ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Tuesday 03/04/2012/2012 Issue 14432

 14432 الثلاثاء 11 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

إن العلاقة مع الواقع هي، من حيث تعريفها، علاقة مع الحاضر، بصفتيه الزمنية والمكانية. أي إنها إعادة تصالح مع المكان (الجغرافيا السوسيو - ديموغرافية)، ومع الزمن الحاضر، الذي نعيش فيه.

الحاضر هو مستقبل البارحة، وهو ماضي الغد.

إن التصالح مع الحاضر يشترط القدرة على فهم الحاضر، وعلى وعي أي مجتمع لـ “مكانه” في هذا العالم، وعلى تحديد “مساحته” الحيوية.

إن التصالح مع الحاضر يشترط فهم المكان والزمان الحاضرين، بالدرجة الأولى، والقدرة على رؤيتهما معا، ورؤية أي مجتمع لنفسه ودوره، من خلالهما. بمعنى أوضح: رؤية الصورة مُجتمعة، لا بجزئياتها.

إن محاولة وعي الصورة مُجتمعة، ليست بالعمل السهل، بل هي هدف يتطلب تحقيقه كثيراً من الجهد الجدّي النظري والبحثي، في كل المجالات، لتحديد موقع أي مجتمع من حركة العالم، التي تمرّ مفاهيمه وقيمه المُتغيّرة باستمرار، بشكل أفقي فوق مجتمعات لم تفهم بعد واقع الحاضر، وبشكل عمودي فوق مجتمعات الحداثة.

إن دور أي مجتمع لا يكون برمزيته، بل بحاجة العالم إليه. ومجتمع لا وجود فيه لأسرة علمية وطنية، هو مجتمع لا دفة فيه وله، في الأساس.

الزمن، بلا شك، هو العامل الأهمّ في ثقافة المجتمعات الحديثة وتطوّر علومها..

الزمن هو الذي يـُحدّد القيم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لإنتاجات المجتمعات. لو تأخر، مثلاً، (الأخوان لوميير) الفرنسيان، سنة واحدة فقط، في الإعلان عن اختراعهما السينمائي أمام العالم، لكان سبقهما إليه (توماس أديسون) الأمريكي، الذي توصّل إلى الاختراع نفسه، لكنه لم يُطلقه، ولم يُعلن عنه في حينه، ولاستتبعت ذلك تغييرات جذرية على ماهية الفن السينمائي الناشئ عصر ذاك، وقدراته المستقبلية.

إن العرب لا يُولون الزمن أي اهتمام، أو أهمية، فلو استمرّ حفر الإسفلت سنة أو سنتين، بدل شهرين، لما اكترث أحد، لأن ذلك لا يـُشكّل أي فارق لدى كثير من المسؤولين أو المواطنين. ولو استغرق إنشاء جسر أو نفق سنوات، بدل شهور، فهذا أمر طبيعي، لا يسأل أحد من المواطنين عن هذه السنوات الضائعة، ولا يُسأل أحد من المسؤولين عن أسباب هذا التأخير. بل لو تأخر المرء عن موعده لساعات، فهذا أمر غير مُستغرب من الأغلبية العربية العظمى، ولن تـُصادف غير قليل ممن يستنكرون هذا التأخير، أو يُبالون به.

إن هذا الإهدار في الزمن، يجعل معظم العرب، يوماً بعد يوم، أكثر ابتعاداً ونأياً، عن أي فرص في اللحاق بالمكان اللائق بين المجتمعات الأخرى، الذي يتغنى به الجميع، منذ سقوط غرناطة.

- ها إن الهواء العربي يقف في العراء، رافعاً يديه إلى.. أعلى.

- في غياب التخطيط والتنظيم والوعي والنزاهة، وتجاهل تطوير العلوم وإثراء الثقافة، يُمكن للخشب أن يأكل الرخام، وقد يقضم الحديد.

Zuhdi.alfateh@gmail.com
 

في الخشب عندما يقضم الحديد
زهدي الفاتح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة