنسب القراءة في عالمنا العربي والتي تؤكّدها الدراسات التي أظهرت أن متوسط ساعات القراءة لدى الفرد العربي لا يتجاوز الست الدقائق في العام، مقابل 200 ساعة تقريباً في العام لدى الأوربيين.

هذه النسب المتدنية للقراءة لها أسباب وعليها تترتب نتائج كثيرة.. ولعل أهم الأسباب هو التعليم بأسلوب التلقين والحشو الممل مما خلق علاقة شبه ميتة بين الطالب وشغفه بالاطلاع والبحث عن المعرفة.. فكثير من الطلاب يمزقون الكتب وينثرونها بقسوة آخر العام الدراسي وكأنهم ينتزعون عبئاً ثقيلاً كان جاثماً على صدورهم طيلة العام.

غياب التوجيه التربوي واكتساح البرامج التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي لحياة الناس، وتفشي الفقر والمشاكل الاقتصادية المتعددة، كلها عوامل ساهمت في إخراج جيل يعيش غربة ثقافية حقيقة.. اخرج إلى الشارع واسأل عن التاريخ الإسلامي والأدب العربي والشخصيات البارزة الناجحة في العصر الحالي، فلن تجد أكثر من شخص أو اثنين في أحسن الأحوال قادرين على أن يجيبوا على أسئلتك أو يفهموا عن ماذا تتحدث أصلاً! الأغلبية هم شباب تائهون عاجزون عن التعرف حتى على أنفسهم، يرابطون داخل الاستراحات بصحبة الشاي والفصفص وأوراق البلوت، وشاشة جانبية تنقل وقائع مباراة كرة قدم يشاهدها شباب عاجز حتى عن ممارسة اللعبة ذاتها! فهو مشغول بالتحليل والتنظير أو حتى شتم المتسببين بإخفاقات فريقه المتواصلة! وفي ظل تصاعد أعداد المدارس والجامعات الخاصة أصبح عدد كبير من الجيل الجديد لا يعرف كثيراً من مفردات العربية ولا يعرف تاريخه العربي مما ساهم في دفن ثقافتنا وتقليص ارتباطنا بها، حينما سمحنا لهويتنا أن تذوب كقطعة سكر في الثقافات الأخرى حتى أصبحنا غرباء عنها..

لا نتقن لغتنا، ولا نعرف أبطالنا، ولا نقرأ تاريخنا، ولا نحسن قراءة حاضرنا للتخطيط لمستقبلنا.. حين قصرنا بالتعرّف على روعة الثقافة العربية والإسلامية الزاخرة بالأبطال والثرية بالأمجاد.. بالأدباء والعلماء والمفكرين الذي أناروا البشرية بإبداعاتهم واختراعاتهم وكتاباتهم.. فللأسف فإن كثيراً منا أصبحوا يفضّلون الحديث باللغة الإنجليزية على العربية وأصبحوا كالغربان التي حاولت تقليد مشية العصافير، فلا هي مشت مثلها ولا هي عادت تمشي كما كانت.

أخيراً.. هل يجب أن يُختطف علماؤنا ومبدعونا أو يموتوا ليتحدث عنهم الإعلام ويكرمهم ويعرفهم الناس ويقدروا أعمالهم وإنجازاتهم؟؟ ربما.. ففي هذا الزمن كل شيء بات متوقعاً!

نبض الضمير:

(لا ينمو العقل إلا بثلاثٍ: إدامة التفكير، ومطالعة كتب المفكرين، واليقظة لتجارب الحياة).

مصطفى السباعي

Twitter:@lubnaalkhamis
 

ربيع الكلمة
اختطاف صلاح الشرنوبي.. ربّ ضارة نافعة!
لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة