ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Saturday 07/04/2012/2012 Issue 14436

 14436 السبت 15 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

حدث صديقٌ عن جدته عن جده الشيخ قال: كانت النسوةُ يأتينه ليستفتينه في مسائلهن فيهمسن لها بما يشأنه وتنقلها بدورها إليه ثم يجيبهن جهراً، وأردف قولا لها عنه يخص عدمَ رؤيته غطاء الوجه واقتناعه بكشفه واليدين لكنه لا يستطيع إعلان رأيه للعامة.

وحدث آخرُ عن أبيه الشيخ أيضًا أنه يرى جمع الصلوات للضرورة ولو لم تكن مطرًا أو سفرًا مستندًا لحديثٍ ذائع غير أنه لن يفتي بذلك للعامة.

ووعى عن نفسه رأيَ الأصوليّ الفقيه “نجم الدين الطوفي”- من علماء القرن الثامن- الذي يرى تقديمَ المصلحة على النص، وعرف أن من تصانيفه ما يُدرّس في الكليات الشرعية السلفية رغم ما روي عن وسمه نفسه بقوله: “حنبليٌ رافضيٌ أشعريٌ هذه إحدى العبر”؛ متندرًا بمن عدوه متناقضًا، وتبقى نظريته فتحًا في بابها لكنها محجوبةٌ عن العامة أو مؤولةٌ لهم

أمثلةٌ سريعةٌ تنطبق على زمنٍ مضى لكنها لا تصلح اليوم؛ فلم يعد ثمة عامةٌ،والمرجعية الحاجبة المحجوبة انتهت بدخول وسائط الاتصال، والمعرفة باتت مشتركًا إنسانيّا شاملا، وكنا نغبط من يعرف قائل البيت ومؤلف الكتاب وعاصمة الدولة ونعده في الأعلََين فصارت المعلومة رهنَ زر، ومن يدري فقد يجيء زمن نستدعي فيه المعلومة بمجرد التفكير بها، وربما نجحوا في زرع شريحة صغيرة في رأس الإنسان تحيله إلى مكتبةٍ موسوعية.

تقاصر “وسيتقاصر أكثر” دورُ الفقهاء الأرضيين والفضائيين والرقميين ؛ فالمرء قادر بلمسة الزر ذاتها أن يحصل على الفتوى وفق كل المذاهب دون عناء، وله حق الترجيح بينها متى ما وثق مصادره منها دون أن تُحجب عنه فتوىً مشرعةٌ مشروعةٌ لأنه من العامة، وهو ما يعني عدمَ الاكتفاء بقولٍ واحد عند إجابة المستفتين في القضايا الخلافية كيلا يضطروا للبحث بطرائقهم عن الآراء الأخرى والمفاضلة بينها، وهو ما قال بمثله “الإمام الشاطبي” الذي تحدث عن “اجتهاد العامي” - كما طرحه مفصلا الدكتور عبد الله الغذامي في كتابه “الفقيه الفضائي” - وأشار فيه إلى رأي الإمام “ابن القيم” في تغير الفتوى وفق الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد.

المتغيرات القادمةُ إثرَ ما يسمى الربيعَ العربي ليست سياسيةً فقط بل هي ثقافية واجتماعيةٌ كذلك، ومن يقرأُ إرهاصاتِ الغد المتحول يدرك أن زمن الحصانات انتهى ؛فلا أحد فوق المساءلة، كما لا طاعة مطلقةً لقبعةٍ ملونةٍ بطبقيةٍ وظيفيةٍ أو امتيازٍ نخبوي، وليس المطلوبُ أكثرَ من ألا يبقى العامةُ في ذهن الوصيِّ قُصَّرًا يرسمَ لهم خطوط سيرهم، ويكفيه أن يشعرهم بالسبل السالكةِ جميعها ويشير لما يرجحه منها، وليس الأمر بعسير.

التغيير لا يستأذن.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon
 

هل بقي عوام ؟
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة