ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 02/04/2012/2012 Issue 14431

 14431 الأثنين 10 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

صحافة العالم

 

عائلة الأسد..حكم ملطخ بدماء السوريين

رجوع

 

باتريك سيل*

منذ وصول حزب البعث إلى الحكم في سوريا عام 1963 وهو يواجه تحدياً من جانب جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات الإسلامية الأخرى الذين كانوا ومازالوا يعارضون السياسات العلمانية لحزب البعث وسيطرة الأقليات، وبخاصة الأقلية العلوية، على مقاليد السلطة في البلاد.

خلال سنوات حكم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد التي بلغت 30 سنة من 1970 إلى 2000 اشتعلت المواجهة الصريحة بين نظام الحكم والإسلاميين عدة مرات، ثم تجددت المواجهة في عهد ابنه الرئيس الحالي بشار الأسد. ففي فبراير 1982 قمع حافظ الأسد تمردا بقيادة الإخوان المسلمين في مدينة حماة. وبعد ذلك بثلاثة عقود وفي فبراير 2012 يواجه الأسد الابن تمردا شعبيا في مدينة حمص شقيقة مدينة حماة في وسط سوريا. ولكن الأسد الأب والابن رد على التمرد الشعبي بأقصى درجات الدموية والعنف.

الأحداث في العهدين متشابهة بدرجة كبيرة. فكل من حافظ وبشار لم يدركا سريعاً الشكاوى المتزايدة من الفقر والفساد والإهمال الحكومي التي تغذي التمرد. ونظراً لأنهما كهما في القضايا الخارجية فإنهما لم يهتما بالسياسات الداخلية كما غضا بصريهما عن انتهاكات وجرائم المقربين منهما بما في ذلك أفرد أسرتيهما. والأكثر أهمية أن كلا من حافظ وبشار يعتقدان في لحظات الأزمات أن هذه الأزمات ليست صناعة محلية وإنما مؤامرة كونية تشارك فيها أمريكا وإسرائيل للإطاحة بهما، وأن بعض العرب الأعداء يؤيدون هذه المؤامرة.

بالنسبة للأسد الأب فقد كان يؤمن بأن معركته ضد الجماعات الإسلامية هي امتداد لمعاركه الفاشلة ضد إسرائيل والولايات المتحدة من أجل التسوية السياسية بعد حرب أكتوبر 1973. ففي عام 1975 رفض اتفاق فض الاشتباك الثاني في سيناء بين مصر وإسرائيل. وفي عام 1978 رفض اتفاقيات كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل بوساطة الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جيمي كارتر. ثم رفض معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في العام التالي. وكان يرى أن كل ذلك إنما هو حلقة في سلسلة مؤامرات غربية تعود إلى الحرب العالمية الأولي لتقسيم العالم العربي.

وكما كان الأب جاء الابن فكان رد فعل بشار الأسد على اشتعال الاحتجاجات الشعبية ضده العام الماضي هو اعتبارها جزءاً من مؤامرة أمريكية إسرائيلية عربية ضده وضد حليفته إيران.

والحقيقة أن المؤامرات الخارجية التي واجهها حافظ ويواجهها بشار هي حقيقة بالفعل. فأمريكا تدعم إسرائيل بلا حدود وتساعدها ضد أعدائها العرب في كل وقت، ولكن التركيز على نظرية المؤامرة الخارجية فقط أغمض عين حافظ وبشار عن شرعية الغضب الشعبي الداخلي وسبب رد الفعل العنيف والدموي على هذه الاحتجاجات.

وقد اتهم كل من حافظ ثم بشار الأعداء الأجانب بتزويد المتمردين بمعدات اتصالات معقدة للغاية أمريكية الصنع إلى جانب الأسلحة والأموال. وفي عام 1982 صادر نظام حافظ الأسد حوالي 15 مدفعا آليا. والشهر الماضي وعندما استرد نظام بشار السيطرة على ضاحية بابا عمرو بمدينة حمص ادعى أنه صادر كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات الغربية.

وخلال الفترة من 1979 إلى 1981 قتل المسلحون المناوئون لحافظ الأسد حوالي 300 شخص في حلب أغلبهم من البعثيين والعلويين. وردت قوات الأمن بقتل حوالي 2000 من الإسلاميين المعارضين خلال الفترة نفسها كما تم اعتقال عدة آلاف حيث تعرضوا للضرب والتعذيب.

في المقابل، فإن الانتفاضة ضد الرئيس الحالي الأسد الابن بدأت بمظاهرات سلمية واسعة النطاق في العديد من المدن. وعندما استخدم النظام الحاكم الذخيرة الحية ضد المتظاهرين لجأت المعارضة إلى حمل السلاح.

وفي عام 1982 احتاج نظام حافظ الأسد إلى 3 أسابيع تقريبا للقضاء على التمرد واستعادة السيطرة على حماة بعد قتل حوالي 10 آلاف شخص. أما في عام 2012 فإن معركة حمص بمفردها استمرت حوالي شهر. وكما كان الحال في حماة منذ 30 عاما فقد سقط عدد كبير من القتلى والجرحى من المدنيين الأبرياء. كما تعاني حمص من نقص حاد في إمدادات الغذاء والمياه والوقود بسبب حصار القوات الحكومية لها. وبعد سيطرته على حمص أرسل بشار قواته إلى مدينة إدلب في شمال سوريا.

وحتى الآن فإن الإخوان المسلمين هي الفصيل الرئيسي في التمرد الحالي ضد بشار. ولكن في الوقت نفسه فإن حركة التمرد ليست كيانا واحدا وإنما تضم حوالي أربعة أو خمسة كيانات لكل منها مؤيدوها الخارجيون. ويؤكد أغلب المراقبين أن جماعة الإخوان المسلمين هي أفضل جماعات المعارضة السورية تنظيما وتمويلا.

وكما كان التمرد المسلح ضد حافظ الأسد خلال الفترة من 1976 إلى 1982 حماقة سياسية نجح الأسد في قمعها ليستمر في الحكم حوالي عقدين بعد ذلك، فإن تسليح المعارضة اليوم لن يؤدي إلا إلى توفير مبرر لبشار الأسد لكي يستخدم أقصى درجات البطش ضدها.

ورغم استمرار نظام الحكم في استخدام القوة ورفض المعارضة التخلي عن سلاحها مازالت هناك فرصة أمام الوسيط الأممي كوفي عنان لينجح في وقف العنف بداية ثم الوصول إلى تسوية سياسية بعد ذلك. فعلى الجانبين هناك رجال يدركون استحالة إنهاء الأزمة عسكريا لذلك يجب منح جهود السلام فرصة. ولكن في المقابل هناك صقور لا يريدون السلام في الولايات المتحدة وإسرائيل وبعضهم يسعون إلى إسقاط بشار الأسد وأحمدي نجاد في إيران بأي وسيلة.

إن كلا من حافظ وبشار اعتمدا على القوة لقمع معارضيهما وبفضل الخوف منه وربما الإعجاب به من جانب قطاعات عريضة من الشعب السوري نجح حافظ الأسد في الانتصار على المعارضة والبقاء في السلطة 30 عاما حتى وفاته لأسباب طبيعية ليخلفه ابنه بشار.

ولكن الأسد الابن يبدو أكثر غموضا وأقل حنكة من والده، ولذلك فهو لا يمثل النموذج التقليدي للزعيم العربي. ورغم نجاحه في مواجهة الثورة على مدى أكثر من عام فإنه من المستبعد أن يكرر تجربة والده في البقاء.

* كاتب متخصص في شئون الشرق الأوسط - دورية (فورين أفيرز) الأمريكية

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة